964
بعد أن حبس لبنان والمنطقة الأنفاس منذ الصباح بانتظار إعلان خطة الجيش اللبناني لحصر السلاح بيد الدولة، خرج وزير الإعلام اللبناني بول مرقص متأخراً نهاية نهار الجمعة من قاعة مجلس الوزراء في بعبدا وبيده رزمة أوراق قرأ محتواها على الصحفيين المتلهفين لفهم ما جرى، لكن المؤتمر الصحفي الذي استمر نحو نصف ساعة وتخللته أسئلة طويلة مركبة وأجوبة مختصرة مواربة.. ختمته صحفية ألقت المداخلة الأخيرة بعبارة (لم نفهم.. هل أقرت الحكومة الخطة سابقاً دون قراءتها).. ليسارع الوزير إلى إظهار الانزعاج ويغادر القاعة مبتعداً عن الصحفيين الذين كانوا يستعدون لليلة طويلة من الأسئلة المصيرية.
وفي التفاصيل، فإن مجلس الوزراء اللبناني كان قد أقر بالفعل خطة لحصر السلاح بيد الدولة في 5 و7 آب الماضي، التزاماً بخطاب قسم رئيس الجمهورية جوزيف عون والبيان الوزاري لحكومة رئيس الوزراء نواف سلام، وكذلك عملاً بقرار “وقف الأعمال العدائية” بين إسرائيل ولبنان في تشرين الثاني الماضي، وكلها مواثيق جرت بموافقة وتوقيع الثنائي اللبناني لاسيما حزب الله، وتسعى الحكومة إلى حصر السلاح أيضاً كجزء من التفاهم اللبناني الأميركي مع الوسيط توماس براك، ودول العالم تمهيداً لتوفير بيئة ملائمة للاستثمار وعودة الشركات لانتشال لبنان من أسوأ كارثة اقتصادية في تاريخه.
وبما أن قرار حصر السلاح كان قد اتخذ بالفعل في جلستي آب الماضي، فإن لبنان كان اليوم بانتظار إعلان خطة الجيش، أو موقف الحكومة من خطة الجيش لتنفيذ سحب السلاح، ولذلك لم يفهم بعض الصحفيين على وجه الدقة الفرق بين جلستي آب وجلسة اليوم التي كان يُنتظر أن تكون أكثر دقة وتحديداً في إعلان موعد بدء تنفيذ خطة الجيش، وهو ما لم يحصل.
وأشار الوزير مرقص إلى المصاعب اللوجستية التي تعترض انتشار الجيش على كامل التراب اللبناني، والمقصود هو التجهيزات والتمويل وحتى عدد الأفراد.
وقررت الحكومة إبقاء بعض التفاصيل سرية، لكن وزير الإعلام اللبناني استخدم عبارة “الحكومة ترحب بخطة الجيش” وهو ما دفع الصحفيين للتساؤل حول معنى ترحب، وما إذا كانت الحكومة قد أقرت خطة الجيش أم رفضتها أم أجلتها؟
ورفض وزير الإعلام اللبناني الرد على السؤال بشكل واضح، واكتفى بالقول “الحكومة ترحب والعبارة واضحة”.
وتساءل بعض الصحفيين في المؤتمر عن ما إذا كان “تنميق العبارات في البيان وغموضها” أمراً متعمداً لتجنب استفزاز حزب الله، أو نوعاً من التراجع أو إرجاء خطة سحب السلاح، لكن آخرين اعتبروا انسحاب الوزراء الشيعة من الجلسة دليلاً على أن الحكومة قررت المضي بخطة حصر السلاح وإن كانت لغة البيان مطاطة.
وأشار الوزير مرقص إلى الانتهاكات الجسيمة التي تنفذها إسرائيل لقرار وقف الأعمال العدائية، وقال إن لبنان نفذ التزاماته في الاتفاق الثلاثي مع سوريا وإسرائيل، لكن الأخيرة لم تفعل، كما شدد على “حق لبنان في الدفاع عن نفسه” وهي العبارة التي يستخدمها العهد الجديد في لبنان بدل العبارة القديمة “الجيش والشعب والمقاومة” أو “حق المقاومة”.
ويتصاعد الجدل اللبناني بين أنصار ومناوئي حزب الله عن طبيعة تراتبية تطبيق البنود المتفق عليه في الاتفاقات الأخيرة لاسيما خطاب القسم والبيان الوزاري وقرار وقف اطلاق النار، وتحديداً حول ما إذا كان سحب السلاح يجب أن يسبق تطبيق إسرائيل لتعهداتها أم العكس.