964
طرح الباحث العراقي البارز الدكتور هشام داود، مجموعة تساؤلات تخص بناء الدولة، خلال تعليقه على تظاهرة عشيرة رئيس الوزراء محمد السوداني، ضد الكاتب غالب الشابندر الذي يواصل انتقاد الحكومة ورئيسها، وتضمن استعراض داود مقارنة تاريخية مع نظام صدام حسين الذي استخدمت فيه العشيرة خلال أحداث بارزة يتعلق بعضها بتصفية حتى أصهاره منتصف التسعينات.
ماكرون يعترف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة… ولكن ماذا بعد؟ – تعليق هشام داود
السوداني خسر الإطار ولم يربح ترامب.. هشام داود: انتخابات العراق أغلى من فرنسا
هشام داود يكتب عن البابا الجديد وترامب ويقارن الفاتيكان بالحوزة
إيران في العراق “أمر بين أمرين” مع ترامب.. المفكر هشام داود يعود بفكرة
مقال الدكتور هشام الداود، الباحث في الانثروبولوجيا الاجتماعية، في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية، خص به شبكة 964:
في وقت يُعيد البرلمان العراقي طرح مشروع قانون “حرية التعبير”، والذي يُفترض أن يكرّس حق النقد وحرية الرأي، شهد العراق حدثاً يُجسّد تماماً المسافة بين النص القانوني والواقع السياسي: تظاهرة عشائرية صاخبة، حملت طابع التهديد، ضد الكاتب العراقي غالب الشابندر، لانتقاده أداء رئيس الحكومة وفساد الطبقة السياسية.
اللافت والمثير للقلق، أن هذه التظاهرة لم تأتِ من جماعة مجهولة أو طرف يشعر بالضرر من رأي يمكنه الذهاب للقضاء بشأنه، بل من عشيرة رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني نفسه. ومن المؤسف أن هذه التظاهرة العشائرية لم تُقابل برفض أو حتى تبرؤ من قبل رئيس الحكومة، بل ما شاع وتداول وما صرح به مسؤولو التجمع، أن الأمر تم بموافقته، وربما بطلب منه، في مشهد سريالي يكرس لاستخدام العشيرة من قبل أعلى مسؤول في الدولة كأداة انتقام سياسي ضد كاتب، عبّر عن رأي، في حين كان يمكن لرئيس مجلس الوزراء أو لعشيرته التوجه بشكل حضاري للقضاء.
رئيس وزراء الدولة.. أم شيخ العشيرة؟
من الغريب أن يأتي هذا السلوك من رئيس وزراء يراه البعض رجلاً مدنياً، إصلاحياً، منفتحاً على العصرنة والتحديث. وهو ذاته الذي كان وزيراً لحقوق الإنسان، يرسل مستشاريه يوميا إلى أوروبا وأمريكا لإقناع الفاعلين الدوليين بأن بقاءه في منصبه مكسب لـ”حقوق الإنسان” و”للمرأة” و”الديمقراطية”، فيما يُطلق يد عشيرته في الداخل لقمع كاتب رأي، لا لشيء سوى أنه يعبر بطريقته عمّا يراه من خلل في بنية الحكم والإدارة وهيمنة الزبائنية (بمعزل إن كنا متفقين معه أم لا).
العشيرة كأداة سلطوية.. لا كمرجعية اجتماعية
لا أحد ينكر أن العشيرة كانت – ولا تزال – جزءاً من النسيج الاجتماعي العراقي. لكنها اليوم لم تعد كما كانت: العشيرة لم تعد رابطة اجتماعية متراصة تقوم على أيديولوجية النسب الواحد والتكافل العضوي والقيم الجماعية المشتركة، بل تحوّلت إلى بنية هجينة تُستخدم أيضا كأداة في الصراع السياسي. نحن لا نتحدث عن العشيرة كتاريخ ولا نعني جميع العشائر، بل عن “العشائرية” كأيديولوجيا عصبية – بالمعنى الخلدوني – تُستثمر لإدارة السلطة، لا لموازنتها. وهنا يكمن الخطر.
هذا التحوّل البنيوي في وظيفة العشيرة، حوّلها من مظلة حماية اجتماعية لأشخاص، إلى ذراع عقابية خارج القانون. وهنا يتجلى أحد أكبر تناقضات الدولة العراقية الحديثة: حين تُستَبدل مؤسسات الدولة بمنطق “المضيف”، ويُدار الحكم بعقلية الشيخ لا المسؤول، تُختزل الدولة إلى جماعة ثم إلى بيت الرئيس، والمؤسسات إلى عصبة، والقانون إلى أداة انتقائية.
ادانة ما حصل لغالب الشابندر.. أياً كان رأينا فيه
الكاتب غالب الشابندر ليس فوق النقد وحتما ليس فوق القانون. وربما يختلف معه الكثيرون في الرأي أو المنهج. لكن ادانة ما جرى ليس تضامناً مع “شخص”، بل مع “حق” يكفله الدستور. حق كل كاتب وصحفي ومواطن في التعبير الحر، دون أن يخشى التهديد أو الترهيب، ودون أن يُعاد فتح باب الثأر العشائري والسياسي على رأي أو مقالة أو موقف.
من الأمس إلى اليوم: العقلية واحدة؟
حين نسمع أن عشيرة رئيس الوزراء تطالب بـ”مقاضاة” كاتب، نكاد نسمع صدى التسعينات يعود بصوت صدام حسين: “أنا سامحتكم كحزب ودولة، بقي أن تحصلوا على صفح العشيرة!”.
فهل هذه هي الدولة التي نُريدها بعد كل هذه الدماء والتضحيات؟ هل يُمكن لرئيس وزراء أن يُدير عراقاً معقّداً بعقلية شيخ عشيرة؟ هل يستوي من يدّعي المدنية، ويقود بلدًا بشعارات الحداثة، أن يستخدم أدوات ما قبل الدولة؟
المطلوب ليس كثيراً: أن يكون هناك قانون يحكم الجميع، لا “عرفاً” يُستخدم على مزاج السلطة. أن يكون هناك مسؤول يحكم كرئيس وزراء، لا كشيخ عشيرة. وأن تبقى الدولة أكبر من أي جماعة، وأقوى من أي مضيف.
تعليق من الدكتور هشام داود
ساركوزي في السجن: عدالة تمشي ببطء… لكنها تمشي!
كيف سيؤثر ذلك على الشرق الأوسط؟
حكومة فرنسا ماتت في 14 ساعة.. هشام داود يتأمل مصير الجمهورية الخامسة مع ماكرون
6 احتمالات لشكل الحرب العالمية 3
الجنرال الساعدي يعود إلى الضوء مع سيناريو حرب إسرائيلية ضد إيران خلال 3 شهور
فيديو كامل لمحاضرته في بغداد
حيدر سعيد يراجع تركيب “جماعة الأهالي”.. صفحات سبقت ظهور البعث والشيوعيين
هل بدأ التحوّل الأوروبي؟
ماكرون يعترف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة… ولكن ماذا بعد؟ – تعليق هشام داود
استعراض لفرضيات ما بعد صدام
حيدر سعيد: ماذا يعني أنني شيعي سياسياً؟ تشرين لم تنتج حزباً
السويب يختبر مهارة تقاسم الضرر
خريطة تشرح ما يفعله الخليج.. أول توتر في التاريخ بين شمال وجنوب البصرة!
عرض الجميع
