هل تفوّق باب الخان على البقية؟

ما قصة “لالات” أهل الولاية في كربلاء؟.. صوّرنا 12 طرفاً وكأنها نهار

المدينة القديمة (كربلاء) 964

تنفرد كربلاء تقريباً بتقليد “تكيات المصابيح” أو “اللالات”، وهي واجهات ضخمة أحياناً تصطف بداخلها مصابيح مضيئة ويُكتب فوقها اسم الحي (الطرف)، وتنتشر بين الشوارع الرئيسة للمدينة القديمة، وترمز إلى ترحيب أهالي هذا “الطرف” بقوافل أو ضعن الإمام الحسين القادم إلى كربلاء من الجزيرة العربية، وكأن الأحياء تتنافس على كسب ضيافة أهل البيت عبر إضاءة أكبر عدد من القناديل وهي حركة رمزية يعبر فيها أبناء المدينة القديمة (الولاية) عن تعلقهم بأهل بيت النبي، وتمنيهم لو أن الضعن حط في مضارب أجدادهم بدل المقتلة التي تعرضوا لها أثناء الطريق إلى الكوفة.

ولا يحتاج أبناء كربلاء لمعرفة حلول شهر محرم من الروزنامة أو التقويم، فمحرم يحل مبكراً جداً في المدينة، بعد ساعات من انتهاء آخر أيام عيد الأضحى، بإمكانك مشاهدة أبناء الطرف يجهزون الأخشاب وينصبون التكيات استعداداً للأول من محرم الذي يحل بعد أسبوعين من نهاية العيد، ويستغرق نصب التكيات عادة أسبوعاً أو أكثر، وتبقى التكية مضاءة حتى التاسع من محرم، أي قبل ساعات من حلول ذكرى معركة الطف وشهادة الإمام الحسين.

وفي كربلاء أكثر من 12 باباً وطرفاً تحيط بضريحي الإمامين الحسين والعباس، منها باب الخان، باب بغداد، باب السلالمة، باب الطاق، باب النجف، باب طويريج، المخيم والزينبية، العباسية الشرقية والغربية، ولكل من هذه الأطراف “تكية لالات” رئيسية، وتكيات فرعية، وبالإضافة إلى تكيات الأحياء خارج “الولاية” مثل الإسكان.. يصل العدد الكلي إلى 400 “تكية لالات”، وفقاً لإحصاء الشاعر عادل الوزني، وهو أحد المساهمين، ويشير إلى إن التقليد بدأ قبل نحو 3 قرون.

وبدأت “التكيات” قديماً شكل قناديل زيتية ثم تطوّرت، بحسب عارف كاظم من محلة باب السلالمة، ولاحقاً تحوّلت إلى نقطة تجمع لأبناء الطرف، ينطلقون منها إلى صحن الإمام الحسين في المسيرات اليومية التي تحمل رايات بأسماء كل طرف، وطيلة اليوم بإمكانك مشاهدة عشرات المارّة وهم يقفون أمام تلك المصابيح ويتأملونها ويدققون في الرسوم على المصابيح وبعضها يحمل وجوه شاهات إيران القدماء أو مراجع كبار، خاصةً وأن صناعتها تتم في ورش أصفهان وطهران ومشهد.

عادل الوزني – شاعر وابن محلة باب السلالمة، لشبكة 964:

في بادئ الأمر كان الهدف من إشعال الإنارة هو الرمز إلى الاستعداد لاستقبال الضعن الحسيني عند قدومه إلى كربلاء، وأصبح فيما بعد تقليداً سنوياً يقام في بداية شهر محرم، وتطور الأمر إلى بناء تكية تنصب فيها المصابيح والفوانيس الملونة والثريات.

لكل موكب وهيئة وطرف تكية، ويبلغ عدد التكيات 300 إلى 400 في المدينة القديمة، باستثناء منطقتي حي الإسكان وحي العباس اللتين تضمان عدداً من التكيات.

تنصب التكية قبل محرم بأسبوع، وفي أول يوم من الشهر تضاء الفوانيس والثريات، ويصبح المكان ملتقى لأهل المحلة، إلى جانب إقامة المجالس الحسينية، وانطلاق مواكب العزاء منها.

نستورد الفوانيس والثريات من مدن إيرانية منها أصفهان ومشهد وطهران، والكثير منها يتعرض للكسر، بينما يصل عمر البعض الآخر إلى أكثر من سبعين عاماً.

عارف كاظم – من سكنة باب السلالمة، لشبكة 964:

لم تكن التكايا على هيئتها الحالية من ثريات وأوان ملونة، بل كانت تنصب فيها فوانيس تعمل بالنفط، وتزين بالصور والأعلام، ثم تطور الأمر إلى استخدام فوانيس غازية، وبعدها أصبحت تضاء بالمصابيح الكهربائية مع تطور مصادر الطاقة.

كل طرف لديه تكية رئيسية وعدد من التكيات الفرعية، إذ أن لكل هيئة تكية خاصة بها، وتنصب التكية قبل بدء شهر محرم، وتغلق في يوم 9 محرم، أي قبل يوم واحد من ذكرى واقعة الطف في العاشر من محرم.