تقديرات خبراء ولجنة نيابية
هل تكفي 16 دولاراً لنفط كردستان الجبلي؟ قرار بغداد يسهل تشغيل خط جيهان
964
رغم خلاف حول تقديرات مالية تتعلق بالجهد والاستثمار في الحقول الجبلية الوعرة داخل كردستان، لم تنتظر أربيل كثيراً قبل إعلان ترحيبها بقرار بغداد رفع كلفة استخراج النفط في كردستان إلى 16 دولاراً للبرميل، معربة عن أمل باستئناف صادراتها النفطية “بأسرع وقت ممكن”.
والثلاثاء وافق مجلس الوزراء العراقي على تعديل الفقرة الخاصة بإنتاج وتسليم نفط الإقليم إلى شركة تسويق النفط العراقية سومو، ضمن قانون الموازنة العامة، حيث قضت باحتساب مبلغ 16 دولاراً لكل برميل رافعاً كلفة الاستخراج والنقل التي كانت مقدرة بنحو 7 دولارات.
وتنتظر شركات النفط الأجنبية والمحلية العاملة في كردستان تطورات هذه المبادرة، تمهيداً لاستئناف تصدير النفط من الإقليم. ورحبت بالقرار مجموعة كار العراقية النفطية التي تدير عمليات واسعة في كردستان وجنوب العراق، وقال رئيس مجلس إدارتها باز البرزنجي، إنها خطوة إستراتيجية في الاتجاه الصحيح.
نفط بعمق 2300 م في ميسان يغير الحسابات.. شركة عراقية أمام عمالقة الصين
تفاصيل:
المبلغ المقدر ب16 دولار كلفة إنتاج كل برميل غير واقعي، فهناك حقول مثل حقل الكيارة تبلغ فيه كلفة الاستخراج 27 دولاراً لكل برميل، وهكذا حال حقول الإقليم لأنها حقول جبلية ووعرة واحتياطياتها أقل من حقول الرميلة مثلاً التي لا تتجاوز كلفة استخراج البرميل فيها 7 دولارات.
وتوقّفت صادرات النفط الكردية في آذار 2023، إثر قرار هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس ضد أنقرة بشأن تصدير النفط الخام من كردستان عبر ميناء جيهان، دون الرجوع إلى سومو، وهو ما سبب خسارات متراكمة على البلاد تقدر بنحو 15 مليار دولار.
وينتظرر التعديل الحكومي على فقرة النفط في الموازنة، موافقة مجلس النواب، وهو ما دعا ائتلاف إدارة الدولة إلى التوصية بتمديد الفصل التشريعي الحالي لمدة شهر، كي يتسنى تمرير عدد من القوانين والقرارت المعلقة بأسرع وقت ممكن.
هل توافق أبيكور على عرض بغداد؟
على الرغم من ترحيب حكومة الإقليم بقرار بغداد الأخير، إلا أن الأمر قد لا يكون مرضياً بالنسبة لجمعية الشركات النفطية العاملة في كردستان.
وقرر مجلس الوزراء الثلاثاء الماضي “المباشرة فوراً بتسليم النفط المنتج في الإقليم إلى شركة تسويق النفط سومو، أو وزارة النفط الاتحادية، على أن يتم تعويض كلف الإنتاج والنقل من قبل وزارة المالية الاتحادية كسلف، بمعدل 16 دولاراً للبرميل، يتم تسويتها لاحقاً بعد استكمال الاستشاري الفني المتخصص، وبأثر رجعي من تاريخ المباشرة بالتسليم بموجب هذا التعديل”.
وكان رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني قد سبق هذا التعديل بتصريحات خلال منتدى الشرق الأوسط (ميري)، بقوله إن “البعض يرى الأمر كمسألة سياسية، ولكننا لا نراها كذلك، فالنفط موضوع اقتصادي وليس سياسياً”.
وتؤكد مصادر داخل جمعية شركات النفط العاملة في كردستان (أبيكور)، أن ثمة عدم توافق بين الشركات على ما قدمته بغداد في تعديل فقرة الموازنة الخاصة بنفط الإقليم، حيث تعتقد بعض الشركات أن مبلغ 16 دولاراً عن استخراج كل برميل ليس كافياً ولا بد من الوصول إلى عتبة 20 دولاراً على الأقل.
