التفاصيل الكاملة للاتفاقية

زيدان: قرار المحكمة الاتحادية بشأن خور عبدالله يعد لغواً قانونياً لا يُعتد به

بغداد – 964

سرد رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، في مقال بعنوان أمواج خور عبد الله بين قرارين متناقضين، التفاصيل القانونية الكاملة لاتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبدالله وبطريقة التسلسل الزمني للأحداث، وقال إن قرار المحكمة الاتحادية الأخير عام 2023 القاضي بالعدول عن قرارها السابق في العام 2014، يُعد لغواً قانونياً لا يعتد به ويلحق ضرراً مباشراً بمبدأ سيادة القانون وبثقة المتقاضين، موضحاً أنه يفتقر إلى الأساس الدستوري والقانوني، وأثار تداعيات قانونية ودولية لا يُستهان بها.

رشيد والسوداني يتفقان على سحب طلب عدول الاتحادية عن قرارها في قضية خور عبدالله

مقال زيدان، تابعته شبكة 964:

أمواج خور عبد الله بين قرارين متناقضين

تُعَدّ اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله، المُبرَمة في 2012/4/29 بين جمهورية العراق ودولة الكويت، معالجة فنية وإدارية لآثار جريمة غزو الدكتاتور صدام حسين للكويت عام 1990 وما ترتب عليها من ترسيم الحدود بموجب قرار مجلس الأمن رقم (833) لسنة 1993؛ إذ أكّدت مادتها السادسة أن الاتفاقية “لا تؤثر على الحدود بين الطرفين في خور عبد الله المقررة بموجب قرار مجلس الأمن رقم (833) لسنة 1993”.

صادق مجلس الوزراء العراقي على مشروع قانون التصديق في 2012/11/12، وأقرّه مجلس النواب بالأغلبية البسيطة بموجب القانون رقم (42) لسنة 2013، ثم نُشر في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4299) بتاريخ 2013/11/25. وقد أُودعت وثائق التصديق لدى الأمم المتحدة، وأُرسلت نسخة منها إلى المنظمة البحرية الدولية، فدخلت الاتفاقية حيّز التنفيذ وأصبحت مُلزِمة استنادًا إلى قاعدة pacta sunt servanda، وهي من المبادئ الأساسية في القانون الدولي، وتعني حرفياً “يجب احترام المعاهدات” أو “يجب الوفاء بالالتزامات”. وفي الوقت ذاته، استُكملت إجراءات التصديق في مجلس الأمة الكويتي.

عندما طُعن بعدم دستورية قانون التصديق، أصدرت المحكمة الاتحادية، قرارها المرقم (21/اتحادية/2014) بتاريخ 2014/12/18، فميّزت بين قانون تنظيم عملية المصادقة على المعاهدات، الذي يتطلّب أغلبية الثلثين بموجب المادة (61/رابعًا) من الدستور، وبين قانون التصديق على اتفاقية معيّنة، الذي يُقر بالأغلبية البسيطة وفقًا للمادة (59/ثانيًا). وقررت المحكمة ردّ الدعوى لعدم استنادها إلى أساس دستوري أو قانوني، وبذلك ثبّتت شرعية الاتفاقية داخليًا، وحمتها من أي طعن لاحق، مانحةً الحكم قوة الأمر المقضي بمقتضى المادة (105) من قانون الإثبات، التي تُضفي على الأحكام الباتّة حجّيّةً فيما فصلت فيه من حقوق، ما دام الخصوم والموضوع والسبب لم يتغيروا.

بقي هذا الموقف مستقرًّا إلى أن نظرت المحكمة الاتحادية، في الدعوتين الموحدتين المرقمتين (105/وموحدتها 194/اتحادية/2023) في 2023/09/04، قضت المحكمة بعدم دستورية القانون رقم (42) لسنة 2013 وعدلت عن قرارها السابق (21/اتحادية/2014)، مستندةً إلى وجوب التصويت بأغلبية الثلثين، وإلى المادة (45) من نظامها الداخلي التي تُجيز لها العدول كلّما اقتضت المصلحة الدستورية والعامة.

وإذا ما اعتُمد شرط (أغلبية الثلثين) الذي تبنّاه القرار الثاني في سنة 2023، فإن ذلك ينسحب تلقائيًا على أكثر من (400 اتفاقية) صُدّق عليها سابقًا (بالأغلبية البسيطة)، فتُعتبر جميعها باطلة لعدم استيفائها النصاب الجديد. ما يعني عمليًا نسف منظومة الاتفاقيات الدولية التي أبرمها العراق خلال العقدين الماضيين. كما ألغى القرار استقرار المراكز القانونية الناشئة عن اتفاق دولي مودَع لدى الأمم المتحدة، مما يُرتّب مسؤولية دولية محتملة على العراق.

ويُعدّ العدول في التشريع العراقي أداة استثنائية تُمارَس بدقّة متناهية، إذ حصرها المشرّع في المادة (13/أولًا/1) من قانون التنظيم القضائي بالهيئة العامة لمحكمة التمييز الاتحادية وحدها، دون سائر المحاكم، وبشروط جوهرية، هي (أن يرد العدول على مبدأ قضائي مجرّد لا على حكم قطعي، وأن يُحال الملف من إحدى الهيئات التمييزية إلى الهيئة العامة، وأن يصدر قرار معلّل يُبيّن الحاجة الملحّة)، مع عدم المساس بالمراكز القانونية والحقوق المكتسبة. هذا التقييد يحافظ على استقرار التعاملات ويحمي مبدأ حجّيّة الأحكام المنصوص عليه في المادة (105) من قانون الإثبات، ويمنع أي سلطة قضائية من تبديل النتائج النهائية للنزاعات تحت ذريعة الإصلاح أو التطوّر.

