انسوا البصرة وانتظروا تمور بغداد هذا العام.. هنا شيء مما تود معرفته (فيديو)

الراشدية (بغداد) 964

بالتأكيد لا يمكن تجاهل البصرة أو نسيانها لا في التمور ولا غيرها [كانت مجرد محاولة من محرر كهل لكتابة “عنوان سوشيالي!” استجابة للإيميلات الملحّة من قسم السوشيال].. لكن بالعودة إلى الموسم الحالي، فإن مزارعي بغداد يطلقون بالفعل وعوداً كبيرة هذا العام بكميات كبيرة من الأصناف الراقية، مع هذا.. ربما لا يعرف البعض من غير المدققين، أن البصرة لم تعد تتصدر أي قوائم على مستوى النخيل.

فيديو: شارع بشار بدأ يصدّر الرطب اللذيذ لكل العراق وخائف من 2026

تضم البصرة اليوم نحو مليوناً ومئتي ألف نخلة، أي بعدد مقارب للأنبار والسماوة، وتقبع في المرتبة السابعة بعد الستة الكبار حيث ديالى هي الأولى ثم بغداد وبابل بأكثر من مليوني نخلة لكل محافظة، ثم كربلاء والديوانية والمثنى على التوالي، مع ملاحظة أن ترتيب المحافظات الأكثر نخيلاً لا يطابق بالضرورة الأكثر إنتاجاً للتمور فالبصرة تنخفض إلى المرتبة الثامنة في ترتيب الإنتاج. وقد تسببت عوامل كثيرة بهذا التراجع في البصرة بينها حروب صدام وأعدائه الذين لم يرحموا هذه الأرض ثم تقليص المياه من دول المنبع، ومع هذا تبقى للبصرة ميزتها.

أصناف وكلفة وأسعار

صحيح أن كربلاء مثلاً تنتج 90 ألف طن (ضعف البصرة)، لكن تمور الزهدي واطئة التصنيف تشكل 80% من الكمية، يدافع الكربلائيون عن اختيارهم لهذه التمرة العجيبة ويقولون إنها أغزر إنتاجاً وأقل احتياجاً للجهد والعناية وتدخل في الصناعات، أما في البصرة فلا يحتل الزهدي أكثر من 6% من كمية الإنتاج البالغة نحو 40 ألف طن، ويمنح المزارع البصراوي جهده لأصناف فاخرة من بينها البرحي والحلاوي والخضراوي والخستاوي والبريم، حتى إن لم تكن ملماً بشؤون التمور، فإن تلك الأصناف البصراوية هي التي تختارها من البقال وتشتريها لعائلتك بعد أن تتذوق عدة أصناف، على الأرجح.. ما تأخذه إلى منزلك ليس جزءاً من أرقام الزهدي المليونية التي تراها في قوائم المحافظات، بل من الكميات المتواضعة التي تنتجها البصرة وبغداد وذي قار والديوانية وديالى من البرحي والحلاوي وربما الخضراوي.

بالنسبة للإنتاج العراقي الكلي (750 ألف طن)، يشكل الزهدي وحده أكثر من نصف الإنتاج بأكثر من 400 ألف طن أمام كل الأصناف الأخرى التي تُعد بالعشرات! وتتصدر كربلاء وبابل إنتاج الزهدي الذي يباع الكيلو منه بأقل من 1000 دينار أحياناً، بينما يصل البرحي إلى 8 آلاف للكيلو.

بساتين العاصمة هذا الموسم

بالعودة إلى بغداد، فإن الأرقام تبدو مختلفة نسبياً، الزهدي أقل من نصف الإنتاج الذي يصل إلى 122 ألف طن، وذلك لصالح أصناف فاخرة على رأسها الخستاوي والبريم وحتى البرحي والمكتوم، ولسبب ما.. يبدو موسم العام 2025 مباركاً بالنسبة للبغادلة وحتى غيرهم، وفي التمر وحتى غيره، حيث نقلت شبكة 964 قبل أيام شهادات مماثلة عن مزارعي العنب جنوب صلاح الدين أكدوا فيها أن الموسم سالم ووفير وأفضل من العام الماضي بكثير بسبب السيطرة على الأوبئة.