بينما وجدت شركات أخرى داخل أبيكور التعديل الحكومي على فقرة الكلف التعويضية عن استخراج نفط الإقليم، أمراً إيجابياً، حيث رحبت بالقرار مجموعة كار العراقية النفطية التي تدير عمليات في كردستان وجنوب العراق، وقال رئيس مجلس إدارتها باز البرزنجي في تغريدة على منصة X، إنها خطوة استراتيجية في الاتجاه الصحيح، تُسهم في تقريب وجهات النظر وتعزيز التعاون والتكامل بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان في قطاع النفط.
وأضاف البرزنجي، أن تعويض كلف الإنتاج والنقل للنفط المنتج في الإقليم يعكس التزاماً مشتركاً بتنمية مستدامة وتوزيع عادل للموارد، ما يؤسس لمرحلة جديدة من الشراكة البناءة التي تعود بالنفع على الجميع.
لجنة النفط النيابية تدفع باتجاه الزيادة
عادة ما يعتمد احتساب كلفة استخراج النفط على حجم وطبيعة الحقل النفطي ووعورة الجغرافية المحيطة به، إلى جانب عمقه في الأرض وحجم مخزونه واحتياطيه الخاص، لذا تتفاوت كلف الاستخراج من حقل لآخر، وهذا ما تستند إليه الأطراف الداعية لرفع مبالغ تعويض كلف الإنتاج إلى أكثر من 16 دولاراً.
ويقول عضو لجنة النفط والغاز النيابية أسو فريدون لشبكة 964، إن تعديل الفقرة هو من المصلحة العامة لأن العراق يتضرر بتوقف تصدير نفط الإقليم بسبب مشكلة فنية تتعلق بكلف الاستخراج، لأن تلك الكلف أعلى في الإقليم مقارنة بالمناطق الأخرى مثل البصرة، لذا فمن المرجح أن يدعم الجميع هذا التعديل.
وأضاف فريدون، أن التعديل لم يناقش بعد في لجنة النفط، لكن المبلغ المقدر ب16 دولار لكل برميل غير كاف وغير واقعي، فهناك حقول مثل حقل الكيارة مثلاً تبلغ فيه كلفة الاستخراج 27 دولاراً لكل برميل، وهكذا حال حقول الإقليم لأنها حقول جبلية ووعرة واحتياطاتها أقل من حقول الرميلة والبازركان التي لا تتجاوز كلفة استخراج البرميل فيها 7 دولارات فقط.
واستبعد عضو اللجنة النيابية ان تتمكن الحكومة من الوصول إلى اتفاق مع الشركات العاملة في كردستان بهذا المبلغ، مستدركاً بالقول، أنه ومع ذلك فإن 16 دولاراً أفضل من 7 أو 8 دولارات (المطروح سابقاً)، وإذا أخذنا هذا الرقم بالمتوسط فقد يكون هناك فرق حيث أن الحقول تختلف فيما بينها وتتفاوت كلف الاستخراج في أحدها عن الآخر.
وورجح فريدون إمكانية أن توصي لجنة النفط النيابية بتعديل أو زيادة المبلغ لتسهيل الوصول إلى حل وإنهاء أزمة تصدير نفط الإقليم، لكن ذلك مرتبط بدراسة هذا التعديل داخل اللجنة ومعرفة أسباب اعتماد الفنيين مبلغ ال16 دولاراً، وما إن كانوا قد احتسبوا الرقم وفقاً للحقول بشكل منفصل أم بالمعدل العام.
ووفقاً لمصادر في قطاع النفط بإقليم كردستان، فأن بعض الشركات العاملة في الحقول الاتحادية تستخرج نحو 60 ألف برميل يومياً وتتقاضى نحو 24 دولاراً للبرميل الواحد، حيث ترتفع كلف الإنتاج المحتسبة من قبل الحكومة الاتحادية كلما تنخفض الكميات المستخرجة.
وبحسب المصادر ذاتها، فعادة ما تحدد كلفة إنتاج البرميل الواحد ب20 دولاراً لصالح الشركات التي تنتج 150 ألف برميل فما فوق، وهي مبالغ محددة كتعويض لكلف الإنتاج فقط، بينما تدرج بغداد تكاليف النقل ضمن كلف الإنتاج التي حددتها بموجب تعديل قانون الموازنة الأخير بـ16 دولاراً فقط.