أكشاك كتب وجدال مفتوح كل سبت
صور: دجلة والفرات و”آدم” لا تكفي القرنة.. شارعها الثقافي ينافس بغداد بـ”الحريري”
القرنة (البصرة) 964
يقال إنه مكان يندر أن يوجد في العالم صدفة جغرافية تناظره، فالأنهار القديمة دجلة والفرات، منذ ألواح السومريين، تلتقي في موقع القرنة شمالي البصرة، وعندها تنبت شجرة قديمة هي في اعتقاد الناس وبعض الكنائس والضباط الإنكليز، “جنة عدن” التي هبط إليها النبي آدم، لكن مفاجآت الموقع الاستثنائي لا تنقطع، حيث نجح شباب المدينة في افتتاح أكشاك لعرض الكتب ومرسم لبيع اللوحات ومنصة للنقاشات المفتوحة، بما يسمونه “شارع القرنة الثقافي”، دون أن يتوقفوا عن تناول “مهابة تاريخ طويل” تجعلهم قادرين على منافسة النشاط الثقافي في البصرة وبغداد أيضاً! عدسة 964 ستكون هناك في أيام السبت لرصد الفعاليات.
فيديو من الجو للقاء دجلة بالفرات: كورنيش جديد ومسرح مفتوح وتطوير لحديقة الأمة
إلى شباب شمال البصرة.. لا تفوتوا ندوة علي طه غداً في شارع القرنة الثقافي
تفاصيل:
يمثل موقع القرنة الحالي وهو أيضاً مركز أكبر احتياطي نفطي في العراق، “اقتراناً” نادراً بين نهرين كبيرين، وقد وصفه الرحالة وضباط الجيوش القديمة بأنه موقع “جنة عدن” الوارد ذكرها في التوراة، وعززوا بذلك اعتقاداً اجتماعياً بأن الشجرة القديمة الماثلة هناك، هي شجرة النبي آدم وحواء، لكن شباب القرنة المعاصرين يقولون إن مدينتهم قادرة على بناء شارع ثقافي ينافس على مستوى العراق، دون أن ينسوا أن غابات النخيل حول مدينتهم، أنجبت شخصيات سياسية تركت أثرها في التاريخ السياسي عباسياً وعثمانياً حتى العراق الحديث، كما ينتسب إليها واحد من أعلام الأدب في نهايات العصر العباسي وهو مؤلف مقامات الحريري (بلدة حرير على طرف الأهوار)، ومن مؤلفي العصر الذهبي.
يقول الشباب القائمون على المبادرة، إن للبصرة وبغداد أن تفتخرا بالمتنبي والفراهيدي، وللقرنة أن تحتفي بمبدعين كثيرين ظهروا عبر التاريخ هناك، ومنهم الأديب محمد الحريري الذي عاش قبل غزو المغول بأكثر من قرن، وقال عنه الزمخشري بأن نصوصه في “مقامات الحريري” يجب أن تكتب “بماء الذهب”.
محمد بشير – المشرف على شارع القرنة الثقافي، لشبكة 964:
أول تأسيس لشارع القرنة الثقافي كان عام 2011 واستمرت فعالياتنا لغاية 2018، إلا أنه تعثر لصعوبات مالية.
مع إعادة افتتاح حديقة الأمة وشجرة آدم في شهر نيسان 2024، عاد شارع القرنة الثقافي إلى نشاطه، حيث تبدأ الفعاليات مساء يوم السبت من كل أسبوع.
الغاية من هذا الشارع هو جذب الشباب نحو الاهتمامات الثقافية، فضلاً عن إظهار القرنة للعالم من خلال التعريف بتاريخ المدينة العريقة وأهميتها ومساهمات المنطقة الثقافية على مستوى العلوم والآداب والتاريخ.
يتضمن الشارع أكشاكاً لبيع الكتب، وبازاراً ومعرضاً للرسوم، فضلاً عن الأمسيات الثقافية، فالأمسية الأخيرة تضمنت استضافة مشاور قانوني في ندوة للتعريف ببعض القوانين وضرورات تطبيقها.
مستمرون بإقامة هذا الشارع بجهودنا الخاصة، ولا نقبل دعم أي جهة سياسة، لكن ما نريده هو الدعم الحكومي ولو معنوياً لاستمرار نشاطات الشارع.
الأسبوع المقبل سنعرض مسرحية ثقافية يشرف عليها الأستاذ علي الضهد، أحد الكفاءات الثقافية في شمالي البصرة.
كان الاقبال ضعيفاً في بداية انطلاق الشارع، لكنه أخذ بالازدياد بمرور الوقت، وسنستمر بالفعاليات الأسبوعية لحين تحقيق الهدف، والطموح أن نجعله مماثلاً لشارعي الفراهيدي في البصرة والمتنبي في بغداد.
بلال مجيد – فنان تشكيلي لشبكة 964:
أنا أحب هذا الشارع، وأشارك أسبوعياً بعرض لوحاتي التي أرسمها، وأحاول الحصول على الدعم والتشجيع كي استمر.
في بداية انطلاق هذا الشارع كان الإقبال ضعيفاً على شراء اللوحات، اما الآن فقد ازدادت مبيعات والحمد لله.
جعفر حمزة – أحد رواد الشارع:
أنا مستمر بالحضور لشارع القرنة لكونه يشكل فعالية ثقافية جميلة تستحق المواظبة عليها، خاصة وأنها تهدف لتثقيف الجيل الجديد وتعريفه بإرث القرنة الحضاري من شجرة أدم وملتقى النهرين وشخصيات القرنة التاريخية والأدبية.
أدعوا الحكومة إلى تقديم الدعم لهذا المشروع الثقافي، كما أدعو الأهالي إلى مساندة هذا الشارع بالحضور والمشاركة في فعاليته.