الحياة في أولى مدن البحر

مشاهد عادية من مدينة غير عادية.. بايسكل أبو الخصيب تقليد لا تزيحه “الجكسارة”

أبو الخصيب (البصرة) 964

“أبو الخصيب” أولى مدن العراق التي تستقبل القادمين من البحر تاريخياً، فحين تقترب من الساحل، ينعكس قياس ما هو أول وآخر وبداية ونهاية، وتغدو نهايات وديان الأنهار الرافدينية، بدايةً جديدة للبحر العراقي الصاعد إلى البر باتجاهين، من الفاو شرقاً حيث الميناء العملاق الجديد “والحلم”، ثم مسار شط العرب، أو عبر خور عبد الله غرباً نحو الموانئ الداخلية القديمة.

ولـ “أبو الخصيب” ملامح خاصة يمكن تمييزها فوراً، خليط بين مشاهد الريف العراقي كثيف الخضرة، وتحضّر البصرة ومدنيّتها، وروح المجتمعات البحرية في محطات الاستيطان البشري على الساحل الطويل إلى عُمان والمحيط العميق حتى الهند، وفي وجوه أهلها ولسانهم ما يجمع كل هذا.. كما في طريقة “شمرة” غترة الحاج محمد العبادي، ولهجة محمد هادي وهو يدافع عن أن اقتناء دراجة هوائية يخفض أضرار السرقة.. “النشالة وايدين.. عدل ولا مو عدل” كما ينطقها أهل البحرين والكويت. وتشترك الحواضر العراقية القديمة بملامح متطابقة، منها استمرار أهل “الولاية” باعتماد الدراجات الهوائية “البايسكل” كتقليد يدفعهم إليه ضيق الأزقة، وقرب الأحياء إلى بعضها، والعادات الصحية، وحتى “النوستالجيا” رغم ارتفاع مستوى المعيشة، والمشهد الذي وثقته كاميرا شبكة 964 في شوارع أبو الخصيب -حيث تناور البايسكلات بين “الجكسارات” الحديثة- يمكن العثور على ما يطابقه بين أزقة “الولاية” في مدن الفرات من النجف إلى كربلاء حتى هيت، وصعوداً إلى ضفاف دجلة في أيمن الموصل.

علاء مشذوب وثق كربلاء من هنا والربيعي يقود

علاء مشذوب وثق كربلاء من هنا والربيعي يقود "نفس البايسكل" إلى الحكمة منذ 40 عاماً

صور: مصلح دراجات

صور: مصلح دراجات "الجمهورية" يحرس إتقان التسعينات وزبائنه "أرستقراطيو" البصرة

محمد العبادي – من أهالي المنطقة، لشبكة 964:

أنا من منطقة باب طويل، وقد قمنا باقتناء عجلات هوائية منذ أن كنا صغاراً، واعتدنا عليها من أجل الرياضة وقضاء بعض الأشغال اليومية، فأنا أقود دراجتي منذ حوالي 40 سنة، وأتنقل بها لمسافات بعيدة من أبي الخصيب إلى باب طويل حتى نهر خوز بالإضافة لسوق أبي الخصيب، كما أن أهل المنطقة جميعهم يفضلون ركوب الدراجة الهوائية من شباب وكبار وحتى الصغار.

محمد هادي، من أهالي المنطقة:

استخدم دراجتي للوصول لمنطقة حمدان لمسافة 15 كم، وأعتبرها رياضة ونشاطاً وأماناً أيضاً، فالمناطق قريبة لبعضها، ويستخدم السكان الدراجة الهوائية للتسوق والتبضع من الأسواق.

فيما لو تمت سرقة الدراجة.. سيكلفني الأمر 50 ألفاً لشراء أخرى على عكس الدراجة النارية التي يبلغ سعرها أكثر من مليون دينار.

ناجي عاصي، مصلح بايسكلات:

يستخدم السكان في أبي الخصيب الدراجات الهوائية منذ الأربعينات ولغاية الآن، بسبب قلة أعطالها، وحتى لو تعطلت فيمكنك أن تتركها في أي مكان دون الخوف عليها من السرقة، كما أن ضعف الحالة المادية للمواطنين أجبرهم على اقتناء الدراجة الهوائية.

ويأتي الناس من أماكن بعيدة مثل منطقة الفياضي والبريانية على البايسكلات، ففي السابق سيارات النقل كانت قليلة ولم تتجاوز 4-5 مركبات في أبي الخصيب.