ماذا نعرف عن "الخزينة الموحد"؟
العراق يجهل أمواله وموظفيه.. السوداني يريد حساباً واحداً بدل “1000 بيد الأحزاب”
بغداد – عمر الشمري
منذ عام 2016، يحاول العراق طبق مقترحات دولية، إنشاء “حساب الخزينة الموحد” لتعزيز الرقابة على أمواله ومنع الاحتيال، لكن المشروع يصطدم “بمعرقلات داخلية”، دفعت رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أخيراً، إلى فتح الملف من جديد، كاشفاً في اجتماع مهم ونادر أن الدولة “غير مطّلعة حالياً على حجم أرصدتها وحساباتها أو حتى عدد موظفيها” بغياب هذا النظام المحاسبي.
السوداني يطالب بتطبيق "حساب الخزينة" منعاً لتكرار "سرقة القرن"
“الخزينة الموحد” هو حساب مصرفي مركزي، تستخدمه الحكومات والجهات الرسمية لإدارة الأموال العامة، إذ يتم تجميع الأموال المستلمة من جميع المصادر، مثل الضرائب، والرسوم، والتبرعات، والمنح وغيرها، ثم توجه نحو النفقات الحكومية وسداد الديون والتزامات الحكومة.
ماذا حدث؟
في العام 2016 برز المشروع إلى الواجهة، بمقترح من البنك المركزي، بالتعاون مع وزارة المالية ومساندة البنك الدولي، الذي خصّص منحة للعراق بمبلغ 50 مليون دولار للتدريب على هذا النظام.
يوم الأربعاء، عقد السوداني اجتماعاً مع الكادر المتقدم في وزارة المالية والمركزي ومدراء المصارف، وقال إن التأخير في تطبيق حساب الخزينة الموحد خلال السنوات الماضية، تسبب بالكثير من حالات الفساد، كان آخرها “سرقة القرن”.
ماذا يعني؟
يقول الخبير المالي البارز، محمود داغر، إن “جميع الوزارات والمؤسسات حالياً، تمتلك حسابات مستقلة، لكن الحساب الموحد، يعني أن ترتبط جميع تلك الحسابات بحساب واحد يربط جميع التعاملات المالية، ما يسهل السيطرة عليه من قبل وزارة المالية، عبر نظام إلكتروني، يكشف جميع السحوبات، وأبواب صرفها، ويطلب استرجاع غير المستخدم منها”.
داغر الذي عمل مسؤولاً كبيراً في البنك المركزي قبل ان يتقاعد مؤخراً، يضيف خلال حديث لشبكة 964، أن “الحساب الموحد سيضمن سيطرة وزارة المالية على المبالغ المصروفة للمؤسسات كافة، وضمان إعادة المبالغ غير المستخدمة”.
ويشير داغر إلى أن “فتح آلاف الحسابات المصرفية التابعة للوزارات والمؤسسات يصعّب مهمة التدقيق بشكل يضمن سلامة الإجراءات، وذلك لضخامة أعداد تلك الحسابات، وعدم إمكانية السيطرة عليها”.
ويرى داغر أن الحساب الموحد سيقلل من هدر المال العام، طالما بقيت الأرصدة المالية معروفة، كما أن الوزراء سيلزمون بتعليمات الصرف تبعاً للقوائم المرسلة، والحاجة المقررة، إذ سيصبح الأمر إلكترونياً عبر كودات ورموز بين وزارة المالية والبنك المركزي، والكل يراقب”.
السوداني يطلب من وزرائه "كشوفات شهرية" عن الإيرادات غير النفطية
تصريحات صادمة من الوزير: لماذا تأخرنا؟
مختصون يرون أن المشروع تلكأ، بسبب تعدد جهات صنع القرار في العراق وتشتت الصلاحيات، فيما يعزوه الخبير داغر إلى “الفوضى التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية”.
لكن أستاذ العلاقات الاقتصادية الدولية في الجامعة العراقية، عبدالرحمن المشهداني، يتحدث عن “فتور وعدم اندفاع للمشروع من قبل الوزارات والمؤسسات إلى جانب أقسام في وزارة المالية، باعتبارها قد تستفيد من تعدد الحسابات، بعيداً عن سلطة رقابية واحدة”.
عبد الرحمن المشهداني، لشبكة 964:
- ذات مرة، قال وزير التخطيط السابق، خالد بتّال، إنه خلال تفشي وباء كورونا، حصل نقص في السيولة المالية، وكدنا نواجه أزمة في توزيع الرواتب، لكن ما حصل هو أننا وجدنا نحو 6 تريليونات، متفرقة في حساب عدد من دوائر الدولة لدى المصارف الحكومية، فضلاً عن 3 تريليون لدى المصارف الأهلية.
- يتم تعيين مدراء الأقسام فما فوق بتأثير أو تدخل حزبي، كما أن بعضهم يشتري تلك المناصب، وبالتالي يبحث عن ثغرات لتحقيق مصالحه الخاصة، التي سيضربها “الحساب الموحد”.
- يستهدف هذا الحساب في المقام الأول، ضبط جميع العائدات من مختلف الأنشطة الاقتصادية، مثل الجمارك، والضرائب، والمرور، والرسوم، وعائدات البلدية، وسيشكل قاعدة بيانات واضحة، عن جميع واردات الدولة.
ماذا بعد؟
الدكتور مصطفى أكرم، وهو عضو لجنة سابقة تشكلت لتقديم استشارات لوزارة المالية بشأن “حساب الخزينة الموحد”، أكد أن المشروع بحاجة إلى “تفكيك وإزالة الكثير من العقبات”.
مصطفى أكرم، لشبكة 964:
- العمل على مشروع “حساب الخزينة الموحد”، مستمر من قبل الجهات المعنية.
- هذا المشروع يرتبط بالضرورة بملف توطين الرواتب، لكن الكثير من الوزارات والمؤسسات لم توطّن رواتب موظفيها حتى الآن.
- يتعلق المشروع أيضاً بأتمتة المدفوعات، وإدخال النظم الإلكترونية في التعاملات المالية، وهذا غير متوفر.
- ليس هناك إرادة لدى مسؤولي الدوائر، لا سيما أعضاء الأحزاب منهم، لأن الأموال ستكون خارج نفوذهم، ما يعني عدم إمكانية استغلالها، فعلى سبيل المثال، يحدث الفساد المالي، عندما تكون هناك أموال فائضة، ثم تُبوّب بشكل غير سليم، ويتم صرفها، وهذا لن يحدث عند تأسيس حساب الخزينة الموحد.