أحمد خجة.. آخر معلم نجا من التحديث

سوق اليهودية.. محط رحال زوار بلاد فارس إلى كربلاء

خانقين (ديالى) 964

طيلة قرون وقرون.. مرّت من هذه النقطة الستراتيجية في خانقين قوافل التجارة بين فارس وبلاد الرافدين إلى جانب الزوار القادمين من الشرق إلى العتبات المقدسة، ويقول الباحث التاريخي عباس محمد إن آخر ما تبقى من هذه المحطة التاريخية للمسافرين هو مطعم “أحمد خجة” الكببجي القديم الذي يصر على الاحتفاظ بديكوره القديم بناءً على وصية والده الراحل مؤسس المطعم، ويتذكر أيام الوجود اليهودي والمسيحي في السوق الذي يُطلق عليه اليوم سوق “محمود شكري”.

عباس محمد – باحث في التاريخ، لشبكة 964:

سوق خانقين القديم يعود تاريخه إلى مئات السنين، أما تأسيسه الحديث فيعود إلى ما بين (1900 – 1915) خلال العهد العثماني، وحين تأسس كان عبارة عن خانات تستقبل التجار القادمين من بلاد فارس باتجاه العراق (بلاد الرافدين) أو الذين يقصدون الأماكن المقدسة، فكانوا يستخدمون هذا المكان للبقاء حتى يُكملوا سفرهم.

كان يُدار سابقاً بشكل كامل من قبل التجار اليهود، ومع تطور الزمن تحولت هذه الخانات إلى أماكن تبادل تجاري، ثم أصبحت أسواقاً يسيطر عليها التجار اليهود والمسيحيون، وكانت الحركة التجارية متمثلة ببيع الأقمشة والسلع الأخرى وكذلك الذهب.

بعدها تطور السوق شيئاً فشيئاً، واختلط فيه تجار من الكرد والعرب والتركمان، وتطور السوق عبر فترات من الزمن، لكن في الفترات الأخيرة تراجع، ولم يبقَ من التجار القدامى من يُذكر حالياً، لكن بقي السوق محافظاً على آثاره إلى هذه اللحظة.

قيصرية أحمد خجة هي مطعم شعبي للكباب العراقي، ما زال محافظاً على شكله القديم وأدواته منذ أكثر من 60 عاماً وحتى اليوم.

بعض المحلات ما زالت على هيئتها القديمة، بينما غيّر البعض الآخر شكلها. أما شكل السوق الحالي فبقي على حاله باستثناء بعض التطويرات أو الإجراءات التي قام بها أصحاب المحلات، لأن السوق قديم ومتهالك، وكان المطر يتساقط على أصحاب المحلات، فقاموا ببناء جدار داخلي، لكنه بقي محافظاً على هيئته القديمة.

سلام أحمد – صاحب مطعم “أحمد خجة”، لشبكة 964:

تم افتتاح المطعم عام 1952 من قبل الحاج أحمد خجة في هذا السوق، واسمه اليوم سوق “محمود شكري”، وكان هذا السوق سوقاً لصياغة الذهب، واليهود هم مَن بنوا السوق، ومعبد التوراة خلف المطعم، لكنه تهدم لاحقاً وأصبح شارعاً، وكذلك كان يتواجد المسيحيون في هذا السوق.

مطعمنا مفتوح منذ عام 1952 إلى عام 2023 حين توفي الوالد الحاج احمد خجة، فتوليت الإدارة وإلى هذا اليوم العمل مستمر، وأبقيت الديكور كما كان في السابق لأن هذه وصية الوالد.

كان سوق خانقين بالكامل هنا، أما اليوم فلم يبقَ كما كان، إذ أصبحت الأسواق متفرقة، لأن خانقين توسعت أكثر، وكانت قبل سقوط النظام السابق تضم نحو 10 آلاف نسمة، أما اليوم فأصبحت ربما 300 ألف نسمة.

المطعم اسمه كباب يوسف أحمد خجة منذ عام 1952، وسُمّي على اسم النبي يوسف، ولكنه مشهور باسم مطعم “أحمد خجة” على اسم والدي، الذي توفي في 27 تشرين الأول عام 2023 في خانقين، وكان هذا السوق ملكاً لبيت مجيد أفندي، وما زال منهم عدد قليل هنا، وقبل 3 أيام جاء أحدهم من هولندا لزيارة السوق ومحل والدي، وقد رأى المحل وصوّره ثم عاد إلى هولندا.

الزبائن هنا ما زالوا متنوعين، وكل ما يطلبه الزبون متوفر، ولدينا زبائن يأتون من البصرة إلى هنا، والصور المعلقة على الجدار قديمة جداً ولا توجد في أي مكان آخر بالعراق، وأنا لا أغير مكان المطعم إلى هذا اليوم، وجميع العاملين هنا من عائلة واحدة (أولاد أخ، أولاد أخت).