ذوق العراقيين “صعب” في لون الخبز.. الحنطة ممتازة وبريئة من “السيّال”

964 – ميسون الشاهين

شكاوى لا تتوقف ينقلها مراسلو شبكة 964 من عدة مدن ضد طحين الحصة، فهو “سيال” لا يصلح للخبز، وتفتح هذه المشكلة الحديث عن مدى جودة الحنطة العراقية وسبب الاضطرار إلى خلطها بأصناف مستوردة، وتحدثنا في هذا الشأن إلى 3 من كبار مسؤولي الزراعة في البلاد، وقد أجمعوا على أن الحنطة العراقية لم تعد كالسابق، بل صارت من بين أجود الأصناف العالمية، لكن مشاكل الطحين التي يتحدث عنها المواطنون تتعلق بما يجري في المطاحن، ويقول المسؤولون إنه ليس هناك أي سبب الآن يدعو لخلط الحنطة العراقية بالمستوردة، لكن ذائقة العراقيين صارت تفضّل الخبز فائق البياض، وهذا هو السبب الوحيد لعملية الخلط التي تجريها بعض المطاحن، وفي التقرير التالي تفاصيل هامة عن تطور مستوى القمح وأهم الأصناف التي طورها العراق مؤخراً.

ويبين المتحدث باسم وزارة الزراعة محمد الخزاعي لشبكة 964، بأن الحنطة المحلية المتوفرة الآن ذات جودة وإنتاجية عالية ولا حاجة لخلطها، مشيراً إلى أن ذلك بات أمراً من الماضي سيما بعد أن أصدرت وزارة التجارة توضيحاً رسمياً حول الاستغناء عن الخلط مع أصناف أجنبية، فيما يؤكد مدير زراعة نينوى عبدالله حمو لشبكة 964 أن الخلط لا يتعلق بوزارة الزراعة أو البذور، بل بشركة الحبوب والمطاحن وأن أي خلل في الدقيق يتعلق بعملية الطحن.

وتعتمد اللجنة الوطنية لتسجيل واعتماد الأصناف أكثر من 100 صنف من الحنطة فيما يتعامل المزارعون مع نحو 12 صنفاً محلياً، أبرزها “الإباء 99” و”شام 6″، إلى جانب صنف “الوفية” المستورد، وفقاً للخزاعي الذي يؤكد أن الأصناف المحلية باتت منافسة للأجنبية في الأسعار والجودة، سيما مع استمرار عمليات التطوير على البذور من قبل الوزارة.

ويلفت حمو إلى أن استيراد الحنطة وزراعتها يجب أن يكون حسب المنطقة، ففي حال اعتمادها على الأمطار الديمية يجب اللجوء لأصناف مقاومة للجفاف، أما عند اعتماد الري بالمرشات فيجب اعتماد أصناف ذات إنتاجية مرتفعة وإنبات عال، فيما يوضح معاون مدير زراعة النجف ثامر الكلابي لشبكة 964 أن ظروف الخزن وعملية الطحن تؤثر أحياناً على جودة الدقيق، مشيراً إلى أن المواطن العراقي يستهلك الخبز بكميات كثيرة ويرغبه باللون الأبيض الأمر الذي يعتبر سبباً للجوء إلى خلط الدقيق المحلي مع آخر مستورد شديد البياض، وينوه الكلابي إلى أن النجف الآن باتت تعتمد على صنفين “الإباء” المحلي و”الوفية” المستورد بعدما أثبت نجاحه في عدة مواسم.

وكانت وزارة الزراعة قد أعلنت منتصف عام 2023، نجاح دائرة البحوث الزراعية وفحص البذور باستنباط أصناف جديدة من الحنطة مقاومة للظروف البيئية والملوحة في البلاد، منها “بحوث 22، مودة، شام6، البركة، ووفية، وقد أنتجت ما يعادل الطن للدونم الواحد”، وتم اعتماد تلك الأصناف وإضافتها إلى قاعدة البيانات لديها، ويمكن الاطلاع على تفاصيل الأصناف المعتمدة لعام 2024 من خلال هذا الملف الأصناف المعتمدة لعام 2024.

