سجالات العراق كل 2 آب
6 أيام كويتية غامضة.. “علاء الخفاجي” الحاكم بأمر صدام
964
تشتعل هذه اللحظة مواقع التواصل الاجتماعي، مثل كل عام، باسترجاع عنيف وعاطفي، لتعلق على دخول الجيش العراقي واجتياحه الكويت، مهما اختلفت التعبيرات، وهو تاريخ بدا مثل صندوق شيطاني فتحه الشرق الأوسط، بألغاز صدام حسين، ولم تختم تداعياته عملياً حتى هذه اللحظة، لأنه كسر قواعد “النظام السياسي العربي” ولم يقم أحد بـ”جبرها” قط.
صور عائلية: ذاكرة العراق والكويت ومحمرة إيران.. أطلال قصر النقيب في أبو الخصيب
ومع استذكار الجنرالات والقادة والأمراء والملوك وبقايا الحرب الباردة وكل الموت، وموت معلن صارخ لـ”قواعد النظام العربي”، ينسى كثير من العراقيين والكويتيين واحدة من صفحات “دراما سياسية” لم تنته بعد، كان أحد “لاعبيها المغلوبين على أمرهم” على الأرجح، ضابط كويتي اسمه علاء حسين علي الخفاجي، فقد أعلن يوم 4 آب 1990، حكومة من سبع وزراء كويتيين، واتخذ قرارات متسارعة خلال حكم لم يدم أكثر من 4 أيام، ثم طلب الانضمام للعراق، وهذا ما حصل، لكنه كلف الجميع ثمناً باهظاً، وترك حكاية شخصية جامحة في مصائرها وملابساتها.
قبل 34 عاماً
في 2 آب 1990، وعند دخول الجيش العراقي إلى أراضي الكويت، سرعان ما تم تشكيل ما سمي وقتها بحكومة الكويت الحرة المؤقتة، بأمر خفي أو معلن من صدام حسين، في 4 آب، وقضى بتعيين النقيب علاء حسين علي، وهو ضابط في الجيش الكويتي حينذاك، رئيساً لتلك الحكومة وقائداً عاماً للقوات المسلحة الكويتية، لكن ذلك لم يدم سوى 4 (أو 6 أيام عملياً)، عندما تم الإعلان في الـ8 من آب عن “الوحدة” وانضمام الكويت بحكومتها المؤقتة إلى العراق، حيث انتهت مهمة علاء حسين وعيّن نائباً لرئيس الوزراء في الحكومة العراقية التي قامت بدمج الكويت بها.
من هو علاء حسين علي “الخفاجي”؟
ولد علاء حسين علي جبر الخفاجي في الكويت عام 1958، ونشأ فيها (كما ورد لقبه في جواز السفر الكويتي وكتاب مذكراته). ثم مثل كثير من الكويتيين، تلقى تعليمه الجامعي في بغداد، وهو ضابط برتبة نقيب في جيش الكويت يومذاك.
ترأس علاء حسين حكومة الكويت الحرة المؤقتة، وأصبح كذلك وزيراً للداخلية والدفاع بالوكالة، بعد ترقيته لرتبة عقيد في الجيش العراقي، حيث انضم إليه بعد الاجتياح.
في 5 آب 1990 وبعد إعلانه تشكيل الحكومة المؤقتة في الكويت، وجه علاء حسين علي وحكومته المؤلفة من 7 وزراء، نداءً إلى الحكومة العراقية يطلب فيها “تصحيح المسار وإعادة الكويت إلى أصلها كجزء من العراق قبل أن يمزق الاستعمار المنطقة”، إلى جانب حزمة قرارات، تضمنت مصادرة أموال أمير الكويت.
بعد يومين فقط، وافق العراق على طلب الحكومة المؤقتة، لتصبح الكويت “المحافظة العراقية 19″، ثم أعلن صدام حسين في 8 آب، تشكيل حكومة عراقية جديدة، ونقل علاء حسين (الخفاجي) من رئاسة “جمهورية الكويت” إلى نائب لرئيس الحكومة العراقية، فيما عين الوزراء الكويتيين السبعة مستشارين في رئاسة الجمهورية.
في المقابل تم تشكيل الحكومة الكويتية في المنفى، في مدينة الطائف بالمملكة العربية السعودية، حيث لجأ أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح وولي العهد الشيخ سعد العبد الله الصباح والعديد من الوزراء وأفراد القوات المسلحة الكويتية.