ورغم خلوّ الدستور وقانون المحكمة الاتحادية من أي نص يُخوّل هذه المحكمة صلاحية العدول، أدرجت المحكمة في نظامها الداخلي نصًّا موضوعيًا هو المادة (45)، يُجيز لها أن “تعدل عن مبدأ سابق… كلما اقتضت المصلحة الدستورية والعامة”، وهو إدراج يتجاوز الطبيعة الإجرائية للأنظمة الداخلية، ويخالف مبدأ تدرج القواعد القانونية؛ إذ إن النظام الداخلي أدنى مرتبة من القانون، ولا يصلح لتوسيع الاختصاصات. والأخطر من ذلك أن المحكمة، في قرارها المؤرخ 2023/09/04، لم تتراجع عن مبدأ، بل نقضت حكمها القطعي الصادر في 2014/12/18 بشأن اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله، ووصفت النقض بالعدول، مع أن المادة (45) نفسها تنص على أن العدول يرد على “المبدأ” لا على “الحكم”. بهذا التصرف، تجاوزت المحكمة حجّيّة الأمر المقضي فيه، وأحدثت فراغًا تشريعيًا واضطرابًا دبلوماسيًا، لأن الحكم الملغى كان يؤسس لالتزام معاهدي مودَع لدى الأمم المتحدة.

وعليه، فإن أي قرار يُطلق عليه “عدول” خارج هذه الضوابط، وخصوصًا إذا مسّ حكمًا نهائيًا أو صدر عن جهة لا تملك الاختصاص، يُعدّ لغوًا قانونيًا لا يُعتدّ به، ويُلحق ضررًا مباشرًا بمبدأ سيادة القانون وبثقة المتقاضين.

يتبيّن من هذا المسار أن القرار الأول في سنة 2014 اتّسم بالانسجام مع النصوص الدستورية وقواعد القانون الدولي، فحقّق اليقين القانوني داخليًا وخارجيًا، بينما افتقر القرار الثاني في سنة 2023 إلى الأساس الدستوري والقانوني، وأثار تداعيات قانونية ودولية لا يُستهان بها.

فائق زيدان

23 تموز 2025

المزيد عن خور عبدالله:

كاسر الأمواج يغلق خور عبد الله

هادي العامري لم يوافق.. بحار عراقي: ميناء مبارك الكويتي خطير للغاية


مؤتمر وطني قاده ضرغام ماجد

كرد في بابل ضد اتفاقية خور عبدالله.. عشائر وأكاديميون ونشطاء يوحدون الرفض


خبير يدعو للانتباه إلى “العميّة”

رداً على الكويت.. العراق أثبت امتلاكه لخور الخفكة وحصل على خريطة أدميرالية بريطانية


طالبوا باستقالة الحكومة

العراق نسي خور عبد الله لكن الكوت عادت.. تظاهرة جديدة الآن


“أنتم أشقاؤنا ولكن هذه أرضنا”

أبناء البصرة يتوجهون إلى قنصلية الكويت لإيصال احتجاجهم بشأن خور عبدالله


وتطارد آخرين بين الأزقة

القوات الأمنية تمنع تظاهرة حول خور عبد الله في بغداد وتعتقل عدداً من المحتجين


مشادة خلال وقفة خور عبدالله

ضابط منع نائبين من التظاهر في بغداد.. البرلمان يحقق في حادثة ساحة النسور


الزوارق الحربية تراقب حركة الناقلات

فيديو: بحرية العراق نزلت ثانية في خور عبد الله ووزعت لقطات حماسية


حجز بواخر النفط أدى لضغط كبير

البحرية العراقية “توقف” عمليات خور عبد الله.. لا مزيد من اللقطات الحماسية


بالتنسيق مع شركة الموانئ

البحرية العراقية تبث فيديو احتجاز سفينة عملاقة.. عمليات خور عبد الله مستمرة


تطورات يوم طويل لبحارة العراق

مكافحة الإرهاب أحبط هروب السفينة المحتجزة في البصرة والقاضي في الانتظار


الموانئ نزلت مع مكافحة الإرهاب

وضع خور عبد الله يحتاج هليكوبترات.. ضابط يشرح يوم البحرية الطويل


“انطلاقاً من النقطة 162”

كيف يجري العراق مسحاً أمنياً للمياه الإقليمية؟.. توضيح من عرض البحر


“أوراقها الثبوتية غير وافية”

بحرية العراق تحتجز ناقلة نفط ليبيرية قبالة سواحل البصرة


بالاشتراك مع الموانئ

فيديو جديد من خور عبدالله.. بحرية العراق تلاحق متورطين بتهريب المشتقات


اعتقال جريح تشريني ومتظاهر بعد احتجاجات خور عبد الله.. ومطالبات بالإفراج الفوري


استطلاعات 964 لزوار الأربعينية

فيديو: 150 كويتياً دخلوا العراق مشياً وأهل الخليج لبسوا “عقال النجف”


خلال مؤتمر عن خور عبدالله

برلماني ينتقد وكيل الخارجية وسفير العراق: الأفضل منحهما الجنسية الكويتية


ميناء الكويت مستقبله “كراج”

الصدر رفض اتفاق خور عبد الله والسوداني “لا يلتفت”.. بهاء الأعرجي


بعث عدة رسائل للسوداني

الوزير عامر ممنوع من شاشة “العراقية” بسبب الكويت و”العصيان” بعد الأربعينية



عرض الجميع
Exit mobile version