تصريحات مستشار السوداني
انتهى زمن “الربح السريع”.. الحكومة تخير المصارف المعاقبة بين الاستثمار أو الإغلاق
964
أكد محمد صاحب الدراجي، المستشار الفني لرئيس الوزراء، أن السوق العراقية لن تتأثر بالإلغاء المرتقب للمنصة الإلكترونية لتحويل الدولار، وأن المصارف التي تستطيع دخول المنصة الآن هي ذاتها ستعمل على التحويل المباشر عبر بنوك مراسلة، لافتاً إلى أن المصارف التي لم تتمكن من إيجاد بنوك مراسلة أمامها خيارين، فأما التوجه نحو تقديم الخدمات الاستثمارية، عبر احتياطاتها المتحصلة سابقاً من مزاد العملة، أو الإغلاق والتوجه إلى قطاعات أخرى، فيما دعا أصحاب المصارف “الذين اعتادوا الربح السريع” إلى تعلم آليات “الربح الاستراتيجي” والاستثمار في القطاع الصناعي باستغلال فرصة مبادرة الضمانات السيادية لاستيراد الخطوط الإنتاجية من أوروبا واليابان بنظام الدفعات الميسرة بضمانة الدولة العراقية.
بقي شهر: رواتب العراق في خطر وكارثة دولار أم "سلامات"؟.. اسمعوا 5 خبراء
محمد الدراجي، في حوار مع الإعلامية ذكريات محمد، تابعته شبكة 964:
عملنا لمدة 20 سنة بطريقة خاطئة، فمزاد العملة لم يكن الطريقة الأمثل للتعامل مع المجتمع الدولي، وأنا شخصياً ضده ورفعت سابقاً دعوى عبر الادعاء العام لإلغائه، حيث بقيت فواتيره ضبابية وغير حقيقية لحين صدور العقوبات من الفيدرالي الأمريكي بحق المصارف الخاصة التي تقف خلفها السياسة والأحزاب.
المنصة الإلكترونية هي حل مؤقت تم الاتفاق على العمل به لعامين فقط، وصولاً إلى المرحلة التي نكون فيها قادرين على التعامل بالدولار وتحويله كأي بلد آخر، أي عبر البنوك المراسلة.
بإمكان أي تاجر تقديم فواتيره إلى أي بنك مرخص، مع تقديم مبلغ الفاتورة، وتحديد اسم المورد والطرف المستلم، وسيتم التحويل بسلاسة عبر بنك مراسل أجنبي، بعد أن يستلم المبلغ من المصرف العراقي ويحوله إلى مصرف بلد التصدير، وهذه هي الحالة الطبيعية التي كان من المفترض أن نبدأ بها قبل 20 سنة.
البنك المركزي يعاني من مشاكل كثيرة، وتغاضى كثيراً عن تدقيق فواتير مزاد العملة، ولكن المنصة خلال العامين الماضيين ساهمت بتقنين المزاد أكثر، ويمكن اعتبارها “الفلتر” الوحيد.
لن يكون هناك تأثير كبير في مرحلة ما بعد المنصة الإلكترونية، لأن البنوك التي تستطيع الدخول اليها، تمتلك بنوك مراسلة وبإمكانها التحويل عبرها بشكل طبيعي.
لن تستطيع المصارف العراقية العمل إذا ما لم تتكامل مع المنظومة العالمية، وواقع المصارف العراقية اليوم في أسوأ حالاته، ومسؤولية هذا تقع على أصحاب المصارف الذين لم يبنوا منظومتهم بشكل صحيح، وعلى البنك المركزي أيضاً لأنه لم يعلمهم طرق البناء الصحيحة.
في زمن النظام السابق كان هناك مصرف أو مصرفين خاصين فقط، لكن بعد الانفتاح كثرت المصارف وبدأت بالربح بشكل كبير عبر مزاد العملة، فاسترخى أصحابها أكثر ولم ينتبهوا إلى آليات العمل الصحيحة التي يجب أن تتوافر في مصارفهم.
أولوياتنا الاقتصادية حالياً تكمن في ثلاث نقاط، الأولى توطين الصناعات لإيقاف نزيف الاستيراد، فاستيراداتنا تصل إلى 50 مليار دولار سنوياً، وتنتهي في النهاية “بالمجاري لو بالزبالة”، أما الأولوية الثانية فهي التكامل مع النظام العالمي، فالعالم محكوم بمنظومة اقتصادية متكاملة، والثالثة هي تطوير قدرات القطاعين الخاص والعام على التعامل مع الأولويتين الأولى والثانية.
المصارف التي لم تتمكن من دخول المنصة الإلكترونية، والتي لم تجد لها بنكاً مراسلاً لغاية الآن، أمامها خيارين، فأما التوجه بكامل احتياطاتها، التي جنتها من مزاد العملة، إلى فتح محافظ استثمارية، أو الإغلاق واستثمار الأموال في مشروع آخر.
