تحليل مهند سلوم

ماذا وجد لاريجاني في بغداد؟ قلق “سقوط طهران” يهيمن على كل شيء

964

يقدم الباحث العراقي مهند سلوم، وهو أستاذ الدراسات الأمنية في معهد الدوحة، قراءة ومراجعة حول جولة رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، والتي تنقّل خلالها بين أروقة المشهد السياسي في العراق ولبنان، مع تصاعد الحديث عن سحب سلاح حزب الله ومنع تشريع قانون الحشد الشعبي بضغوط أميركية، حيث يرى سلوم أن الزيارة جاءت في سياق محاولة النظام الإيراني “تلمس” ما بقي من محوره في المنطقة، وكرسالة اطمئنان لحلفائه في بغداد، ومن بقي منهم في الضاحية الجنوبية، وصد مساعي واشنطن لتقليل النفوذ الإيراني في البلدين، الى جانب كونها خطوة استباقية لتعزيز صف الحلفاء أمام أي خطة محتملة لإسقاط النظام، بعد أن أدركت طهران انهيار “سردية” و”صورة” النظام أمام الشعب الإيراني، وهو ما يحاول الأميركيون والإسرائيليون استثماره لإنهاء نظام ولاية الفقيه خلال المرحلة المقبلة، ولكن ليس على ذات الطريقة التي أسقطوا بها نظام صدام حسين، فيما استبعد أن يتحول العراق الى ساحة مواجهة في أي حرب مقبلة نتيجة عدم امتلاكه لأي مقومات عسكرية، وهذا ما ينطبق حالياً على حزب الله أيضاً.

مهند سلوم، في حوار مع الإعلامي أحمد ملا طلال، تابعته شبكة 964:

زيارة لاريجاني الى بغداد كانت رمزية، وإيران بشكل عام الآن تخشى من سقوط نظامها، وإذا كان الوقت في صالحها خلال الحرب، فالآن الوقت ليس في صالحها، وتحاول الحكومة الإيرانية اليوم أن تتلمس ما تبقى من المحور، ووضعهم في لبنان صعب جداً وحزب الله تعرض لضربات قوية جداً ولم يعد بالقوة ذاتها مقارنة بقبل عامين أو ثلاثة، بينما الحلفاء السياسيون والعسكريون في العراق ما زالوا أقوياء ولم يتعرضوا الى ضربات قوية.

لاريجاني شخصية سياسية مهمة جداً وجولته الأخيرة لمحاولة معرفة ما تبقى من أوراق طهران في لبنان والعراق، ويبدو أن حزب الله في موقف صعب مع إصرار الحكومة اللبنانية على نزع سلاحه، أما مع الحكومة العراقية فما زالت تنتظر الموقف من أميركا، والأخيرة ما زالت تستخدم أدواتها الدبلوماسية مع بعض التهديدات لكي تمنع تشريع قانون الحشد الشعبي، ولكن تحركات الإيرانيين تبدو كمحاولة لمنع مخططات أميركا وإسرائيل بشأن إسقاط نظام ولاية الفقيه.

لا يمكن لزيارة لاريجاني أن تستفز الولايات المتحدة حول ملف العراق، فموقف أميركا واضح من عدم السماح لإيران بأن تمتلك نفوذاً في العراق، والاتفاقية الأمنية التي وقعها لاريجاني مع الحكومة العراقية مجرد عذر لزيارته وليس لها قيمة، لأن العراق يملك اتفاقيات أمنية كثيرة لتنظيم مسائل الحدود وغيرها، ومن الواضح أن زيارته لإعطاء رسائل اطمئنان للحشد الشعبي بأن الضغط الأميركي له حدود وأن إيران ما زالت موجودة.

العراق مهم جداً لإيران، بل أهم من لبنان رغم استثمارها هناك لمدة تزيد عن 40 عاماً، ولكن العراق هو عمقها الاستراتيجي الفعلي، وأكبر مثال هو دورها في زعزعة الأوضاع بعد 2003 لإشغال الأميركان عنها، ولا أعتقد أنها تعد العراق ولبنان كساحات حرب محتملة، لأن العراق لا يملك قدرات عسكرية فعالة وحزب الله فقد معظم قدراته.

من الواضح أن الأميركان يريدون إسقاط النظام في إيران بدفع من إسرائيل، ولكن لا يوجد عاقل واحد يريد فعل ذلك على طريقة ما جرى في العراق 2003، فإيران قارة كاملة، وإسقاط النظام الإيراني بهذه الطريقة التقليدية يعني ملايين اللاجئين الى تركيا والعراق وتداعيات هذا لن تتوقف وصولاً الى كل دول المنطقة مع حالة فوضى كبيرة في الداخل الإيراني، ولكن إيران تخشى هذا السيناريو لأنها فقدت سردية استمرارها، وفقدت الكثير من أسلحتها الاستراتيجية خلال 12 يوماً فقط، وصورة النظام تهشمت في الداخل وهذا يذكرنا بنظام صدام حسين بعد عام 1991، فالبرنامج النووي الإيراني تضرر بشكل كبير والنسب ليست مهمة، والشعب الإيراني يشاهد الطائرات الإسرائيلية وهي تسيطر على سمائه، والجهاز الأمني تعرض لإهانة كبيرة بسبب الاختراقات الإسرائيلية.

Exit mobile version