بقيت 5 سيارات فقط في العراق.. وهذا الباص “دك البصرة” وليس “دك النجف”

أبو الخصيب (البصرة) 964

قبل ظهور باصات (18 راكب) مثل الكوستر والمارسدس.. كانت هذه السيارة هي وسيلة النقل الجماعية الأشهر في معظم مدن العراق، لكن أبو الخصيب تمسكت بسيارة “chevrolet apache” وبعض موديلات “فورد” القديمة أو ما سُمي الباص الخشبي حتى بعد انقراضه في كل المدن بسبب دخول موديلات جديدة مطلع الثمانينات.

وعاش “الباص الخشبي” طويلاً في أبو الخصيب لكنه اضطر أيضاً للتقاعد المتأخر في التسعينات، وتحوّل إلى سيارة كلاسيكية تستخدم في المناسبات العامة والأعراس وبعض المسيرات الوطنية كما أصبح رمزاً قدمته البصرة لزوارها في بطولة خليجي 25، واختارته وزارة النقل كرمز وضعته في كراج النهضة عام 2010، وهو أكبر “ترمنال” على مستوى العراق.

وقبل تطور صناعة السيارات.. كانت المركبات تصل إلى العراق وبقية الدول بمواصفات محدودة، تصل أحياناً إلى مجرد “محرك وشاصي” لتتولى الورش المحلية إكمال السيارة وتغليفها حسب طلب الزبائن كسيارات حمل أو نقل ركاب، وهي المرحلة التي برزت فيها تسمية “دك النجف” بسبب احتراف الأسطوات هناك لهذه المهنة.

لكن عبد الله نجم الملا، وهو مالك واحد من أواخر الباصات الخشبية في أبو الخصيب، يؤكد أن هذه السيارات ليست من “دك النجف” بل هي من صنع أسطوات البصرة 100%، والحديث هنا عن التغليف الخشبي وصناعة المقاعد التي تستوعب 18 راكباً.

وحتى اليوم.. وبعد مضي 7 عقود على صناعتها.. ما زال أسطوات البصرة قادرون على ترميم هذه السيارة الجبارة وإبقائها على قيد الحياة، والاحتفاظ بمحركها القديم بأسطواناته الستة.

ويتعامل السائقون مع الباص الخشبي كذاكرة تمشي على أرض البصرة، حتى أنهم يتذكرون أسماء أول الوكلاء، والمطورين لاسيما شركة التاجر المستورد اليهودي البصري المعروف “عزرا مير لاوي” والتاجر البارز “شفيق عدس” إلى جانب عائلتي “نجم الهواز” و”العطافي”، الذين لعبوا دوراً في تطوير السيارات وتحويلها إلى باص 18 راكب بعد استغلال مساحة “البدي” وتغليفه بالخشب الجاوي (الصاج) مع مقاعد مغلفة بالجلد الطبيعي، ولم ينسوا استثمار سطح “القمارة” بتركيب سلة (سيباية)، لتكون عجلة متعددة الاستخدامات في نقل الركاب والبضائع.

وبقيت هذه السياررات في الخدمة حتى مطلع الألفية الجديدة، لكنها تلاشت الآن ولم يبق منها سوى 5 سيارات، وما زالت تُباع وتُشترى بأسعار تلامس 40 ألف دولار، مع ندرة خبراء صيانتها ممن يفهمون تعقيدات محركها الـ “6 سلندر” نوع “G.M” المشابه لمحرك “Ford”.

البصرة: باص تراثي من خشب السفن وأنامل الفلّاحات يجوب دول الخليج (صور)

باص البصرة الخشبي في أربيل.. احتفاء كردي بخليجي 25 (فيديو)

تريلات العراق تتفق ضد الموانئ والسيطرات: عصيان من الموصل إلى البصرة!

عبد الله نجم الملا – صاحب باص خشب، لشبكة 964:

هذه السيارة نوع “شيفروليت أباتشي” أميركية الصنع، موديل 1958، من استيراد شركة بيت لاوي، ودخل إلى البصرة كسيارة حمل، ولكن تم تحويرها من قبل عائلة نجم الهواز وعائلة العطافي، وصارت سيارة باص بعد تغليفها بالخشب الجاوي “أبو الحز”، وتغليف مقاعدها بالجلد الطبيعي وتكون بشكل متقابل.

كانت هذه السيارة هي وسيلة النقل الوحيدة تقريباً، وتنقل الركاب والبضائع، وبقيت تعمل في شوارع المدينة منذ الخمسينيات ولغاية بداية عام 2000 تقريباً، وللناس ذكريات جميلة معها، ولكنها اندثرت الآن ولم يبق منها سوى عدد قليل جداً.

محركها 6 “سلندر” نوع جي أم أميركي، ولكن قطع الغيار شحيحة الآن، ونضطر إلى تخزين بعض القطع وشراء البعض الآخر كلما وجدناها في الأسواق، وكذلك صيانتها فهي صعبة لأن جميع الميكانيكيين الذي يعرفون صيانتها قد توفوا، ولكن الآن نحن نقوم بصيانة المحرك بعد أن تعلمنا ذلك.

هذه السيارة مختلفة عن سيارات “دك النجف”، فهذه السيارة بصرية بالكامل من حيث الاستيراد والتحوير والصيانة، أما النجفية فهي “ڤالڤو” وتسمى محلياً بـ “النيرن” وهي أكبر حجماً من سيارتنا الشيفروليت.

هذه السيارات لا تقدر بثمن الآن، لأنها صارت جزءاً من تاريخ وتراث البصرة، ولكن هناك بعض منها يطرح للبيع، وتتراوح أسعارها بين 30 – 40 ألف دولار تقريباً، أما بالنسبة لي فهذه السيارة ملك والدي وصارت إيقونة لعائلتنا بيت الملا وهي ذكرى جميلة من والدي رحمه الله.

فيديو: كل أزياء نينوى استقبلت باص البصرة الخشبي.. غناء ودبكات لخليجي 25

فيديو: الإعلامي أركان تقي يقود رحلة باص الخليج إلى الكويت

فيديو: دراجات هارلي ترافق "باص الخليج" إلى الكويت.. 5 شخصيات تقود رحلة خليجي 26

دراجات بغداد ترافق "باص الخليج".. جولة من الكرادة إلى ساحة التحرير (صور)