شيء يحصل من تونس إلى بغداد

المالكي “مرعوب” من سوريا والسوداني لا يملك حتى صلاحية العبادي.. حيدر سعيد

964

استعرض المفكر العراقي حيدر سعيد خلال حوار موسع، تطورات الوضع السياسي في العراق على وقع ما يجري في المنطقة وسوريا، معتقداً أن رئيس الحكومة محمد السوداني لم يسمح له بامتلاك صلاحيات سياسية، حاله حال سلفه مصطفى الكاظمي، وعاد إلى حقبة زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي الذي كان يشعر بتهديد كبير و”رعب” من سوريا، قبل التمرد ضد بشار الأسد وبعده.

8 نقاط عن المرأة وعهد الملك وقاسم.. مرافعة حيدر سعيد: لا ...

8 نقاط عن المرأة وعهد الملك وقاسم.. مرافعة حيدر سعيد: لا نزاع مع الإسلام

فيديو: بحثاً عن رواية جديدة لثورة العشرين.. المفكر العر...

فيديو: بحثاً عن رواية جديدة لثورة العشرين.. المفكر العراقي حيدر سعيد في بغداد

حيدر سعيد، في حوار مع الإعلامي حسين تقريباً، تابعته شبكة 964:

حكومة السوداني مختلفة نوعاً ما عن الحكومات السابقة، فالسيد السوداني ليس هو صاحب السلطة، فهو ليس المالكي ولا العبادي. يفترض دستورياً بحسب تعريف رئيس مجلس الوزراء، أن يكون هو صانع السياسات التنفيذية والعامة للدولة، وحكومته لا تشبه الحالات التي يأتي بها رئيس الوزراء عن طريق حزب فائز بالانتخابات، لأن السلطة اليوم أوسع من دائرة السوداني وتتجاوزه إلى الائتلاف الحاكم المتمثل بالإطار التنسيقي.

السوداني مثل الكاظمي وإن كان منهم!

بعد استقالة حكومة عبد المهدي تحت ضغط الاحتجاجات، عقب مجزرة جسر الزيتون، صار الاتجاه نحو الإتيان برئيس وزراء مسيطر عليه، وجاءت حكومة الكاظمي، والآن ورث السوداني هذه الحالة، حيث يكون رئيس الوزراء غير مسؤول عن صناعة القرار، بل الإطار السياسي الأوسع.

إعادة صوغ صلاحيات السوداني

كان من الواضح أن سياسة العراق الخارجية متعلقة بقرارات الإطار التنسيقي وليس بحكومة السوداني، وهذا واضح من خلال تعاطي العراق مع أزمة غزة ولبنان، حيث يجري الآن إعادة صياغة مفهوم رئاسة الوزراء، وإعادة تعريف فلسفة رئاسة الوزراء، إذ صارت صلاحيات رئيس الوزراء كأنما متعلقة بملف الخدمات، وأن السياسات العامة والسياسة الخارجية هي ليست من صلاحياته.

المحافظ السابق

ليس صدفة أن يكون رئيس الوزراء محافظاً سابقاً، وليس صدفة أن يكون رئيس البرلمان السابق محافظاً أيضاً، فهناك تحول في كيفية أن يكون منصب المحافظ إطاراً للتكوين السياسي، وهذا ينعكس على مفهوم رئاسة الوزراء.

من قال إن منصب رئيس الوزراء يشبه منصب المدير العام كان يقصد التحول في مفهوم رئاسة الوزراء وموقع رئيس الوزراء من العملية السياسية.

رئاسة الوزراء في بلد ريعي مثل العراق، هي موقع لصناعة الزعامة السياسية، وهذا ما يحاول أن يفعله السوداني، كما فعله المالكي والعبادي، وحين طرح السوداني شعار حكومة الخدمات، فهو لا يعني الاندراج في عملية إعادة تعريف موقع رئيس الوزراء، بل لاستثمار هذا الشعار في عملية صناعة الزعامة السياسية.

