نسابق الزمن نحو الاقتصاد الرقمي

قصي صدام استولى على 900 مليون دولار وحملها بشاحنات عام 2003 – محافظ المركزي

2024-10-30 | 18:00

964

قال محافظ البنك المركزي، علي العلاق، إن الدروس باتت كافية لتتجه الدولة لتحديد سعر نفط “صارم ومتحفظ” في الموازنة العامة، لتفادي ضغط تراجع أسعار الخام، داعياً إلى إقرار قانون يحدد حجم الإنفاق بسقف نفطي معين لضمان تغطيته من جهة، وضمان تمويل المشاريع الاستثمارية من جهة أخرى، لافتاً إلى أن الموازنة الثلاثية بحاجة إلى بعض الجداول والتعديلات الجديدة بما يتناسب مع متغيرات أسعار النفط.

بقي شهر: رواتب العراق في خطر وكارثة دولار أم "سلامات"؟.. اسمعوا 5 خبراء

علي العلاق، في حوار خلال منتدى ميري، تابعته شبكة 964:

لا يمكن اختزال دور البنك المركزي بنافذة بيع العملة، وبعض المهام الهامشية، فهو ركن أساس في الاستقرار الاقتصادي والمالي في البلاد، وهنا لا بد من أن نبرز عدداً من الإنجازات منذ العام 2004 ولغاية اليوم، وأهمها الحفاظ على مستوى الأسعار العام، بمعنى القدرة على إدارة الكتلة النقدية في العراق، بما لا يؤدي إلى التضخم أو الانكماش.

ورثنا بعد العام 2003 وضعاً شاذاً يخلو من أي قاعدة حقيقية للاستقرار، حيث كانت احتياطاتنا في ذلك العام 900 مليون دولار، واستولى عليها قصي صدام حسين وحملت في شاحنة، وهذا موثق بالتواريخ والأرقام، ولذا باشرنا من الصفر، وكانت الكتلة النقدية المتداولة 4 ترليون دينار فقط، أما اليوم فحجم المتداول يفوق 100 ترليون دينار، واحتياطياتنا تجاوزت 100 مليار دولار.

نسبة التضخم اليوم 3.8% وهي نسبة نموذجية تحقق الاستقرار والرفاهية، وهي مؤشر على قدرتنا على إدارة كتلة نقدية تتجاوز 104 ترليون دينار، بما لا يسمح بالضغط على القوة الشرائية، وهذا يعد أهم عوامل الاستقرار النقدي والاقتصادي.

لدينا مهمة إضافية، فعلى عاتقنا إدخال كافة الأدوات والأنظمة والكيانات التي فاتنا أن نلاحق العالم بها خلال العقود السابقة، ولذا هناك سباق مع الزمن للتحول نحو الاقتصاد الرقمي وأنظمة المدفوعات المتطورة، حيث رخصنا 16 شركة للدفع الإلكتروني، ونعكف حالياً على ترخيص مصارف رقمية، فضلاً عن تحقيق مراحل متقدمة في تأسيس شركة وطنية لإدارة المدفوعات وسيكون البنك المركزي شريكا فيها لتعزيزها بالدعم الكافي.

أما في البعد الإصلاحي، فنعمل حالياً على خطتين لإصلاح المصارف الحكومية والخاصة، وستؤول إلى إعادة هيكلتها بما يضمن الشفافية والحوكمة وهيكلة الملكية بالطرق المناسبة، لتكون منسجمة مع المعايير الدولية.

البعد الأخير في عملنا، وهو ما لا تمارسه معظم البنوك المركزية في العالم، حيث نعمل على تحفيز الاقتصاد بشكل مباشر عبر مبادرات الإقراض لمختلف القطاعات، إذ بلغت حجم القروض الممنوحة لقطاع الإنشاءات والصناعة أكثر من 13 ترليون دينار، وهو مبلغ يفوق ما تم إقراضه طيلة تاريخ الدولة العراقية، علاوة على ذلك سعينا لطرح مبادرات لإقراض المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، ووصلنا إلى مراحل متقدمة لتأسيس بنك مختص بهذه المبادرة وأسميناه بنك “ريادة”.

لاحظنا أن نسبة التضخم خلال 2023 كانت 7.5%، حيث قفز حجم العملة المصدرة من 40 ترليون إلى 100 ترليون دينار، بمعنى أنها ازدادت خلال سنتين بما يعادل زيادتها خلال 18 سنة سابقة، ولذا قررنا سحب جزء من السيولة النقدية عبر رفع نسبة الفائدة واجتذاب ترليونات الدنانير من السوق، رغم أن هذا الإجراء مكلف، لكن البنك المركزي لا يبني سياساته على الربح والخسارة، بل على أساس أداء وظيفته الرئيسية بالسيطرة على السوق.

ارتفاع الدين العام ناتج عن عجز الموازنة، وهذا الأخير متأتي من تزايد حجم الإنفاق قبلة عدم زيادة الإيراد، ومع الوقت صارت الإنفاق غير مرن وغير قابل للتخفيض، مثل فاتورة الرواتب وغيرها، وهذا يسبب خللاً هيكلياً في الاقتصاد العراقي.

فكرة الموازنة الثلاثية معمول بها في كثير من بلدان العالم، وقررنا الاتجاه لها لكي نضمن استقرار التنفيذ، مع إنها بحاجة إلى إصدار بعض الجداول والتعديلات، لمعالجة بعض المتغيرات، كأسعار النفط مثلاً.

السنة المالية ستنتهي ومعدل أسعار النفط بقي ضمن تقديراتنا في الموازنة، لكن الدروس صارت كافية لكي نحدد سعر نفط متحفظ لكي لا تواجه الدولة ضغطاً اقتصادياً مع تذبذبات السوق النفطية العالمية، ولذا يجب إقرار قانون يحدد حصة النفقات من إيراد النفط بسقف معين، لكي نضمن تغطيتها من جهة، ونضمن عدم اختلال تمويل المشاريع الاستثمارية التي تتعرض لضربات مع كل انخفاض للنفط بهدف تغطية سقف النفقات.