بغداد – 964
رسالة ترامب لبغداد سمعناها ولكن موقفنا مختلف قليلاً.. هكذا يتحدث السفير البريطاني لدى العراق عرفان صديق، الجمعة، عن إقرار قانون الحشد الشعبي بصيغته الحالية قد ينعكس سلباً على صورة العراق، ويثير تردداً لدى بعض الشركات الأجنبية في اتخاذ قرارات استثمارية، مشدداً على أن وجود فصائل لا تخضع لسلطة الدولة يمثل تحدياً لمناخ الاستثمار ولجهود بناء مؤسسات دولة موحدة، وأوضح صديق أن لندن لا تعارض تنظيم الحشد كمؤسسة، لكنها ترى ضرورة أن يتضمن المشروع إصلاحاً جذرياً للفصائل وآلية عملها، مع الحفاظ على سياسة عراقية متوازنة تبتعد عن الانخراط في التوترات الإقليمية، وفيما أشار إلى أن بريطانيا ترحب بدعوة المرجعية الدينية “الواضحة” في النجف لإعادة التوازن في علاقات العراق الدولية، واصفاً ذلك بالموقف الحكيم، بيّن أن هدف بلاده هو إقامة شراكة استراتيجية طويلة الأمد مع العراق تقوم على الاحترام المتبادل، وتستند إلى عراق آمن ومستقر وقادر على الإمساك بزمام قراره السيادي بعيداً عن الاستقطابات.
كيف تنسحب بريطانيا ويبقى الحشد في العراق؟ سؤال سفير لندن لبغداد
الكتائب: وقعنا في الفخ والسوداني ليس قائداً للشوارب المفتولة والبطون الممتلئة
قيود دولار العراق ورواتب الحشد وسفن النفط وصلت سوق الذهب
رسائل خليجية لبغداد.. قانون الحشد “مثل عناد الدولار وحصار صدام”
بعد قصف لواء المرجعية ومعركة الدورة.. العراق “مختطف” وهو “يمن ثانية” حالياً
جانب من حديث السفير البريطاني في العراق مع الإعلامي هشام علي، تابعته شبكة 964:
التحفظات التي لدينا لا تأتي من فراغ بل تنطلق من مخاوف مستقبلية حقيقية قد تنعكس سلباً على مناخ الاستثمار في العراق شخصياً أرى أن بعض الخطوات المتخذة اليوم قد تنطوي على مخاطر حتى بالنسبة لنا في لندن.
هذه التحفظات لا تعني بالضرورة “فيتو” على العراق، لكنها تعني أن وجود فصائل لا تخضع لسلطة الدولة أو تعمل بمعزل عن قرارات الحكومة، سيجعل من الصعب على بعض الشركات الأجنبية اتخاذ قرارات استثمارية في بيئة غير مستقرة.
وبحسب معلوماتي فإن الحكومة الأمريكية على سبيل المثال، أوصلت رسالة واضحة للحكومة العراقية، مفادها بأن تمرير قانون الحشد بصيغته الحالية قد تكون له تبعات، لكن نحن لم نصدر مثل هذه الرسائل، بل ويمكنني أن أقول إن هدفنا النهائي هو إقامة شراكة استراتيجية طويلة الأمد مع العراق.
تحقيق هذا الهدف يحتاج إلى عراق آمن مستقر مزدهر وهذا لا يتحقق إلا بوجود مؤسسات دولة موحدة وإصلاحات جوهرية، والفصائل التي تعمل خارج نطاق الدولة أو تتخذ مواقف مخالفة للتوجه الرسمي تشوه الصورة العامة للعراق، وتؤثر على فرص الاستثمار فيه.
في النهاية قرار الاستثمار يعود لكل شركة على حدة، لكن من الطبيعي أن تتردد الشركات إذا كانت هناك مناطق تخضع لسيطرة جهات غير رسمية، أو تعمل خارج إرادة الحكومة.
سؤال المقدم: هل سيؤثر قانون الحشد إن أقر بصيغته الحالية على الشراكة الاستراتيجية بين بريطانيا والعراق؟
قد يؤثر نعم على الصورة العامة وقد ينعكس لاحقاً على بعض القرارات المستقبلية، ولكن لا شيء حتمي في هذا السياق، لأن كل شيء يتوقف على تفاصيل القانون النهائي.
