"الاتصالات بالروس لم تكن مثمرة"
ماذا دار بين دمشق وبغداد وطهران قبل سقوط الأسد؟ مدير مكتبه يروي التفاصيل
964
كشف مدير المكتب الإعلامي للرئاسة السورية السابقة، كامل صقر، عن تفاصيل انهيار نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وما سبقه من مشاورات ولقاءات واتصالات ضمت الجانب السوري والعراقي والإيراني والروسي، وفيما تحدث عن الرفض الروسي لاستخدام إيران قاعدة حميميم جنوب شرق اللاذقية من أجل دعم نظام الأسد، أكد أن أمريكا هددت طائرة دعم إيرانية بالقصف بعد أن كانت فوق أجواء العراق متجهة إلى سوريا.
مسؤولون عراقيون: الأسد لم يستجب للمطالب خلال وساطة بغداد بين أنقرة ودمشق
كامل صقر – مدير المكتب الإعلامي للرئاسة السورية سابقاً، في حديث مع الإعلامي حسين الشيخ تابعته شبكة 964:
كانت هناك عملية اتصالات سياسية “محمومة” قادها وزير الخارجية السوري، بسام صباغ، ومعاونه حبيب عباس، بزيارة إلى بغداد واتصالات بوزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، على مدى اليومين التي سبقت سقوط بشار الأسد، وكانت الغاية هي التوصل إلى صيغة سياسية بدون بشار الأسد، أو على الأقل بإمكانية انتقالية إذا صح التعبير لكن الأحداث تسارعت أكثر فأكثر فلم يعد هناك حاجه للمرحلة الانتقالية، أي أن يبقى بشار الأسد لعدة أشهر ثم يسلم السلطة، فالسلطة انتزعت بشكل سريع، وحتى مساء يوم السبت كانت التفاوضات قد أصبحت مسدودة، لأن تسارع الأحداث الميدانية كان أقوى وأكبر وأسرع من الاتصالات السياسية.
كانت الأمور قد بدأت تكشف عن أن أمراً ما قد يتطور هذا على ضوء جزء من التحولات الداخلية في سوريا قبل نحو 5 أو 6 أيام من هروب الأسد، طبعاً في هذه الإثناء كان بشار الأسد موجود في موسكو في 26 تشرين الثاني 2024، بغاية لقاء الرئيس بوتين وطلب المساعدة منه، في هذه الأثناء كانت حلب قد أصبحت تحت سيطرة قياده العمليات العسكرية.
حصل تأخير في لقاء الأسد ببوتين ولم تحصل الاستجابة المطلوبة التي سافر لأجلها بشار الأسد، فكان مقرر له أن يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الـ 26 من نوفمبر، فقد وصل يوم الأربعاء لكن اللقاء حصل يوم الجمعة، وليس هذا التأخير فقط، فعندما عدنا من موسكو، كانت هناك رغبة في إجراء اتصال من بشار الأسد بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لكن الاتصال لم يحصل، وبالعودة للقاء الأسد ببوتين فقد حدد أول مرة في الثانية ظهراً يوم الجمعة، أي بعد تحرير حلب بيوم، ثم أُجل اللقاء إلى الثالثة ثم إلى الخامسة عصراً، وكان الطرف الروسي قد أبلغنا بأن اللقاء سيجمع فقط بشار الأسد ويذهب معه مرافقه الشخصي، واستمر بحدود الساعة لكن حصلتُ على معلومات أن حصيلة اللقاء لم تكن جيدة، بمعنى أن الرئيس السوري طلب من الرئيس بوتين آنذاك أن يقدم الدعم العسكري والأهم أن يفسح المجال لإيران لإيصال الدعم العسكري، سيما بعد التقليص النسبي للقوات أو الميليشيات المحسوبة على إيران خلال الأشهر الأخيرة، كما أن الأجواء السورية كانت مراقبة ومحاصرة من قبل إسرائيل، وقبل ذلك كان حزب الله قد تلقى ضربة قوية عسكرياً في جنوب لبنان، لذا فقد طلب بشار الأسد من الرئيس بوتين أن يفسح المجال للإيرانيين لتقديم الإسناد العسكري للجيش السوري، ولكن الروس رفضوا، فلم يكن الإيرانيون ولا الروس يريدون أن يضعوا أنفسهم في هذه المعادلة، الكل تراجع إلى الوراء. وبحسب ما قاله بشار الأسد فإن الرئيس بوتين اتصل برئيس أركانه وطلب منه تهيئة الظروف للحرس الثوري الإيراني بنقل ما يريد من مقاتلات من إيران إلى سوريا، عبر قاعده حميميم.
نحن نتحدث بتاريخ 29 نوفمبر أي قبل أكثر من أسبوع من سقوط النظام، بشار الأسد، إذ طلب من بوتين أن يتولى شخصياً تأمين عملية النقل الجوي الكفيلة بتقديم أو إيصال المساعدات العسكرية لإسناد أو رد أو إيقاف تقدم المعارضة السورية، لكن ما حصل هو العكس، فالإيرانيين قالوا لبشار الأسد أنهم لم يتلقوا لا إشارات ولا تأكيدات بأن بالإمكان أن تتحرك طائرات إيرانية إلى قاعدة حميميم وتعبر أجواء العراق وتهبط في قاعده حميميم، ثم أعيد السؤال إلى موسكو ولم تحصل إجابة رغم أن -بحسب بشار الأسد- فإن بوتين اتصل أمامه برئيس أركانه، وقد أبلغ الإيرانيون الطرف السوري آنذاك بتحرك طائرة وعندما وصلت إلى أجواء العراق، أبلغت من قبل الأمريكان بأنه سيتم قصفها ما لم تعد أدراجها إلى طهران، وهذا يعني بأن الكرملين لم يستحصل على الموافقة أو القبول أو السماح بأن تصل مساعدات إيرانية إلى سوريا.
