صدفة قادته إلى المسرح

القصة الكاملة لكرار الغالبي بعد المفخخة: كفيف من كربلاء أبهر عزيز خيون وآسيا كمال

2023-11-10 | 19:00

المعملجي (كربلاء) 964

على بعد ساعات فقط من نهاية آخر عام دراسي له في الجامعة، فقد كرار الغالبي بصره جراء عمل إرهابي ضرب شارع المستشفى الجمهوري في بابل، ليكمل الشاب الكربلائي حياته فاقداً للبصر، لكنه تمكن من عبور الكارثة التي حلّت به، ونهض مؤسساً فرقة مسرحية، قال عنها مختصون إنها تمثل “سابقة في تاريخ العراق”.

صدام تسبب بزواله.. كربلائي أحيا فن الخيوط العثماني وحاكم دبي وصفه بالجنون (فيديو)

وكان دخول كرار الغالبي (33 عاماً) إلى المسرح أشبه بالصدفة حين لم يعثر على مكان للسكن في الأقسام الداخلية لقسمه، لكنه اليوم يدير فرقة “السراج” المسرحية، التي تضم 15 مكفوفاً، بينهم 11 ممثلاً، يقدمون العروض في بغداد والبصرة وبابل والديوانية، ويحظون بتقييمات عالية من كبار الفنانين.

ويعيش كرار اليوم في منطقة المعملجي، وسط كربلاء، ويدير جمعية “السراج” في حي المعلمين، ويقول إنه مصرّ على بلوغ العالمية مع فريقه المسرحي.

اسم الأميرة الهندية "تاج دار بهو" سيبقى جزءاً من كربلاء رغم هدم الحسينية

من عكد اليهودي في كربلاء.. أحجار غامضة تلهم حسين ياسر في كتابة مسرحياته (صور)

الممثل المسرحي الكفيف – كرار الغالبي لـ 964:

عام 2011 بدأت الدراسة في كلية التمريض جامعة بابل ولأن الأقسام الداخلية للكليات الطبية كانت ممتلئة، انتقلت للعيش في الأقسام الداخلية الخاصة بطلاب كلية الفنون الجميلة، وهناك اختلطت بطلاب المسرح، وأحببت العمل المسرحي ودعيت من قبل احد الزملاء إلى التمثيل في مسرحيتين إحداهما عام 2012 والثانية عام 2014 ومن هنا بدأت قصتي مع المسرح.

مساء الرابع من حزيران عام 2014، وقبل يوم من موعد امتحاني الأخير في المرحلة الرابعة، انفجرت قربي سيارة مفخخة أثناء وجودي في شارع المستشفى الجمهوري وسط بابل، وأودى الانفجار بحياة عدد من زملائي في الجامعة، أما أنا ففقدت بصري وكادت ساقي ان تُبتر وفقدت نبض القلب مرتين لكني نجوت بأعجوبة.

بعد عودتي من السفرات العلاجية في روسيا وإيران، أصر عميد الكلية أن أقدم امتحان الدور الثاني، ونجحت بالفعل ونلت شهادة البكالوريوس في التمريض.

مررت بمرحلة عدم التقبل لوضعي الجديد، بصفتي كفيفاً، لكني استطعت التغلب على الأمر بعد 5 أشهر بمؤازرة العائلة والأصدقاء.

عام 2015 بدأت العمل في منظمات المجتمع المدني، وأبرزها “جمعية مراقبة حقوق الانسان العراقية” وركزت في عملي على برامج تبادل التجارب والخبرات بين الشباب العراقيين القادمين من أميركا والشباب الذين ينوون الذهاب إليها.

بعد اقتنائي موبايل خاصاً بالمكفوفين، وعبر تطبيق “بوب كورن” تعرفت على 4 مكفوفين من كربلاء التقينا وأصبحنا أصدقاء وأسسنا “جمعية السراج العراقية للمكفوفين” يوم 5 شباط 2015.

خلال تصفحي على اليوتيوب لفتتني فكرة مطعم في بريطانيا اسمه “مطعم الظلام”، جميع العاملين فيه من المكفوفين، فقررت تأسيس “مسرح الظلام”.

لحضور عمل في “مسرح الظلام” نطلب من الجمهور ربط عيونهم بعصابة سوداء، ليتابعوا مسرحية يقدمها مكفوفون، وهنا تأسست فرقة السراج المسرحية التابعة للجمعية.

