بصمات القزاونة وآل شلاه

مبارك يتأمل شناشيل المدن الأربعة.. ماذا بين البصرة والحلة وبغداد والموصل؟

الحلة (بابل) 964

سمع الأوروبيون بشناشيل العراق للمرة الأولى عبر مدونات الرحالة الأوائل الذين مروا ببلاد ما بين النهرين، ثم شاهدوها لاحقاً تتجسد في لوحات المستشرقين، كأحد فنون المشرق وثيماته الأساسية إلى جانب النخلة والقبة والجمل والصحراء والفرس والعمامة والعباءة، وهو ما أثر بشكل واضح وربما تداخل مع الطراز المعماري لبعض كنائس أوروبا الشرقية، ثم انتشر تشكيليون عراقيون في أرجاء أوروبا والعالم وعرضوا أعمالهم، ومن بينهم.. سعد مبارك الذي تمكن من إيصال بعض أعماله إلى معارض فرنسا وأستراليا، وما زال يستغرق في محاولة فهم هذا الإرث العراقي.

والشناشيل واجهات تُصنع يدوياً من الخشب، ويتم تعشيقها ببناء البيت العراقي مثل الشُرفة، سواءً لأغراض جمالية أو للخزن أو الجلوس أمام إطلالة المكان، وصار الأمر يتعلق لاحقاً بالثراء أو التباهي أو إظهار الوجاهة والمكانة، وعند الحديث عن الشناشيل فغالباً ما تُذكر البصرة بأبنيتها الشهيرة كما في نظران، أو شوارع بغداد القديمة، أما مبارك فيركز على تاريخ عريق بين الحلة والشناشيل مثل واجهات بيوت السادة القزاونة وآل شلاه، وقد وجد علاقة معمارية خاصة تربط بين شناشيل البصرة وبين الطابع العمراني في الحلة وبغداد والموصل، غير أن الأخيرة اقتربت من روح جارتها حلب، وأضافت نقوشاً إسلامية إلى الشناشيل.

يرفض مبارك استخدام مكائن “سي أن سي” الحديثة، يقول إن الأعمال يجب أن “تصاغ صياغة” باليد، ويتباهى بعمل طلبته شخصية موصلية، لبناء واجهة منزل بطراز الشناشيل البغدادية، لكنه ورغم انتشار أعماله في أبعد القارات، ما زال يحلم بإنشاء أول عمل كبير في مدينته الحلة.

سعد مبارك – فنان، لشبكة 964:

نتيجة البيئة التي نشأت فيها، تولد عندي حب الشناشيل بعد أن كانت واجهات البيوت تتزين بهذا اللون من العمارة، مثل بيت آل شلاه والسادة القزاونة.

الشناشيل كانت تقتصر على واجهات بيوت أغنياء المدينة والوجهاء، وجزء من الترف العمراني وتنفذ في الطابق الثاني من المنازل عادة، وهي موروث عراقي له عشاقه في جميع المحافظات.

البصرة وبغداد والحلة متشابهة بالطراز الفني للشناشيل، أما شناشيل الموصل فتميل إلى الطابع الحلبي أو العثماني حيث تمتزج بها الزخرفة الإسلامية.

أعمالي منتشرة في كل محافظات العراق باستثناء مدينتي، سوى عمل بسيط لأحد البيوتات الحلية، وكذلك قبل سنتين نفذت عملاً في أحد مطاعم الحلة، ولكن بشكلٍ عام كل أعمالي خارج المحافظة.

لدي أعمال وصلت إلى خارج العراق، واحد في أستراليا والآخر في فرنسا، إضافة إلى 6 جداريات في عمان وكل هذه الأعمال مهمة.

أكبر عمل أنتجته كان في الموصل وحصلت بعدها على تكريم من محافظ الموصل نجم الجبوري، والعمل تمثل بتغليف منزل كامل بالشناشيل واستغرق العمل سنة كاملة.

لم أشارك في أي مسابقة، ومشاركاتي تقتصر على المهرجانات الكبيرة، وآخرها كان في مهرجان بابل الدولي للثقافات والفنون العالمية.

أغلب الأعمال تنجز يدوياً ولا استخدم المكائن، لأنها تفقد الأعمال الفنية روحيتها، أما وقت العمل فيكون حسب حجم اللوحة وبعضها يستغرق شهراً أو أكثر.