مرافعة من بريمر حتى الانتخابات

عن نجل السيستاني وسليماني وصدام.. فخري كريم: أخطأت بدعم المالكي ضد علاوي

964

بعد سلسلة مقالات خصصها لظروف ما قبل الانتخابات وما بعدها، وبودكاست أخير بدا صريحاً أكثر من كل مرة، ظهر السياسي العراقي فخري كريم رئيس مؤسسة المدى، في لقاء “ستتلوه أجزاء أخرى”، ليراجع مع الإعلامي اللبناني إيلي نكوزي، محطات ما جرى منذ مشروع المعارضة العراقية لإسقاط صدام حسين أواخر التسعينات بدعم دولي، وكيف تحول ذلك لاحقاً، إلى “تدخل واحتلال”، لم يقتصر على واشنطن بل بدور إيراني وسوري وخليجي أيضاً، أدى إلى تحويل خطط الأحزاب الوطنية التاريخية، نحو “التشظي الطائفي”، في “كابوس يصب النار على العراق”، وتحدث عن الفرق في العلاقة بين القوى العلمانية والمرجعية الدينية، انتقالاً من نموذج المرجع السيستاني في العراق، والوضع الإيراني واللبناني، مستشهداً بنقاش جمعه بالجنرال قاسم سليماني حول “أدوار وتحولات” زعيم حزب الله السابق حسن نصر الله، وحسب اعتقاده فإن الوضع في العراق مختلف، رغم أن جهات كثيرة حاولت “تشويه الحركات العلمانية العراقية” طوال قرن، دون استثناء حتى بريطانيا، حسب وصفه، لكن المرجعية في العراق كانت تقدم وصفاً للعمل الديني يحاول إبعاد الدين عن السياسة، رغم أن فخري كريم كما يستذكر، اقترح في لحظات الاستعصاء، ترشيح نجل المرجع الأعلى، ويعني السيد محمد رضا السيستاني، لمنصب رئيس الوزراء العراقي، كعارف وخبير، فهناك “عمائم شجاعة” تنتقد الفساد “أفضل مني” كما يقول، واعترف كريم في الوقت نفسه بارتكاب أخطاء معتذراً منها، كما حصل في “تأييده” لنوري المالكي ضد أياد علاوي (عام 2010)، رافضاً بأي حال المقارنة بين الوضع الحالي وعهد صدام حسين الدكتاتوري، إذ “لم تظهر دولة حتى الآن بعد صدام حسين” لتجرى مقارنة معقولة منصفة بين الطغيان ومحاولات بناء الديمقراطية.

نوري السعيد ألغى اقتراع 1954! فخري كريم: أين وجه الله الآخر يا أبا ذر؟

“الصدر أخطأ”.. فخري كريم صريح أكثر وعاتب جداً: عليكم نسيان التغيير من الخارج

فخري كريم لأحزاب العراق: مسرحيتكم إغريقية وهل تنتهي بالاعتراف؟

فخري كريم، في الجزء الأول من لقاء مع الإعلامي إيلي ناكوزي، تابعته شبكة 964:

كنا واهمين بأن إسقاط صدام سيوفر التحول الديمقراطي.. أردنا أن نسقطه بأنفسنا مع دعم دولي، والمقدمات بدأت أيام المعارضة، ثم مع التمهيد الأميركي والبريطاني، والإقليمي، جرى منع المعارضة من امتلاك أدوات إسقاط النظام، وكان البديل هو تحويل “التحرير” إلى “احتلال”، ونتيجته تحولنا إلى التشظي الطائفي، خصوصاً مع دخول المخابرات السورية والإيرانية لاحقاً. فجرى تغييب الأحزاب الوطنية، وكان هناك إصرار على ظهور أشخاص.

جاءت الانتخابات، بهدف نقل الديمقراطية إلى العراق بل وكل المنطقة كما قالت واشنطن، ووصلت الرسالة لدول الخليج “مثل كابوس”، وبعدها انصبت النار على العراقيين. وهناك مسؤولية عربية هنا في “تفسيخ البنية العراقية” للرد على ذلك. ودخلنا إلى استقطاب طائفي من العرب حتى إيران.

فكروا بنا أحياناً مثل ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، لكن العراق ليس ألمانيا الصناعية المتقدمة يومذاك، والعراق لم يمر بتجارب أوربا التي سبقت تلك اللحظة بحروب وظلام لقرون.

100 عام من تاريخ العراق الحديث جرى خلالها تشويه الحراك العلماني، حتى بريطانيا تورطت بتشويه التحول العلماني العراقي. كأنه يعادي الدين بينما النموذج العلماني صيغة لاحتواء كل التيارات الوطنية دينية وعلمانية.

ماذا لدينا اليوم وفي انتخابات الأسبوع الماضي؟ كان المرجع الأعلى السيد علي السيستاني يوصي رجال الدين بعدم التدخل في السياسة. التقيته مرة وشكوت له فساد الساسة. أجابني: تدخلنا حين لم يكن هناك دستور ولا حكومة، أما الآن فلديكم دولة ودستور.. نحن مرجعية نعود إلى دورنا الإرشادي وحسب. والمرجع السيستاني هو أفضل معبر عن موقف الدين من السياسة، وكان من كربلاء يعلق ويعبر ويرشد، حتى انتهى إلى اليأس رافضاً اللقاء بأي سياسي. لا مشكلة مع الدين وقد اقترحت يوماً أن يكون نجل المرجع السيستاني، أعني السيد محمد رضا، رئيساً للوزراء، ولم لا؟ فهو مثقف وعارف وخبير.

أنا كشيوعي أحترم الرأي الآخر والإيمان، والدولة هي حاضنة للجميع، وأتذكر حواراً مع الفقيد الحاج قاسم سليماني حول حسن نصر الله الذي انتشرت صوره في كل بلدان العرب حين كان يقاوم إسرائيل، ولاحقاً حين أصبح يدافع عن جهة طائفية فقط تغير الأمر.

كشيوعيين نتابع الإمام علي والإمام الحسين كمكافحين من أجل العدالة والحقيقة، ومعهم أبو ذر الغفاري وعمار بن ياسر والخليفة عمر بن عبد العزيز. ونختلف عن “صيغة لبنان” في التصالح بين القومية وزعماء الطوائف.

أفتخر أن الرئيس مسعود بارزاني وصفني بأنني صديق لشعب كردستان حين رشحني لرئاسة الجمهورية (2014)، أي أن هذا موقفي السياسي ولا علاقة له بانتمائي للقومية الكردية، فأنا كما يعلم أصدقائي لست قومياً.

ارتكبت أخطاء واعترفت بها، نتيجة تلك الظروف العجيبة، وعلى رأسها انحيازي لنوري المالكي ضد إياد علاوي (عام 2010).

الوضع جعل قياديين إسلاميين يتعرضون للإبعاد عن المناصب، وهناك عمائم إسلامية في العراق تنتقد النظام السياسي أكثر مني، والمواجهة ليست بيني وبين الإسلاميين. بعضهم شجاع وليس لديه راتب يكفيه ويمتلك جرأة النقد تأثراً بأبي ذر الغفاري.

لا يمكن لأحد أن يسأل من هو الأفضل، الآن أم عهد صدام. بل إن صدام وانقلابات البعث منذ مجازر شباط 1963، ساهم بتدهور أوضاع العراق وكل العالم العربي وهذا يمكن ملاحظته.

بعد صدام لا يمكن المقارنة إذ لم تظهر حتى الآن دولة في العراق، بديلة، لنقارنها. لم تظهر دولة حتى الآن.

Exit mobile version