في منطقة زراعية لا يصلها سواح

“مكيطيمة” مئذنة عباسية وقد تكون بوابة لمدينة مندثرة.. اليوسفية حائرة بهذا البناء

صدر اليوسفية (بغداد) 964

بين الحقول والمزارع في ناحية اليوسفية جنوب العاصمة بغداد، تقف منارة مكيطيمة مهملة وبلا سياج، تصارع الإهمال والاندثار رغم أهميتها التاريخية والمعمارية التي تؤهلها لتكون على لائحة التراث العالمي بحسب خبراء، هذه المنارة التي لا يعرف كثيرون عنها، تثير جدلاً بين من يسميها “منارة” ومن يصرّ على أنها “مئذنة” وآخرين يرون فيها بوابة لمدينة أثرية مندثرة تعود إلى حقبة ما زالت تفاصيلها غامضة، ورغم تأكيد بعض المختصين أنها من بقايا العصر العباسي لا تزال وظيفتها الأصلية محل نقاش.

يوسف الذرب – أحد وجهاء المنطقة، لشبكة 964:

الموقع أثري والمنطقة تعتز به، وقد وحاولنا أن نحافظ عليه لكن هو بمنطقة زراعية لا يرتادها سواح، وفي السابق كانوا يأتي موظفون من هيئة الآثار.

قال أجدادنا عنها إنها مأذنة عباسية لكن شخصياً لا أعتقد، فيوجد وراها شبه مدينة مندثرة وهناك أبنيه غيرها في نفس المكان ونلاحظ وجود تصميم يشبه البوابة، فمن الممكن أنها كانت برج مراقبة أو بوابة لمدينة معينة لكن المتعارف عنها مأذنة أثرية.

كريم حسين – صاحب الأرض التي تضم المنارة:

منطقة أثرية ومهملة وأنا مسؤول عنها بلا أي راتب، فهي ضمن حدود أرضي، وقد ناشدتُ وطالبت أصحاب الشأن لعمل سياج ومقاعد حولها من أجل استقبال الزوار ولكن لا جدوى، فقررت أن أصنع لها سياجاً بنفسي وأقوم بتنظيم المكان وترتبيه، فأنا وأهالي المنطقة نعتز بها كثيراً.

هشام حسين، مراقب المنارة:

تخضع منارة مكيطيمة لخطة ترميم وحماية، وقد تم إدراجها ضمن خطة عام 2024 لإعادة صيانتها من قبل دائرة الصيانة والحفاظ على الآثار مع تخصيص ميزانية لتنفيذ المشروع.

لا توجد معوقات تعرقل عملية الترميم حيث تم تجاوز جميع العقبات لضمان إعادة تأهيلها وفق مواصفاتها الأصلية.

تم رفع طلبات رسمية لإدراج المنارة ضمن المواقع الأثرية المحمية، مما أتاح لها الحماية الرسمية من قبل الحراس.

يعود تاريخها إلى العصر العباسي حيث كانت جزءاً من جامع قديم أو بوابة قصر نظراً لوجود بقايا قوس ملاصق لها.

ورغم وجود تشابه مع منارة المنجدة في صحراء كربلاء من حيث بعض الزخارف وطريقة البناء لكن لا توجد أدلة تاريخية تثبت ارتباطهما المباشر.

يتميز تصميم المنارة بالزخارف الحصرية والأشكال الهندسية المحفورة مع وجود سلالم داخلية مميزة ما يجعلها قريبة في طرازها من بوابة واسط إذ تضم عقودًا معمارية متشابهة رغم تعرض بعضها للسقوط.

الإعلان عن أثريتها جاء في جريدة الوقائع العراقية عام 1937 مع احتمالية اكتشاف المزيد من المعلومات حول المدينة التي احتضنتها خلال عمليات التنقيب المستقبلية.

لقد لعبت المنارة دوراً في إنارة الطرق خاصة على المسارات المؤدية إلى طريق الحج ويُميزها ارتباطها بجدار وأقواس ما يجعلها مختلفة عن المآذن التقليدية المنفصلة مثل منارة المنجدة في كربلاء.

صباح السعدي – خبير آثار:

بالنسبة لمنارة مكيطيمة، فقد زرتها قبل سنتين من الآن، المنارة في طرازها لا تقل أهمية عن منارة الموجدة في كربلاء أو منارة أم كرون على طريق الحج البري.

عندما زرتها، رأيت الزراعة لا تبتعد عنها إلا بضعة أمتار، وكان في حينها موسم الحنطة وغيرها.

حسب خبرتي، ومن خلال ما رأيته، فإن كل هذه المنطقة المزروعة هي منطقة أثرية، ولا أعرف إن كان هذا وضعها المهمل قبل الاحتلال أو بعده، فلا أملك معلومة مؤكدة.

لا أعلم على وجه التحديد  إن كانت منارة للقوافل أم لطريق معين وبما كانت تستخدم، لكن يبدو أنها ترتبط بسلسلة منارات أخرى، فهناك منارة أخرى في أربيل تدعى “المظفرية” وأخرى في كربلاء، وفي داقوق، وعلى طريق الحج البري منارة “أم كرون” والكثير من المنارات المشابهة لها في العراق.