نحن لا نعارض مبدأ تنظيم الحشد، ولكننا نرى أن أي مشروع بهذا الحجم يجب أن يتضمن إصلاحاً جذرياً لا شكلياً للفصائل ولآلية عملها، لأننا في النهاية لا نتحدث فقط عن الحشد كمؤسسة بل عن محور الفصائل وتأثيراتها الأوسع.
سؤال المقدم: هل هناك خشية من زج العراق في التوترات الإقليمية؟
نعم هناك قلق حقيقي من احتمال انزلاق العراق إلى صراعات لا تخدم مصالحه، والسؤال الجوهري هنا هو، هل العراق قريب أم بعيد من هذه التطورات؟ هذا يعتمد على قراراته السيادية وقدرته على النأي بنفسه عن المحاور المتصارعة في المنطقة.
فحين نتحدث عن محور الحشد الشعبي ومحور الفصائل المسلحة، لا بد من التوقف عند مخاوف العراقيين من احتمال زج بلادهم في التوترات الإقليمية المتصاعدة، فهل العراق اليوم قريب من هذه التوترات أم ما زال بمنأى عنها.
العراق يقع في قلب منطقة تعاني من أزمات مستعصية، فإيران وإسرائيل في حالة صِدام دائم والملف النووي الإيراني لا يزال مفتوحاً، وسوريا تواجه تحديات مستمرة في الانتقال السياسي فضلاً عن الوضع الكارثي في غزة وفلسطين.
كل هذه الأزمات تفرض واقعاً إقليمياً معقداً، ومن الطبيعي أن يكون لها تأثير على أي دولة مجاورة، خصوصاً إذا كانت على ارتباط سياسي أو أمني أو اقتصادي بهذه المحاور.
حتى الآن ولله الحمد، نجح العراق في النأي بنفسه عن الانخراط المباشر في هذه الصراعات خلال الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران لم نشهد أي تورط عراقي مباشر، رغم أن المخاوف كانت قائمة خاصة من تحرك بعض الفصائل المسلحة، لكن الحكومة العراقية سيطرت على الوضع ومارست ضغطاً واضحاً لضبط الأمور، وهذا إنجازاً نحترمه ونرحب به.
لكن المستقبل يعتمد على رؤية الحكومة العراقية كيف ترى موقع العراق في هذه الخارطة، وما هي استراتيجيتها في التعامل مع دول الجوار كإيران وسوريا ومع الشركاء الغربيين كبريطانيا والولايات المتحدة، وحتى اللحظة تبدو السياسة العراقية متوازنة وتحاول الحفاظ على علاقات بناءة مع جميع الأطراف وهو أمراً نرحب به ونشجعه.
سؤال المقدم: هل يمكن أن يختار العراق جانباً على حساب آخر مثلاً هل قد يتجه أكثر نحو الغرب ويتخلى عن إيران؟
أعتقد أن الحديث عن التخلي عن إيران ليس واقعياً، إيران دولة جارة ولديها روابط مع العراق على مستويات دينية وثقافية وشعبية واقتصادية وسياسية، ولا أحد يطلب من العراق قطع هذه العلاقات ولا ينبغي له ذلك.
لكن ما نسمعه حتى من بعض الأصوات العراقية هو دعوة لتقليل النفوذ الإيراني داخل مؤسسات الدولة خصوصاً في المجال السياسي، ونحن نرى أن هذا التوجه نحو التوازن بين الشرق والغرب هو خياراً ناضجاً نرحب به.
كما قلت هناك التزام غربي من بريطانيا والولايات المتحدة ساعد العراق في الخلاص من الدكتاتورية، وفتح الباب أمام بناء شراكات سياسية واقتصادية، وهذه الشراكات لم تصل إلى مداها الكامل بعد وهناك مجال واسع لتعزيزها.
وقد سمعنا أيضاً إشارات واضحة من المرجعية الدينية في العراق تدعو إلى إعادة التوازن في علاقات العراق الدولية وهو موقف حكيم نؤيده بشدة.
فنحن نريد عراقاً مستقراً آمناً حراً وشريكاً ناضجاً في المجتمع الدولي، نريد شراكة تقوم على الاحترام المتبادل بعيدة عن الاستقطابات والمحاور، عراقاً يستطيع أن يمسك العصا من الوسط دون أن يخضع لأي نفوذ خارجي يضر بمصالحه.