تتركز زراعة التمور في بغداد على الشريط الذي يحيط العاصمة تقريباً، ويسمى “حزام بغداد”، ويشكل شبه حلقة من الراشدية شمالاً إلى أبو غريب غرباً واليوسفية والمحمودية جنوباً قبل أن يقاطعه التمدد السكاني شرقاً على أطراف مدينة الصدر.

تنضج التمور أولاً في المناطق الأسخن والأكثر رطوبة، قطاف البصرة نزل بالفعل قبل البقية، وتحتل أخباره واجهات موقع شبكة 964 بشكل شبه يومي في قسم “أعراس النخيل” المخصص لمتابعة بساتين النخيل على مدار العام، أما بغداد فستحتاج مزيداً من الوقت والشمس حتى يُطبخ الرطب قريباً من آب ووصولاً إلى أيلول.

كاميرا شبكة 964 وثقت مشاهد للنخيل في بساتين شمال العاصمة، واستمعت إلى ما يقوله المزارعون وجاسم المساري نائب رئيس اتحاد جمعية الفلاحين، عن الضغوط المتزايدة نتيجة شح المياه وقرارات “التحجير والمراشنة” ورفع المضخات، التي لا تهدد النخيل فقط بل كذلك الحمضيات، وهي سلسلة إجراءات اتخذتها الحكومة في محاولة لدفع المياه جنوباً إلى البصرة العطشى ليس في بساتينها فحسب بل كذلك في بيوتها.

يدخل في صناعة خمر بعشيقة.. لماذا تصرّ كربلاء على زراعة الزهدي أرخص التمور؟

“إنذار جيم” من البصرة.. التمرة البرحية صارت أصغر أيها العراقيون فمتى نبني السد!

لطيف الطيب – صاحب بستان نخيل، لشبكة 964:

رغم التحديات، شهد هذا العام وفرة في إنتاج التمور في الراشدية ومناطق حزام بغداد، ومنها الزهدي والخستاوي والبريم والبرحي والخيارة والتبرزل والمكتوم.

الحفاظ على وفرة الإنتاج الزراعي مسؤولية وطنية، ويجب على الدولة دعم الفلاحين خصوصاً في عمليات المكافحة الجوية التي تحمي أشجار النخيل من الأمراض.

يعاني الفلاح من قلة الأيدي العاملة، لا سيما في موسم جمع محصول الملكوط، ما يؤدي إلى ارتفاع التكاليف.

ومع تزايد الكميات لاحقاً تنخفض الأسعار نتيجة كثرة المعروض، ما يضعف العائد الاقتصادي.

مناطق حزام بغداد تحتوي آلاف الدونمات المزروعة بالنخيل والحمضيات، وتشكل دعامة رئيسية للاقتصاد المحلي في ظل قلة الاستيراد.

جاسم المساري – نائب رئيس اتحاد جمعية الفلاحين، لشبكة 964:

يعاني الفلاح في قضاء الراشدية من شح المياه، والكتب الرسمية التي صدرت من مديرية الموارد المائية والتي أُبلغنا بها عبر شعبة الرويات تتضمن قرارات بالتحجير والمراشنة، إضافة إلى كتاب جديد يقضي برفع المضخات.

منطقة الراشدية منطقة زراعية كبيرة، وما زالت تعتمد على وسائل بدائية في السقي، ولا توجد تقنيات حديثة متاحة للفلاحين، وقرارات التحجير والمراشنة ورفع المضخات ستؤثر على البساتين والفلاحين بشكل عام.

تصلنا شكاوى إلى اتحاد الفلاحين من مزارعي الراشدية بأنهم لا يتمكنون من إرواء بساتينهم، ما سيؤدي إلى تلف محاصيل الحمضيات والتمور مستقبلاً.