نجحنا بعرض أول مسرحية من هذا النوع بعنوان “مقهى الجواهري” في نادي الصحافة بكربلاء يوم 5 شباط عام 2016 في الذكرى السنوية الأولى لتأسيس الجمعية، وكانت المسرحية من تأليفي وإخراجي وشاركت كممثل.

عام 2017 قدمنا العديد من المسرحيات لكن ليس ضمن “مسرح الظلام” مثل مسرحية “الصرخة” ومسرحية “سميرة وسمير”.

اتجهنا إلى مسرح الاحتراف عام 2018 من خلال مسرحية “نحن هنا” التي ضمت نخبة من ممثلي كربلاء، وقدمناها في قصر الثقافة والفنون بكربلاء وكذلك في المسرح الوطني ببغداد وفي مهرجان بابل.

عام 2019 قدمنا مسرحية بعنوان “أوفر بروفا” من إخراج الدكتور “علي الشيباني” وكانت انتقالة بالنسبة لنا، لأنها انتشرت في الوسط المسرحي والأكاديمي، وعرضناها أيضاً في الديوانية وحصلنا على جائزة النقاد، كما شاركنا بها في “مهرجان العراق الوطني للمسرح” ومهرجان في البصرة، في كلية الفنون الجميلة، وتمكنا من الحصول على هويات نقابة الفنانين على إثرها.

عام 2021 اشترك 3 ممثلين من فرقتنا في مسرحية “البوصلة” بالتعاون مع شعبة المسرح المعاصر التابعة للعتبة الحسينية.

في أيار 2023 قدمنا مسرحية “يا زارع البزرنكوش مَن هؤلاء؟” من إخراج الدكتور علي الشيباني، في كربلاء وفي المسرح الوطني ببغداد خلال “مهرجان بغداد الدولي للمسرح” وقد افتتح المهرجان بعرضنا.

تلقينا إشادات خلال تجربتنا المسرحية من الدكتور عزيز خيون والفنان محمود أبو العباس والفنانة آسيا كمال والدكتورة إقبال نعيم وغيرهم.

نطمح لتقديم عروضنا خارج العراق ونفتقد للدعم اللازم، لا نريد دعماً من أحزاب وجهات سياسية، نفضل أن يكون الدعم من منظمات مدنية.

عدد أعضاء الفرقة حاليا 11 ممثلاً و4 إداريين، وجميعهم من المكفوفين رجالا ونساء.

متزوج من عام 2017 ولدي طفلة وأنا الآن أحمل شهادة الماجستير في التمريض وأعمل موظفا حكومياً في معهد الصحة العالي بصفتي مدرساً.

كافحت من أجل الوصول إلى ما وصلت إليه رغم كل الصعوبات وأطمح مع فرقتي للوصول إلى العالمية.

صور شقاوات كربلاء والرموز.. مقهى الزعيم للإسلاميين أيضاً لا لليساريين فقط

بنات كربلاء يقرأن أكثر من الذكور لدى "شبعاد" ويطلبن تفاصيل دقيقة (صور)

المخرج المسرحي الدكتور علي الشيباني لـ 964:

أعتبر تجربتي مع فرقة السراج من التجارب الفريدة في عملي المسرحي على مدار 45 عاماً.

ما قدمته الفرقة سابقة في العراق وربما حتى في العالم حيث بإمكان الكفيف التحرك وحده على المسرح دون مساعدة أحد.

العمل مع الممثل الكفيف يحتاج جهدا كثيفاً وتتضاعف الجهود مع الممثل الكفيف منذ الولادة حيث أن الممثل الذي فقد بصره جراء حادث لديه فكرة وعلم عن الحياة وتفاصيلها.

كرار شاب موهوب ليس فقط بالتمثيل بل أيضاً لديه صوت جميل وأنا وظفته في المسرحيات كما أنه ناجح وظيفياً واجتماعياً.

أولي عناية كبيرة في اختيار النصوص المسرحية للفرقة وأحيانا نتشارك في كتابتها أو تعديلها بما يتناسب ووضعهم.

كذلك الحال بالنسبة للشكل الإخراجي، فالمسرح هو فن بصري بالدرجة الأولى لذلك نبذل جهوداً للخروج بعروض لا تشعر الجمهور أن الممثلين مكفوفين بل يتحركون بتلقائية.

استخدم تقنيات معينة على خشبة المسرح لتسهيل حركة الممثلين ليتحسس المواقع التي يتحرك عليها (من وإلى) كتقنية تحسس الضوء بالقدم وتحسس الأشرطة الملصقة على أرضية خشبة المسرح.