الشركات تبتز مخالفي الإقامة
نصف مليون أجنبي يحتلون السوق.. العراقي “المتعالي” لا ينافس المهارة الرخيصة
بغداد – 964
يسيطر نحو نصف مليون عامل أجنبي على وظائف في سوق العراق بشكل غير قانوني، وفيما يواصل الوافدون إزاحة المحليين عن وظائفهم، تتعهد وزارة العمل بضبط العمالة الأجنبية، عند حد لا يتجاوز 50 في المئة.
وكشفت وزارة التخطيط، في إحصاء نشرته مطلع العام الماضي، عن ارتفاع نسبة البطالة في البلاد 2.5 في المئة عام 2021، لتبلغ 16.5 في المئة.
ويلقي العاملون المحليون اللوم على الشركات ومكاتب استقدام العمالة الأجنبية، بإدخال الوافدين بغزارة وتقديم تسهيلات تؤثر على توزيع فرص العمل.
وقال أصحاب أعمال مختلفة في بغداد، إنهم خاضوا تجارب سيئة في تشغيل العامل العراقي، بسبب “عدم استثمار ساعات العمل للإنتاج، وندرة المهارات”، إلى جانب “تعاليه على حرف ومهن مختلفة”.
ويقول غزوان باسم، وهو عامل تم تسريحه من أحد مطاعم بغداد، إنه أجبر على ترك العمل بعد سنوات من الخدمة، ليحلّ محله عامل بنغالي، بحجة ارتفاع رواتب العمال العراقيين مقارنة بالأجانب.
ويزعم عمال عراقيون، تحدثت معهم شبكة 964 أن ”العمالة الأجنبية تستحوذ على أغلب فرص العمل في السوق، حتى دون امتلاكهم إقامة ولا تصريحات رسمية، غير أنهم يدخلون بكثافة عبر شركات أهلية يسيطر عليها متنفّذون.
ويقول أحد العمال، إن “أغلب المحال والمطاعم يستقدم العمالة الأجنبية لأسباب أبرزها عملهم لأوقات أطول، وهو ما يستغله أصحاب الشركات لإجبارهم على العمل ساعات طويلة بأجور متدنية مقابل عدم تسليمهم إلى السلطات“.
لكن أصحاب العمل لديهم أسبابهم في تفضيل العامل الأجنبي، منها ما يتعلق بالمهارة والالتزام، إلى جانب قلة الأجور.
وبحسب تقديرات مسؤولين في الحكومة ورجال أعمال، فإن أجور العامل العراقي تبلغ شهرياً نحو 600 ألف دينار، بينما لا يتجاوز ما يتقاضاه العامل الأجنبي 250 دولارا.
السلطات تلاحق المخالفين؟
وفقاً لإحصاءات وزارة العمل، يوجد مليون عامل أجنبي غير مرخص في العراق، ما دفع وزارة الداخلية إلى تحذير المواطنين من إيواء الأجانب المخالفين لقانون العمل والإقامة، ودعتهم إلى الإبلاغ الفوري عن أماكن وجودهم.
ويقول المتحدث باسم وزارة العمل نجم العقابي، لشبكة 964، إن “أغلب العمالة الأجنبية هم من الجنسيات الآسيوية لكن السوريين في الصدارة”، مبيناً أن “الوزارة اتخذت سلسلة إجراءات جديدة لضمان تقليص عدد العمال الأجانب وفتح سوق العمل أمام العراقيين”.
ويضيف العقابي، أن “وزارتي العمل والداخلية قررتا عدم منح أي تأشيرة لدخول العمال الأجانب، إلا بعد توقيع عقد للعمل، على خلاف الإجراءات السابقة التي تسمح بدخولهم العراق قبل الحصول على عمل”.
كيف يتحايل الوافدون؟
تؤكد وزارة العمل أنها تتحقق من عقود العاملين الأجانب قبل منح تأشيرات الدخول، بهدف عدم جذب أيد عاملة تنافس العراقية، فيما يجري بالتزامن تطبيق فقرات قانون العمل العراقي، التي تقضي بتوزيع فرص العمل مناصفة بين العراقيين والأجانب “.
وتستغل مكاتب استقدام العمالة الأجنبية ثغرات في القانون والإجراءات المحلية، إذ يتمكن عدد كبير من الوافدين من دخول البلاد بطرق ملتوية، كالسياحة الدينية، قبل أن يتم تهريبهم إلى العاصمة للعمل دون رخصة رسمية، وفقاً لمصدر أمني.
يقول العقابي لشبكة 964، إن “أعداد العاملين الأجانب في البلاد، يفوق المليون شخص، بينهم 62 ألفاً و503 عمّال يمتلكون تراخيص للعمل”، وهو ما يعني أن ثمة نصف مليون شخص آخرين من الأجانب يعملون في العراق بلا مسوغ قانوني.
وأوقفت الوزارة في وقت سابق، منح أي رخصة لشركات استقدام العمالة الأجنبية الجديدة، وقررت تكثيف المراقبة على أداء عمل الشركات القديمة.
جنسيات السوق
وفقاً لوزارة الداخلية، لا توجد أرقام دقيقة تحصي عديد العمالة الأجنبية من المنتهية فترة إقاماتهم القانونية أو لا يملكون تصاريح رسمية للعمل.
ويقول خالد المحنا، المتحدث باسم وزارة الداخلية، لشبكة 964، إن “البنغال والسوريين هم أكثر الجنسيات وجوداً في البلاد”، مبيناً أن “الحكومة قررت حظر عمل البنغال والفلبينيين، بينما استثنت السوريين من هذا القرار”.
ويضيف المحنا، أن “الوزارة تعمل على ترحيل أي عامل أجنبي انتهت مدة إقامته، عبر مفارز منتشرة في العاصمة والمحافظات تلاحق المخالفين بشكل دقيق“.
وتشير إحصاءات رسمية وغير رسمية، إلى أن عدد العاطلين عن العمل من العراقيين تجاوز عتبة المليون و600 ألفاً، فيما يستحوذ نحو مليون وافد على فرص عمل مختلفة في عموم البلاد.
ويقول نبيل العلي، وهو خبير اقتصادي، إن “أكثر من 350 ألف عامل أجنبي دخلوا بصورة غير شرعية إلى العراق، في حين أن نسبة البطالة خلال العام 2023 قد تتجاوز ال16.5%”.
ويضيف العلي، أن “ارتفاع نسب البطالة والفقر في البلاد، دفع الحكومة لزيادة أعداد المشمولين بالرعاية الاجتماعية من مليون و500 ألف مستفيد إلى مليونين و500 ألف شخص، في موازنة تكلف الدولة نحو 3.5 تريليون دينار سنوياً”.
وأشار البنك الدولي في آخر إحصاء له عام 2021، إلى أن مستوى البطالة في العراق بلغ 13.7%، وهو المعدل الأعلى منذ عام 1991، ما ينذر بتفاقم حالة سخط شعبي قد تقود إلى احتجاجات مماثلة لأحداث 2019.