بعد 40 عاماً من تخريج الأجيال
أين أهل المدن عن هذه اللذة.. أن تستلقي تحت أشجارك بسلام (فيديو)
قرية زنبور (ديالى) 964
يحفظ الأستاذ “مصطفى ابراهيم جواد” جانباً من تاريخ قريته “الزنبورة” في الخالص، منذ أيام بني تميم والعزة، حتى صارت اليوم مكاناً لإقامة مزارعين من مختلف العشائر، وهو نجل مؤسس “النضال” أول جمعية فلاحية في المنطقة، وقد قضى “أبو عمر” أكثر من 40 عاماً في التعليم، قبل أن يقرر التقاعد كما يحلم كثيرون بين الكروم والنخيل وأشجار التفاح والبلابل، في القرية المطلة على ضفة دجلة، ويقول إنه لا يميز كثيراً بين الزراعة والتعليم، فكلاهما يتعلقان بالعناية والحرص، وهو اليوم يستلقي تحت أشجار بستانه ويستقبل أصدقاءه ومجايليه ويقضي أياماً من السلام، بعد أن استبدل وسائل الإيضاح الدراسية بالفؤوس ومعدات الزراعة.
شاهد: يشتري لأصدقائه القرد والطاووس ويؤسس محمية في ديالى.. قصة من عرب شوكة
مصطفى إبراهيم جواد – معلم متقاعد ومزارع، لشبكة 964:
أصل تسمية زنبور يعود إلى عشائر كانت يسكنها في السابق فرع من أبناء عشيرة العزة، يسمون بالزنابرة، وكان اسمها في السابق قرية بني تميم أو “الطالعة” وتسكنها عوائل من بني تميم، أما اليوم فجميع العشائر موجودة في هذه القرية من بينها الجبور، العزة، البو علگة – العبيد.
قرية زنبور تتميز بطابعها الزراعي وزراعة الأراضي الديمية سابقاً وفي الفترة الأخيرة وزعت مضخات سقي للفلاحين عن طريق الدولة منذ عام 1980 ومازالت موجودة وبساتينها موجود فيها نخيل وحمضيات، حيث تتميز بوفرة المحاصيل والإنتاج الذي يكفي كل المنطقة ويفيض إلى الخالص.
كان والدي الحاج (ابراهيم جواد العلي) أول رئيس جمعية فلاحية كانت تسمى جمعية نضال في قرية زنبور وتبنى مسألة العقود حيث تم عقد الكثير من العقود للفلاحين الذين مازالوا اليوم يتمتعون بهذه العقود والأراضي التابعة إلى مقاطعة 8 الناي.
تقع القرية على الضفة اليسرى لنهر دجلة المقابلة لمحافظة صلاح الدين وهو ما يمنحها إطلالة جميلة.
قضيت حياتي في التعليم، وبقيت مايقارب 42 عاماً لخدمة هذا الجيل الذي تربى على الخلق والأدب وحب الناس، وأول مدرسة تأسست في قرية زنبور هي مدرسة الفلاح الابتدائية للبنين عام 1968.
أحب العمل في مجال التربية والتعليم وكنت أحاول الضغط على طلابي وتوجيههم لإيصالهم إلى مراحل ليكونوا رجال المستقبل وأكون مسروراً عندما أدخل إلى إحدى الدوائر وأجد أحدهم لديه منصب مهم فيها وحتى مَن لم يحالفه الحظ منهم بأن يكمل الدراسة، إلا أنه تعلم القراءة والكتابة وحب الآخرين والاحترام.
عام 2013 تمت إحالتي إلى التقاعد وخلال تلك الفترة ألقيت كل ما في جعبتي من معدات التدريس، وعدت لمزاولة الزراعة والاعتناء بالأرض والأشجار وجني المحصول بيدي.
هناك من يقدم لي المساعدة سواء بالأجور اليومية أو بالمساعدة من الأهل والأصدقاء وهذا الإنتاج يخدم المواطن العراقي وقد ساعدتنا الزراعة كثيراً أيام الحصار الاقتصادي، فلولا الزراعة لكانت حياة المواطن صعبة جداً.
أستيقظ مبكراً وفي بعض الأحيان يكون جدول السقي في الليل، مع ذلك أشعر بالراحة والاطمئنان لأنني أديت خدمة للمجتمع وللأشجار ولنفسي، وفكري مرتاح نتيجة الاهتمام بالشجرة حتى تكبر وتنضج وتنتج ثمراً نأكل منه ونكرم منه الأصدقاء بالإضافة إلى بيع قسم منه في السوق وفي بعض الأحيان أذهب 3 مرات إلى البستان يومياً.
مستلزمات الحقيبة سابقاً أيام المدرسة كل وسائل الإيضاح موجودة فيها أما اليوم فالسيارة أحمل فيها المسحاة “الكرك، الطبر، المنشار، الجلاب” هذه الأدوات استخدمها في البستان، وفي بعض الأحيان أضع الطعام والشاي وكذلك الأسمدة ووقود مضخة الماء.
أفرح عندما أدخل البستان وأرى الثمار وأشم رائحة الأشجار وأنام تحت تحت الأشجار، وأستقبل الأصدقاء.
كما أن التعليم يجب يكون نزيهاً فالفلاح كادح أيضاً ويقدم كل امكانياته لخدمة البستان.