التجارة تقر بشراء الحنطة الأسترالية: نخلطها مع المحلية ونوزعها على المواطنين

تلعفر ترفض الأكل إلا من سايلو تلعفر.. الحنطة الأخرى يصعب خبزها

محمد الخزاعي – المتحدث باسم وزارة الزراعة، لشبكة 964:

أصناف الحنطة المعتمدة حالياً من قبل اللجنة الوطنية لاعتماد الأصناف تتجاوز 100 صنف، لكن الأنواع المنتشرة والتي تتعامل بها الوزارة كبذور تتراوح بين 10 إلى 12 صنفاً وهي ذات جودة عالية.

أبرز الأصناف التي يتعامل بها المزارعون والفلاحون هي الإباء 99، البحوث 22، شام 6 وبحوث 10، الرشيد، بابل، بغداد، المودة، والبركة.

الحنطة المحلية الموجودة، جيدة جداً ولا يوجد بها أي مشاكل كما أن إنتاجيتها عالية عند منتجي البذور ولا داعي لخلطها، وهذا مثبت عبر بيان رسمي من وزارة التجارة، أعلنت فيه أنها استغنت عن الخلط مع الأصناف المستوردة، لأن الأصناف المحلية جيدة وتخضع لعمليات تطوير مستمرة من قبل باحثي الوزارة، وحالياً التجارة تكتفي بالأصناف المنتجة من قبل وزارة الزراعة.

الأصناف المستوردة تكون هجينة، تزرع لمرة واحدة وأسعارها مرتفعة جداً تعادل 7 إلى 10 أضعاف الذي تبيعه وزارة الزراعة للفلاحين، صحيح أن إنتاجيتها تكون جيدة لكن فرق السعر بينها وبين وزارة الزراعة كبير جداً، لذا البذور المحلية أفضل.

البذور المستوردة موجودة بأصناف كثيرة، أبرزها؛ الوفية، برشلونة، ونزار إلى جانب أصناف كثيرة أخرى، ويعود ذلك إلى قدرة المزارعين على شراء هذه الأصناف، لكن الأصناف المحلية هي أصناف منافسة وموجودة في برامج الوزارة وبرامج التصديق ومستمرون بالعمل عليها وتطويرها، ولدينا سلسلة متكاملة من إنتاج البذور بأفضل المواصفات.

الحنطة فتحت علينا نيران الاستهداف.. الزراعة غاضبة من فيديو الأسمدة المسرطنة

عبدالله حمو – مدير زراعة نينوى، لشبكة 964:

نستورد من الخارج أصنافاً معينة بنقاوة عالية ونسبة إنبات عالية ولكن نسبتها قليلة لأن هناك شركات لإنتاج البذور وهي شركة ما بين النهرين، الشركة العراقية للبذور، شركة تكنولوجيا البذور، وجميعها تتبع لوزارة الزراعة، ومختصة بإنتاج البذور وتهجينها وإنتاج أصناف جديدة.

زراعة الحنطة في العراق تعتمد على عدة عوامل تتعلق بالري والمناطق الديمية، وتتأثر بالمناخ واستخدام الري الحديث.

إدخال أصناف جديدة له اتجاهان، الأول هو المنطقة التي سيزرع بها إن كانت ديمية تعتمد على الأمطار، حينها يجب أن تكون الأصناف مقاومة للجفاف، أما المناطق التي تستخدم تقانات الري الحديث فيجب اعتماد أصناف ذات إنتاجية عالية وإنبات عال.

الوقت لا يسعفنا لإكثار كميات كبيرة من أصناف الحنطة لأن المساحات الزراعية كبيرة في العراق لذلك أحياناً نلجأ للاستيراد.