صار هناك ما يشبه العقد بين الإطار الحاكم ورئيس الوزراء. السماح باستثمار حركة الخدمات والبناء، مقابل عدم السماح بظهور زعامة سياسية جديدة، وإن كان ريس الوزراء واحداً منهم.

ما هي صلاحية السوداني أمام المالكي؟

عام 2011، اتخذ المالكي القرار بدعم سوريا، وكان قراره هو كرئيس وزراء وليس قرار الائتلاف الحاكم، وكذلك كان قراراه برفع دعوى لدى الأمم المتحدة ضد سوريا (عام 2009)، ولكن اليوم لسنا أمام رئيس وزراء من هذا النوع القادر على اتخاذ قرارات مصيرية تخص البلاد، خاصة في ظل سياق إقليمي عصيب.

لأن الهدف هو صناعة زعامة سياسية، نلاحظ وجود ضبابية في الرؤية لناحية الأولويات، فلماذا قطاع الطرق يتم التركيز عليه وليس الصحة أو التعليم مثلاً؟ لكن هناك إصراراً على صناعة زعامة سياسية وليس تأسيس رؤية استراتيجية للدولة، فمؤسسة السلطة أنتجت شبكات زبائنية تعمل على شراء ولاء الناس مقابل المال السياسي.

بعد تأميم النفط توسعت الطبقة الوسطى العراقية، ولكنها صارت طبقة موظفين مرتبطين بالدولة، ولذا صارت الطبقى الوسطى تقوى وتضعف بقوة وضعف الدولة، والآن مع عدم قدرة جميع العراقيين إلى الوصول والاستفادة من النظام الزبائني، ومع دخول الاستثمار الأجنبي، أزعم أن التفاوت الطبقي اليوم هو الأكبر في تاريخ العراق، وهذا جزء من مساعي صناعة الزعامة السياسية عبر النظام الزبائني.

التنمية على حساب الديمقراطية

هناك تريند انتشر في كل المنطقة من تونس إلى العراق، وهو التنمية مقابل الحريات المدنية والسياسية، فبعد التعثرات التي مرت بها المنطقة جرى طرح التنمية بديلاً عن المشروع الديمقراطي، لكن هذه التنمية غير الشاملة خلقت تفاوتاً طبقياً قد يخلق انفجاراً.

خلال السنتين السابقتين، أعتقد أن الفئة الحاكمة اتخذت قراراً بتنفيذ مشروع إغلاق المجال العام بشكل كامل، ويبدو أن هذا اتخذ بعد احتجاجات تشرين، فلا وجود لنظام سياسي ديمقراطي من دون مجال عام حر وفعال.

يمكن ملاحظة مشروع إغلاق المجال العام بحالات التضييق على الصحفيين والإعلاميين وملاحقتهم قضائياً، وهذا يشمل الحريات الأكاديمية أيضاً، فلا يمكن أن تُكتب رسائل الدكتواره مثلاً عن تشرين أو جذورها.

فكرة المكون الأكبر تستعمل الآن لتأبيد وجود فئة قليلة من الشعب في السلطة، ولا تتجاوز نسبتها 2% أو 3%، إذ لا وجود لأغلبيات وأقليات ثابتة عبر التاريخ لأنها تمثل مكونات ديموغرافية، فالأغلبيات والأقليات تحددها التحالفات السياسية لقوى سياسية تعمل وفق برامج وليس عبر تمثيل مكونات بعينها.

رعب المالكي من انتقال سوريا

الأزمة السورية أرعبت المالكي عام 2011، رغم موقفه السابق من بشار الأسد يوم أراد رفع دعوى أممية ضد تسهيله دخول الجهاديين إلى العراق، وهذا كان صحيحاً بنسبة 90% لأن معظمهم دخلوا من هذا الطريق فعلاً.

المالكي أحس أن الثورة السورية تشكل خطراً على العراق، وأن بديل الثورات العربية هم الإسلاميين، وفي لحظة انقسام المنطقة إلى محور تركي قطري سعودي من جهة، قبالة محور إيران سوريا حزب الله من جهة أخرى، اختار المالكي هذه اللحظة الانخراط في المحور الإيراني.