الاستيراد ليس "للكبار فقط"

“بهاوي” فهم معايير العراق وأسرار الصين: أصطاد قطع غيار السيارات القوية فأربح

2025-12-09 | 16:36

964

تسافر “الدعامية” مع “الدبل” في رحلة طويلة نحو العراق وصولاً إلى مخازن “بهاوي”، الشاب العراقي الذي ينشغل بمتابعة تجارته وبضائعه القادمة من مصانع مقاطعة Zhejiang (تشيجيانغ) أقصى شرق الصين.

وبهاء ضياء، عشريني انتبه مع كثير من أبناء جيله إلى واحدة من “الفرص خارج الصندوق” وتبدأ من فهم حاجات السوق بشكل أكثر تحديداً، ثم إبرام تفاهمات مع المصانع الكبرى وبعض الوسطاء، في خط تجارة يوازي خطوط تجارة شركات الاستيراد الكبيرة، ويلبي رغبة شريحة أصغر من “المعاميل” يشعرون أنهم صاروا يلمسون بضائع الصين البعيدة وبضائعها مباشرة دون تكاليف السفر والتيه في دروب تلك القارة..

50 يوماً في عرض البحر

ومن المعمل -على بحر الصين الشرقي- تُشحن قطع غيار السيارات إلى ميناء Ningbo-Zhoushan حيث تُحمَل على سفن تجارية كبرى تقطع المحيط الهندي إلى ميناء “أم قصر” في البصرة، ضمن شحنة تضم آلاف الأطنان من البضائع الصينية.

وبعد رحلة تستغرق بين 40 و50 يوماً، تصل الباخرة إلى البصرة، لتُنقل الحاوية التي تضم هذه الممتصات عبر شركات النقل الداخلي إلى أربيل، وبعد أن يستلم التاجر بضاعته، يبدأ التسويق عبر منصات التواصل الاجتماعي، وبأسعار مطابقة للجملة، ويقول بهاوي الذي يدير صفحة “بهاوي لتجارة قطع غيار السيارات” إن زبائنه في أبعد مناطق العراق، بما في ذلك البصرة التي تمر بها البضائع إلى أربيل ثم تعود إليها كما في مخزن أبو الخصيب الذي يطلب كميات شبه ثابتة من القطع الصينية.

إذا فهمت السوق جيداً.. سيستقبلك

ويقول بهاء إن الفرصة ستبقى قائمة أمام الشباب الأذكياء لدخول هذا المجال، مهما كبرت الشركات أو ازدادت أعدادها “زبائني في البصرة أو السماوة أو الأنبار وغيرها من المدن البعيدة ملتزمون بالتعامل معي بسبب الجودة، فأنا لا أورّد القطع عشوائياً وفق أفضل صفقة من حيث السعر، بل أقضي معظم وقتي في البحث عن الجودة وقراءة المراجعات والتحقق من مستوى القطعة وتقييماتها، وبإمكاني القول أن قضاء المزيد من الوقت قبل اتخاذ قرار توريد القطعة، ينعكس مباشرةً على اتساع قاعدة الزبائن الأوفياء”.

وبذكر الصفقات، يقول إن أكبر صفقاته “دفعة واحدة” تمت الربيع الماضي، بنحو 12 آلاف دولار، لأحد الوكلاء في مدينة أبي الخصيب جنوب البصرة.

خط آخر من أوروبا لكن أكثر كلفة

وتبدأ عمليات “الاستيراد الصغيرة” عبر منصات البيع العالمية مثل “ali express” و”alibaba” و”Ebay” و”Amazon” وغيرها، ومع مرور الوقت وبناء الثقة بين الطرفين ينتقلان إلى التعامل المباشر وإجراء التحويلات المالية خارج الموقع.

وينطبق الأمر ذاته على قطع الغيار المستوردة من أوروبا، إذ تُنقل براً من دول مثل ألمانيا مروراً بعدة دول أوروبية، ثم إلى تركيا، ومنها إلى العراق عبر معبر إبراهيم الخليل وصولاً إلى أربيل، وتستغرق هذه الرحلة عادة أقل من 30 يوماً، غير أنّ تكلفة الشحن تكون أعلى مقارنة بالشحن البحري، نظراً لاعتمادها على النقل البري طوال الطريق.

