رجال أشداء يستخرجون التراب الأحمر
طابوق العمارة يبني البصرة وينافس بغداد.. درجة حرارة المغارة 1000 مئوية
الطبر (ميسان) 964
الطابوق العراقي الصلب والبارد ليس معروفاً في معظم دول الجوار كبلاد الشام، بناؤه صعب ومكلف ويستغرق وقتاً، وصناعته أصعب.. لا يشبه الأمر صب بعض الاسمنت في قوالب وتركها في الشمس مثل طريقة صناعة البلوك بمساوئه الكثيرة، بل عملية طويلة شاقة تنتهي بطابوقة عراقية صلبة تعزل الحرارة والصوت وتحمل سقوف الكونكريت عقوداً بعد عقود.
ولا تتوفر أماكن التربة الخاصة بصناعة الطابوق في كل المحافظات، ثمة مقالع جنوب شرق بغداد، ومنها يخرج طابوق النهروان الشهير، وبعض المواقع في ذي قار وواسط، أما بيوت البصرة فتعتمد على جاراتها في هذا الأمر لأن تربتها مختلفة.
كاميرا شبكة 964 دخلت إلى معمل النهروان في منطقة الطبر جنوب العمارة، وهو قائم منذ العام 1993، مع نحو 25 عاملاً من الرجال الأشداء، وينتج الطابوق بالاعتماد على التربة الحمراء التي تخرج بعد إزاحة طبقتين من الأرض، وتبدأ العملية بالخلط والضغط في قوالب تجفف لعدة أيام قبل أن تدخل إلى الأفران وهي مغارات كبيرة تتسع إلى شاحنة، وتحيطها مشاعل النار من الأعلى، ويبقى الطابوق هناك ثلاثة أيام بحرارة تتخطى 1000 مئوية.
ويُسوق هذا الطابوق إلى مختلف مناطق العمارة وجوارها وصولاً إلى البصرة، وهو أصغر من طابوق بغداد الشهير، رغم أن الأسعار متقاربة بنحو مليون دينار لكل (8000 طابوقة) قبل مصاريف التحميل والنقل، ويتوقف الإنتاج شتاءً خشية الأمطار ويعوض بتخزين مادة اللبن بانتظار الصيف لاستئناف العمل.
الموصل تطلب "خلفات" طابوق من الجنوب وتفكر بالتخلي عن البلوك الحار (فيديو)
علي محسن – وكيل المعمل، لشبكة 964:
معمل النهروان في منطقة الطبر بمحافظة ميسان تأسس عام 1993، ويشغّل أكثر من 25 عاملاً، ويعتمد على التربة الحمراء في إنتاج الطابوق.
في البداية يقوم الحفّار باستخراج التربة المؤلفة من طبقات الصبخة والرمل والطين الأحمر، وبعد قلعها تُنقل بواسطة شاحنات إلى ساحة مخصصة داخل المعمل.
بعدها يقوم “الشفل” بخلط الطين الأحمر قبل أن يُوضع في “الهوبر”، ومنه يمر عبر عدة مراحل تبدأ بالخلط ثم النقل عبر “السيور” إلى الماكينة، التي تقوم بكبس الطين على شكل قوالب، ثم يُقطع القالب وتُصف الطابوقات على الأرض، لتجف مدة يومين أو 3 بحسب حرارة الجو.
بعد ذلك تأتي مرحلة التعبئة داخل الأفران، حيث يعمل الفرن بنظام “الشاعول” لمدة تقارب 3 أيام بدرجة حرارة تصل إلى ألف درجة مئوية أو أكثر، لتتحول الطابوقات إلى ما يشبه الجمر، ثم تُستخرج جاهزة للاستعمال.
عن اليد العاملة:
مصطفى محسن – وكيل معمل، لشبكة 964:
طابوق العمارة يختلف عن طابوق بغداد من حيث الحجم، فطابوقة بغداد أكبر، فعلى سبيل المثال إذا تم رص 7 طابوقات من بغداد، فإنها تعادل 8 طابوقات من العمارة.
كثير من أهل العمارة يفضلون طابوق بغداد لأن نقله يتم عبر مصفوفات منتظمة “اسكيبات”، بينما طابوق العمارة ينقل “مكبوساً” مما يؤدي إلى تكسّر وتلف جزء منه، ولذلك نضع كميات إضافية من الطابوق بدل التالف.
تعتمد البصرة أيضاً على طابوق العمارة لعدم توفر التربة المناسبة فيها، في حين توجد في الناصرية بعض المناطق الغنية بالتربة مثل قضاء قلعة سكر حيث تنتشر المعامل.
في فصل الشتاء نتوقف عن العمل لأن صناعة الطابوق تعتمد على الطين والماء، وأي تغير في الأجواء يؤثر في جودة الإنتاج، لذلك نخزن مادة “اللبن” (الطين المعجون) في نهاية الصيف على شكل رُبط مغطاة بالبلاستيك والتراب، وعندما يحل الشتاء نزيل الغطاء وندخل اللبن إلى الفرن ليُحرق ويخرج طابوقاً بجودة مماثلة لما يُنتج في الصيف.
أما الأسعار فهناك فرق واضح، ففي بغداد يُباع الطابوق بسعر ثابت يبلغ 125 ألف دينار لكل ألف طابوقة من دون أجور النقل، أما في ميسان فيُباع على شكل “دبل” كامل يحوي 4000 طابوقة مضافاً إليها 200 طابوقة مجانية للتالف، ويصل سعر الدبل الواحد إلى 500 ألف دينار مع التوصيل.