في نينوى لدينا مناطق زراعية مروية مضمونة الأمطار، أو شبه مضمونة الأمطار، وأخرى غير مضمونة الأمطار، وزراعة الأصناف يعتمد على المنطقة ونسبة الإرواء، وطبيعة التربة، إلى جانب نسبة الملوحة وعلى ذلك يتوقف نجاح الصنف.

خلط دقيق الحنطة المحلية مع آخر مستورد يتعلق بشركة الحبوب والمطاحن، وليس بوزارة الزراعة، فالجودة تتعلق بعملية الطحن في المطاحن.

كان سابقاً يوجد أصناف حنطة تسمى أصناف “خشنة”، ولكنها لم تعد تستخدم اليوم، والدولة لا تستلم هذه الأصناف لأنها خاصة بالبرغل والشعيرية.

نستورد في الغالب من تركيا أو الولايات أو كندا، ونعتمد صنف “الوفية” و”العربية”، وهذه ذات إنتاجية عالية وتستخدم في المناطق المروية.

وزارة الزراعة تجهز الفلاحين بالبذور من شركات إنتاج البذور، وبسعر مدعوم.

الأصناف المستوردة لا تزرع في المناطق الديمية ونينوى 90% منها مناطق ديمية، فيما الأصناف المستوردة غالباً تزرع وتروى في المرشات.

قبل سنتين كان هناك جفاف كبير، والمناطق التي شهدت إنتاجاً، هي التي استخدمت المرشات.

الدولة لا تستورد أصناف حنطة، لأن الحكومة الآن تنتج أصنافاً وتدعم الفلاحين بالبذور، والقطاع الخاص هو الذي يستورد بذوراً ويبيعها للفلاحين عن طريق المكاتب الزراعية الخاصة.

السليمانية تبتكر نوعين من الحنطة وبغداد تصدق ذلك.. مقاومة للجفاف والرطوبة أيضاً

ثامر الكلابي – معاون مدير زراعة النجف، لشبكة 964:

لدينا أصناف متعددة وغالبيتها محلية، يزرعها الفلاحون ويحتفظون بجزء منها كرصيد للموسم المقبل، منها صنف “إباء”، كما لدينا أصناف مستوردة تركية، وإيطالية ومنها صنف “وفية” وهو من الأصناف المعتمدة حالياً في النجف، لأنه نجح في المحافظة، وأثبت نجاحه بعد زراعته عدة مواسم.

حنطة العراق ليست سيئة لكن أحياناً ظروف الخزن قد تؤثر على نوعية الحنطة، أو ظروف عملية الطحن.

المستهلك العراقي يرغب أن تكون الحنطة بيضاء ناصعة وسهلة الخبز لأن العراق يستهلك الخبز الأبيض بكميات كبيرة، ويفضل أن يكون لونه أبيض، في حين أن العراقية الموجود حالياً ليست ناصعة البياض والدقيق الناتج عنها “أسمر قليلاً” وأحياناً تتعرض لسوء خزن، فيلجؤون لخلطها لكي تنتج الخبز بلون أبيض ناصع كما يفضله العراقيون.

خلط الدقيق أمر قديم في العراق، إذ أن السنوات السابقة لم يكن لدينا إنتاج وفير من الحنطة وكنا نعتمد على المستورد، في حين أن السنتين الأخيرتين، الإنتاج وصل لمرحلة الاكتفاء والاستعانة بالمستورد أصبح أقل بكثير.

هناك توجه وزاري للاهتمام بزراعة الحنطة، لأنها محصول استراتيجي، واتجهت الوزارة اليوم لأن توفر للنجف وباقي المناطق الصحراوية، مرشات حديثة، لتعويض نقص المياه، كما أن مساحات المناطق الصحراوية التي أدخلت في الخطة الزراعية، ساعدت بتوفير محصول وفير بالاعتماد على المرشات ومياه الآبار.

الزراعة تعتمد كثيراً على البيئة، طبيعة التربة العراقية، المياه الموجودة في الأنهار والآبار، وطبيعة الحرارة تحتم أصنافاً معينة تنجح في هذه البيئة، وغالباً الأصناف البيضاء قد لا تنجح في العراق.