الأشباح يزعجون الجيولوجي!

وبهاء العبيدي خريج قسم علوم الأرض (جيولوجي) وشغوف بالصحافة ومختص بكتابة المحتوى والترجمة، لكنه يخوض عالم التجارة الذي يبدو أكثر متعاً وضماناً.

ويدير بهاء صفحة “بهاوي لتجارة قطع غيار السيارات” منذ عامين ويوفر قطع غيار السيارات الأصلية وغيرها للزبائن.

ورغم الفرصة الكبيرة التي يعد بها هذا النوع من الأعمال، فإن المصاعب لا تمتنع، وعلى رأسها ما يسم “الزبائن الأشباح” وهم أولئك الذين يطلبون كميات كبيرة من المنتجات بمبالغ عالية ثم يختفون!.

تراكم الثقة

واجه متجر “بهاوي” بعض المصاعب ابتداءً في كسب ثقة الزبائن لصالح متجر الكتروني “غير ملموس” خصوصاً في مجال السيارات حيث الفواتير مرتفعة “لكني قدّمت ضمانات قوية، أهمها عدم الدفع إلا بعد استلام القطعة، مع توصيل سريع إلى كل المحافظات خلال يومين فقط”.

مع توسّع الطلب، فتح متجر “بهاوي” خط استيراد خاص للقطع الصغيرة والمتوسطة من الصين وأميركا وأوروبا والدول العربية، سواء عبر المواقع العالمية أو الموردين المباشرين.

طموح لتوسيع الفريق

الآن، وبعد عامين من العمل يفكر بهاء بتوظيف عدد من الشباب في جميع مدن العراق كمسوّقين لزيادة مبيعاته ومشاركة تجارب الزبائن وتقييماتهم العالية للقطع التي يستوردها، في محاولة لتوسيع فكرة “جمع كل الأحياء الصناعية في مكان واحد” أو “الحي الصناعي بين يديك”.

أغلب زبائني يأتون من بغداد بالدرجة الأولى، تليها البصرة، ويعتمد هذا الأمر بشكل أساسي على أسلوب التسويق واستهداف الجمهور عبر فيسبوك، وأركّز على هاتين المحافظتين لأن التعامل مع الزبائن هناك أسهل، إضافة إلى حاجة السوق المستمرة للمواد الأصلية.

غرائب السائقات..

يفخر بهاء بأن صفحته سهّلت عملية الشراء على السيدات اللاتي يواجهن صعوبة بدخول الأحياء الصناعية، “صار بإمكان أي سيدة أن تتعرف على حقيقة أسعار كل قطعة في سيارتها مثلاً أو تطلبها”.

ويقول إنه يواجه بعض الصعوبة مع الزبونات السيدات “فغالباً لا يمتلكن خبرة كبيرة في عالم السيارات، وأحتاج وقتاً كبيراً لإقناعهن”.

ويضيف “من أغرب المواقف التي واجهتها، أن فتاة من بغداد طلبت مني منظفات لزجاج نوافذ السيارة من الداخل، رغم أن هذا ليس جزءاً من المواد الاحتياطية فأنا أبيع المحركات والدبلات!”

أما طبيبة السليمانية فكانت طريفة، يقول بهاء.. “حيث اشترت مني محركاً كاملاً لسيارتها (احتياطاً!) رغم أن محرك سيارتها لا يعاني من أي إشكال، لكنها فعلت ذلك لأن المحرك نادر جداً، وهي تمتلك واحدة من أندر السيارات في العراق.

مع هذا.. يفضل بهاء البيع للسيدات “لأنهن أقل مماطلة ومساومة لتقليل الأسعار”.

“بهاوي” فهم معايير العراق وأسرار الصين: أصطاد قطع غيار السيارات القوية فأربح