مساء الجمعة وفي الساعة السابعة مساءاً بتوقيت موسكو أعددتُ البيان الصحفي وأرسلته إلى الجانب الروسي، فطلبوا منا التريث، حتى اليوم الثاني أبلغني بشار الأسد بأن بوتين أرسل مبعوثاً يبلغه أنهم يفضلوا أن لا يتم الإعلان عن الزيارة.
كان هناك وساطات من قبل الجانب العراقي والإيراني، والعراقي أكثر، مع الجانب التركي، الجانب الإيراني تراجع، يبدو أنه قرأ المشهد بلحظة ما وبسرعة، فقد حصلت زيارتين من إيران إلى دمشق بعد تحرير حلب، الأولى زيارة وزير الخارجية عباس عراقجي المعلنة، والثانية زيارة لاريجاني وهي سرية مساء يوم الجمعة، زيارة عراقجي لم يكن فيها حماس فأنا كنت موجود في اللقاء، وقد خرج يتعشى في شوارع دمشق، ولم يكن عراقجي لا بالحماس الشخصي ولا بالحماس السياسي التي عادة ما يكون عليه، وجرى الحديث عن إمكانية التحرك وما الذي يمكن أن تقوم به إيران على مستوى الوساطة تجاه تركيا وأيضاً في علاقتها مع روسيا، وكان هناك حديث خجول عن إمكانية تقديم الدعم العسكري، عراقجي مدرك بشكل مسبق للقرار الإيراني ومدرك أيضاً للموقف الروسي فكان اللقاء بارداً بسيطاً ولم تكن نتائجه مفيدة وفق ما كان يتمنى الأسد.
كما وصل عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني علي لاريجاني مساء يوم الجمعة، وكانوا 5 أشخاص مع لاريجاني، جزء منهم من السفارة ومنهم السفير الإيراني في دمشق، في مقابل ذلك كان فقط بشار الأسد في اللقاء، وعادة يحضر مثلاً وزير الخارجية، معاون وزير الخارجية، رئيس المكتب السياسي والإعلامي فعندما وصل لاريجاني فوجئ بأن الوفد السوري متأخر فلم يتوقع أن يكون فقط الأسد في اللقاء، أتصور أن بشار أراد أن يكون وحده في اللقاء، وبعد اللقاء كانت ملامح الأسد توحي أو تؤكد أن اللقاء لم يكن كما يتمناه، فقد حصلت حاله تبرؤ نسبي أو تبرؤ واضح من قبل إيران تجاه الأسد بشكل مطلق.
كما أبلغ وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، نظيره السوري ومعاونه، بأن الرئيس أردوغان أبلغ الطرف العراقي بأنه لا مجال للحديث عن وساطات، هذا يوم الخميس في السادس من ديسمبر، قبل السقوط بيومين.
أصبح سقوط الأسد محسوماً منذ بداية مساء يوم السبت، وكانت آخر مرة تم الاتصال فيها مع الأسد من قبل المكتب الإعلامي والسياسي في القصر الجمهوري مساء بوقت متأخر، حيث طلب بأن يكون هناك اجتماع في قاعده حميميم، عسكري روسي سوري، وبحضور وزير الدفاع ورئيس الأركان، لكن ذلك لم يكن مقنع. حالة الانسحاب هذه تدل على أن الأمر غير مقنع.
أتصور أن الأسد اختار للهروب معه، الأمين العام لرئاسة الجمهورية، منصور عزام، ووزير الدفاع، ورئيس الأركان، ومرافقه الشخصي، بالإضافة لأولاده حافظ وكريم، كريم كان قد عاد معنا من موسكو على الطائرة نفسها قبل أسبوع، أما حافظ فلا أعلم متى جاء، ربما جاء بعد يومين.
كان هناك طائرة خاصة عبر المتحلق الجنوبي إلى مطار دمشق، ثم طريق المطار وصولاً إلى المطار، كانت مؤمنة من قبل الطرف الروسي لأن الملحق العسكري الروسي التقى بالأسد في الساعات الأخيرة بعد الحادية عشر ليلاً وحتى الثانية ليلاً التقى به لتأمين عملية الهروب، فكانت المغادرة من المنزل، التقاه الملحق العسكري الروسي في القصر، ثم إلى مطار دمشق الدولي ثم الى مطار حميميم، وحسب معلوماتي، لم تكن الطائرة جاهزة، بل بقي في القاعدة عدة ساعات حتى تم تأمين طائرة وتجهيزها وتأمين إقلاعها وطيرانها بأمان إلى موسكو.
للمزيد من تغطيتنا حول التوترات في المنطقة:
3 تصريحات خاصة لـ964
مداهمة شقة طالباني.. حكومة سوريا لا تعلم والمفتاح "سيعود قريباً"
حزب الله يعلن موعد ومكان تشييع حسن نصر الله
في مدينة الصدر
التسجيل الكامل لجلسة علي طاهر الحمود وحسام الحاج: من صدمة الهوية إلى صحوة الهويات
الصفقة كانت تقضي بنقله إلى الكرخ
سجين عراقي يقرر البقاء في غوانتانامو ويرفض العودة إلى بلاده
طلبت المفتاح واحتفظت به!
قوات الجولاني تفتش شقة الرئيس العراقي الأسبق جلال طالباني وسط دمشق
الخطر بدأ.. مستشار السوداني يدعو إلى اتفاق الفصائل و"إدارة الدولة"
مصدر لـ964: الأجواء إيجابية