الأسيكودا الحل الوحيد

فواتير مضخمة وتهريب الدولار مستمر رغم ضوابط أميركا.. خبير يدعو لإجراءات استثنائية

964

لفت الخبير الاقتصادي، منار العبيدي، الى أن الاستيرادات الخارجية لا تعكس حجم الحاجة الداخلية للسوق العراقية، ما يوحي بوجود عمليات “تضخيم” للفواتير من حيث الكميات والقيم المالية، مرجحاً وجود “أطراف مستفيدة” من فرق سعري الصرف الرسمي والموازي للقيام بعمليات تحويل الدولار وتجاوز كل مستويات التدقيق الموضوعة لإيقاف تهريب العملة، فيما اقترح العبيدي ربط الحوالات المصرفية بعملية تحصيل الرسوم الكمركية بشكل مباشر، إضافة الى عدم السماح بإتمام التحويل إلا بعد استحصال الرسوم المستحقة، بهدف تعزيز الرقابة وزيادة الإيرادات الكمركية بما يتماشى مع القيمة الحقيقية للسلع، مشدداً على أن تطبيق “الإجراءات الاستثنائية” لضبط تسرب العملة لم يعد خياراً بل ضرورة لحماية الاحتياطيات المالية العراقية.

العراقيون وجدوا طريقة للاحتيال على أكبر مصرف أميركي يراقب الدولار!

تدوينة منار العبيدي، تابعتها شبكة 964:

تضخيم الفواتير واستنزاف العملة: الحاجة لإصلاح آلية التحويل والاستيراد
عند مراجعة بيانات صادرات عدد من الدول إلى العراق مثل الصين وتركيا والإمارات، يتضح وجود خلل واضح في قيم بعض السلع المصدّرة، إذ لا تتناسب هذه القيم مع الأسعار الحقيقية للسلع، كما أن الكميات المصدّرة غالبًا ما تتجاوز بكثير احتياجات السوق العراقي الفعلية.
على سبيل المثال، بلغت قيمة استيراد العراق من الأحذية الصينية خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري نحو 170 مليون دولار، في حين بلغت واردات الملابس ما يقارب 600 مليون دولار خلال نفس الفترة. هذه الأرقام لا تعكس لا حجم الطلب الحقيقي في العراق ولا الأسعار العالمية لهذه السلع، مما يرجّح بقوة أن هناك عمليات تضخيم للفواتير، سواء من حيث الكميات أو القيم.
ويبدو أن بعض الأطراف استغلت فرق سعر الصرف الرسمي مقابل السوق الموازي، للقيام بعمليات تحويل كبيرة عبر تضخيم فواتير الاستيراد، مما سمح لهم بتجاوز جميع مستويات التدقيق التي وُضعت أصلاً لضبط التحويلات والتأكد من وصولها إلى الجهات الحقيقية.
ورغم الإجراءات المشددة التي اتخذها البنك المركزي العراقي، بما فيها توسيع عمليات التدقيق، إلا أن الآلية الحالية أثبتت عملياً انها غير ناجحة. ويتضح ذلك ليس فقط من بيانات صادرات الدول، بل أيضاً من انخفاض الإيرادات الكمركية التي تبقى متواضعة جداً مقارنة بحجم البضائع المعلنة كمستوردَة.
لذلك، بات من الضروري اعتماد آلية جديدة تهدف إلى تقليل تسرب العملة من خلال:
1. ربط الحوالات المصرفية بعملية تحصيل الرسوم الكمركية بشكل مباشر.
2. عدم السماح بإتمام التحويل بالسعر الرسمي إلا بعد تسديد الرسوم الكمركية المستحقة بناءً على قيمة الحوالة.
هذا النهج سيحقق هدفين رئيسيين:
تعزيز الرقابة على التحويلات التي تتم بالسعر الرسمي.
رفع العوائد الكمركية للدولة من خلال تسعير يتماشى مع القيمة الحقيقية للسلع.
قد يثير هذا المقترح بعض التحفظات، خاصة من زاويتين:
الخوف من ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازي نتيجة تشديد التحويلات.
اعتبار أن مثل هذه الإجراءات تدخل ضمن اختصاص السياسة المالية، وليس من مهام السياسة النقدية.
ورغم وجاهة هذه التحفظات، إلا أن ما يشهده العراق حاليًا من تسرب كبير للعملة الأجنبية وتراجع في الاحتياطيات نتيجة التوسع غير المنضبط في الاستيراد، يتطلب إجراءات استثنائية حتى وإن كانت تحمل آثارًا جانبية.
فالسياسات الاقتصادية بطبيعتها لا تُنتج آثارًا إيجابية خالصة، لكن النجاح يكمن في تحقيق التوازن وتغليب المكاسب على الأضرار. وعليه، فإن إصلاح آلية التحويل والاستيراد لم يعد خيارًا، بل ضرورة ملحة لضمان استقرار الاقتصاد وحماية احتياطيات العراق من العملة الأجنبية.

Exit mobile version