ماذا حل بهم؟
وبعد نحو 7 أشهر، انتهت سيطرة العراق على الكويت، إثر معارك طاحنة في حرب الخليج الثانية التي أعلن إثرها عن “تحرير الكويت” في 26 شباط 1991، وفي هذه الأثناء، قام وزراء علاء حسين السبعة، بتسليم أنفسهم إلى الحكومة الكويتية، التي حققت معهم لنحو ثلاثة أشهر، وتوصل التحقيق إلى أنهم موالون للكويت، وكانوا “مجبرين على فعلتهم”، فيما بقي علاء حسين في بغداد تحت رقابة الحكومة العراقية.
مذكرات “علاء الخفاجي”
ويروي الرجل في مذكرات منسوبة له، كيف استدعي إلى غرفة في أحد القصور الرئاسية، بعد تعيينه نائباً لرئيس الوزراء، حيث التقى ببعض الوزراء مثل طارق عزيز وطه ياسين رمضان.
وأثناء الاستراحة، تلقى اتصالاً من العاهل الأردني الملك حسين يطلب محادثة صدام حسين، لكنه قوبل بالاعتذار، بعدها استدعي إلى غرفة أخرى حيث التقى بعزة الدوري، الذي قال له إن القدر شاء له (علاء حسين) أن يدخل التاريخ.
وتحدث علاء حسين عن أجواء التوتر وعدم الألفة بينه وبين الوزراء العراقيين، مشيراً إلى أن الوضع كان يعكس التوتر الدولي بسبب الاجتياح.
وعند لقاء علاء حسين بطه ياسين رمضان، طلب منه الأخير التوقيع على أوراق الوحدة الاندماجية دون مجاملة، كما تحدث عن مقابلته الثانية مع صدام حسين، حيث سخر من مظهره، حسبما يقول.
وبعد عامين، بدأت محاكمة علاء حسين في الكويت غيابياً، فحكمت عليه المحكمة بالإعدام بتهمة الخيانة العظمى.
وفي العام 1998، وبأمر من صدام حسين، سمح العراق لعلاء حسين بمغادرة البلاد إلى حيث يشاء، فبقي يتنقل بين تركيا والنرويج وبريطانيا.
العودة مستسلماً إلى الكويت
وبعد عامين، قرر علاء حسين العودة إلى بلاده، وعند عودته تم سجنه والحكم عليه مجدداً بالإعدام قبل أن يتم تمييز حكم الإعدام بحقه، ويخفف ليصبح حكماً نهائياً بالسجن المؤبد بتهمة الخيانة والتآمر مع العدو في زمن الحرب.
بقي الرجل في السجن نحو 10 سنوات، قبل أن تقدم عائلته التماساً لأمير الكويت، من أجل إصدار عفو عنه لأسباب صحية، كما وأرسل رسالة للأمين العام لجامعة الدول العربية حينها، عمرو موسى، يطلب فيها منه التدخل لإطلاق سراحه، ولم يعلن بشكل رسمي عن أي قرار من هذا القبيل حتى الآن.
بالتزامن، وفي العام 2012، نشرت جريدة الوطن الكويتية خبراً مفاده، أن اسم علاء حسين علي الخفاجي، ظهر في نتائج قرعة تسليم المنازل في ضاحية سعد العبدالله، ضمن مشاريع المؤسسة العامة للرعاية السكنية في الكويت!
من هم أفراد حكومة علاء حسين المؤقتة؟
شملت “الحكومة الحرة المؤقتة” في الكويت كل من:
· المقدم وليد سعود محمد عبدالله وزير الخارجية.
· المقدم فؤاد حسين أحمد وزير النفط ووزير المالية وكالة.
· المقدم حسين علي دهيمان الشمري وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، ووزير الأشغال العامة وكالة.
· الرائد ناصر منصور المنديل وزير التربية ووزير التعليم العالي وكالة.
· الرائد عصام عبد المجيد حسين وزير العدل والشؤون القانونية ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية وكالة.
· الرائد يعقوب محمد شلال وزير التجارة والكهرباء والتخطيط.
· الرائد مشعل سعد الهدب وزير الصحة العامة وشؤون الإسكان.