عنكاوا (أربيل) 964
في عمر يقترب من قرن، لا يزال الأديب المخضرم سعيد شامايا، يكتب ويسرد ويؤرخ، حاملاً بين أوراقه ذاكرة وطنية وشخصية ثرية، حيث يعود ابن بلدة ألقوش المولود عام 1929، والذي قضى عقوداً في التعليم والعمل الثقافي، اليوم إلى الساحة بروايته “مدينة شين”، الصادرة في بغداد، وتمزج الخيال والواقع، لتستعيد أحداثاً سياسية واجتماعية عاشها بنفسه.. المدينة “شين” خيالية صاغها الكاتب كما يتمنى أن تكون “مدينة للأطفال والشباب والكبار”، تقوم على قيم العدالة والمساواة، وتحمي الفقراء والكادحين من هيمنة رأس المال والسلطة، واستلهم فكرتها من حادثة واقعية جرت عام 1959، حين كان ضمن وفد من ألقوش متوجهاً إلى بغداد لتهنئة قادة ثورة تموز أيام عبد الكريم قاسم، فواجههم أطفال في الطريق يهتفون ضد الثورة. وتمتد مسيرة شامايا من التعليم في قرى ومدن الموصل وكردستان، إلى العمل المسرحي، إلى تأسيس لجان سياسية توحّد الأحزاب المسيحية، مروراً بتأليف روايات وقصص ودراسات باللغتين العربية والسريانية، ورغم هذه المسيرة الحافلة ما زال يحمل أمنيات لم تتحقق، منها إنشاء متحف لتراث ألقوش وتحويل قرية “بندوايا” إلى وجهة سياحية، أما الذاكرة فخزين غير معروف من تاريخ العراق يتضمن حوارات وجدالات مع شخصيات بارزة مثل نزيهة الدليمي أول وزيرة عربية وكانت حاضرة في حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم، فضلاً عن الملا مصطفى البارزاني ونصائح سمعها منه حول المناطق المسيحية في نينوى وحواليها.
تغطياتنا لأخبار الكتب والمؤلفين:
جولة 964 في سوق الكتب
“منظمة سرية” تشغل قراء بغداد مع “صندوق أسود” حول نبي الإسلام (فيديو)
ندوة ثقافية في شارع المتنبي
بيت المدى يحشد المثقفين ضد قرصنة المؤلفات في العراق (صور)
جولة 964 في شارع الفراهيدي
ذكريات الجواهري و”مقاومة الفكر الماركسي” تفضيلات القراء في البصرة
جولة 964 في المتنبي
بغداد تقرأ “خيانة المثقف” وتتخيل حواراً مع الإعلامي الراحل عباس حمزة (فيديو)
عرض الجميع
سعيد شامايا – مؤلف رواية “مدينة ش”، لشبكة 964:
فكرة رواية “مدينة ش” جاءت من واقع عشته عام 1959، حين كنت ضمن وفد من ألقوش نسافر لتهنئة قادة ثورة تموز، وفي الطريق إلى العاصمة، خرج علينا أطفال يهتفون قائلين “ثورة ثورة عربية، لا شرقية ولا غربية، وحدة وحدة عربية”.
كان واضحاً أن هذه الهتافات ضد ثورة تموز، وهذا الموقف دفعني إلى أن أدون شيئاً يعبر عن رفضي لذلك، فبدأت بكتابة الرواية بعد فترة من اندلاع الثورة، وكنت وقتها في سجن الحلة.
في السبعينيات دونت بعض الملاحظات عنها، وفي الثمانينيات، وبينما كنت مختفياً بسبب ملاحقة الأجهزة الأمنية، كتبت عدة روايات منها “مدينة شين”، كتابتها كانت سهلة واستغرقت شهراً واحداً، لأنني أردت أن أخلق مدينة شرقية كما أؤمن بها، لا كمدينة واقعة تحت سلطة لا تخدم شعبها.
نزيهة الدليمي والملا مصطفى بارزاني
تشجيعي على كتابة الرواية جاء أيضاً بعد أن زارتنا الوزيرة العراقية نزيهة الدليمي، التي قالت لنا إن هذه المواقف هي محاولات لإسقاط ثورة تموز، كما قابلنا آنذاك المرحوم مصطفى البارزاني، الذي قال لنا “أنتم قليلون ويجب أن تكونوا موحدين”، كنا وفداً من 7 مثقفين مسيحيين من ألقوش، وبعد لقائنا بالدليمي ذهبنا إلى البارزاني.
الرواية تربط بين فكرة النضال الشعبي ومشاركة الأطفال في بناء مستقبل أفضل، ففي “مدينة شين”، الأطفال مشبعون بأفكار تخدم الشعب، وينظمون فعاليات رياضية وفنية ويدعون أطفالاً من مدينة غربية في أمريكا.
“مدينة ش” هي من خيالي، وهي مدينة أتمنى وجودها، وفيها الكبار والشباب والأطفال جميعهم يعملون من أجل الخير العام.
أضافة إلى “المدينة ش” كتبت العديد من الأعمال الأدبية منها روايات “معلم من تلك القرية”، “مات مرتين”، “همهم الفتى الزنجي”، و”سونة” بالسريانية، كما أنجزت كتاباً عن تراث وتاريخ ألقوش، وقصائد بالسريانية، ودراسة بعنوان “رنكي رنكي” وتعني “الألوان”، وهي مقالات فنية وثقافية بالعربية والسريانية.
بدأت عملي معلماً عام 1948 وشاركت في انتفاضة ذلك العام، ما أدى لمعاقبتي وخفض معدلاتي، ثم عملت في قرى ومدن منها جعفران في السليمانية، سناط في زاخو، ألقوش في نينوى وبغداد، وتقاعدت عام 1977.
أتمنى طباعة جميع الروايات والمخطوطات التي لم تنشر بعد، ومنها “على ضفاف الحكمة” الذي أعتبره أفضل كتبي، وأرغب أن أستقر في ألقوش بقية حياتي، وأن أؤسس مجمعاً ومتحفاً لتراثها، وأحول قرية “بندوايا” المحيطة بها إلى موقع سياحي، كما ذكرت ذلك في كتابي عن السياحة بكردستان والصادر عام 2017، ولدي حالياً كتاب جاهز عن السياحة في العراق.
بعض رواياتي تمت طباعتها بدعم من جهات وأشخاص، وبعضها على نفقتي الخاصة وبمساعدة أولادي، ومن أبرز ما حققته بعد انتقالي إلى عنكاوا تأسيس لجنة تنسيق جمعت الأحزاب الكلدانية والسريانية والآشورية في لقاء تاريخي، ممهداً لتحالفها بعد أن كانت متفرقة.