أصحاب المصارف اعتادوا الربح السريع من مزاد العملة، فمع “استكان الجاي الصبح” يربحون 100 ألف دولار، ولكن عليهم الآن أن يتعلموا الربح الاستراتيجي، وكيفية بناء مشاريع استراتيجية، وأنصحهم بالتوجه للقطاع الصناعي لتوطين بعض الصناعات.
بإمكان المستوردين الدفع بالدينار للبنوك، والبنك يحول عبر البنك المراسل ما يعادله بالدولار إلى الجهة المصدرة، ولذا سيكون الضغط أقل على طلب الدولار من السوق الموازي، فمن يحتاج الدولار هم المسافرون والمهربون فقط، لأن التجار سيدفعون فواتيرهم بالدينار.
لا توجد أي مخاوف من التوجه نحو البنوك المراسلة والاستغناء عن المنصة الإلكترونية، وإذا ما صار تلاعب في الأسعار فسيكون بفعل المضاربين الذين ينتظرون أي حدث في العالم لإثارة الذعر ورفع الأسعار، ولكن سيكون ارتفاعاً مؤقتاً فحسب.
الدولة مثل الأب في التعامل مع القطاعين الخاص والعام، لكنها في العراق تدلل القطاع العام وتمنحه راتباً وتقاعداً وإجازات، لكنها تطلب من أبناء القطاع الخاص أن يعملوا دون ضمانات، والمفروض أن يكون هناك عدالة في التعامل.
الحكومة الحالية هي الأفضل في التعامل مع القطاع الخاص، بدليل أنها توجه باستمرار بالتعامل مع القطاع الخاص، وتحرص أن يكون ممثلاً في كل زياراتها الخارجية، وكذلك هم ممثلين في الجهات الحكومية المعنية بتطوير الاقتصاد، كصندوق التنمية الذي يضم ممثلين عن القطاع الخاص ضمن مجلسه الإداري.
العراق حالة غريبة عجيبة في الاقتصاد حالياً، نعيش حالة ضياع بين النظريات الاقتصادية، لسنا اشتراكية ولا رأسمالية ولا اقتصاد مجتمعي، فسابقاً كان الاقتصاد واضحاً، وهو اقتصاد الرجل الواحد، وقبلها الاشتراكية والرأسمالية، على عكس ضبابية اليوم.
الحكومة الحالية تحاول تحديد المذهب الاقتصادي للدولة، وبدأت بمعاملة القطاع الخاص كركيزة أساسية فيه، وأدركت بأنه لن يكون هناك اقتصاد في العراق من دونه، ولذا بدأ العالم ينظر الينا بنظرة مختلفة عن السابق.
هناك مافيات اقتصادية تريد للعراق أن يبقى مستنقعاً للاستيراد والاقتصاد الفاشل، لكي تستفيد من هذه الحالة بلدان أخرى، “واليشتغل صح يلعبون بي خلقة”، فإذا توجهنا إلى طرح أسهم الشركات العامة للاكتتاب سيقال بأننا بعنا الدولة، وهذا مثال بسيط على ذلك.
هناك رجال أعمال عراقيين أنشأوا مصانع في الأردن وإيران قرب الحدود العراقية وكل صادراتهم توجه إلى العراق، لأن هذه البلدان توفر بيئة أعمال مناسبة بعيداً عن البيروقراطية والرشاوى، فضلاً عن سياساتها في دعم الصادرات لاستقطاب العملة العملة الصعبة، على عكس العراق الذي لم يفهم جهازه الإداري هذه الحالة، بينما تحاول القيادات العليا إفهامهم، رغم المعرقلات البيروقراطية.
اتفقنا مع جميع دول أوروبا واليابان على توريد خطوط إنتاجية للمستثمرين العراقيين بمقدمة تبلغ 15% من قيمة المصنع، ويتم تسديد الباقي على دفعات بضمان الدولة العراقية، عبر الضمانات السيادية، على أن يبقى المصنع مرهوناً للدولة لحين السداد الكامل، وهذه المبادرة ستشمل الصناعات الإنشائية لأنها أولويتنا حالياً.
كل مليون دولار يشغل 10 عمال، فإذا كانت ضمانة المصنع 100 مليون دولار سيشتغل 1000 عامل، ومن بين شروطنا لمنح القرض هو أن يكون العمال مضمونين بالكامل.
البنك المركزي يكشف عن آلية إنهاء المنصة الإلكترونية
ماذا يعني إغلاق منصة البنك المركزي نهاية العام؟.. رابطة المصارف توضح
السوداني للخزانة الأمريكية: بقي القليل وسنتحول لنظام المصارف المراسلة
