اسم الأميرة الهندية “تاج دار بهو” سيبقى جزءاً من كربلاء رغم هدم الحسينية
شارع السدرة (كربلاء) 964
ذكرى الأميرة الهندية “تاج دار بهو” ستخلد في كربلاء رغم إزالة الحسينية التي حملت اسمها لعقود، فالمتولون أقاموا مجسماً داخل المبنى الجديد، يذكّر بالتصميم الأساس لأحد أقدم صروح المدينة.
بُنيَت حسينية “تاج دار بهو” في شارع السدرة بكربلاء لأول مرة عام 1882 م على يد الأميرة الهندية “تاج دار بهو” التي جاءت إلى كربلاء لمجاورة مرقد الإمام الحسين والقيام بالأعمال الخيرية، وقد عاصر المبنى حقباً سياسية واجتماعية عديدة، وانشطر إلى قسمين في توسعة شهدتها المدينة القديمة في الخمسينات، ثم تعرضت الحسينية للقصف من قبل قوات النظام السابق، أيام انتفاضة العام 1991، وصولاً إلى إزالتها بالكامل بسبب أعمال التوسعة الحالية التي تديرها العتبات الدينية، ثم بنائها من جديد في موقع بديل.
وقبل الهدم، كانت الحسينية تبعد نحو 100 متر عن مرقد الإمام الحسين، أما الموقع الجديد فهو ليس بعيداً، ولا يبعد أكثر من 150 متر عن المرقد.
جمال عبد الأمير الهندي – القائم الحالي على الحسينية لشبكة 964:
كانت الحسينية تقع في شارع السدرة بالقرب من ضريح الإمام الحسين، سميت بهذا الاسم تيمناً بإحدى أميرات ولاية “لكناو” الهندية التي تحمل اسم “تاج دار بهو” وجاءت إلى كربلاء عام 1882 م مع زوجها الذي بنى لها حينها قصراً كبيراً، يعد تحفة فنية في وقتها، وعند وفاتها أوصت بوقفية القصر إلى حسينية، ودُفنتِ الأميرة في عتبة المذبح الحسيني داخل صحن الإمام الحسين.
في البدء توإلى على رعاية الحسينية شخصان قبل أن تنتقل لجدي “عبد الحسين غلام علي” حيث كان أبوه “غلام علي” أحد مساعدي الأميرة، وجاء معها من الهند إلى كربلاء، وما نزال نتوارث مسؤولية التولي الشرعي لهذه الحسينية.
نصت وصية الأميرة على إيواء واطعام الزائرين لمدة ثلاثة أيام مجاناً، وإقامة العزاء الحسيني مع تقديم الطعام في العشرة الأوائل من شهر محرم الحرام، وفي العشرة الثانية من شهر رمضان من كل عام، ويتم الإنفاق من ريع مدخول الوقفية من المحلات التابعة للحسينية، ولا نستلم التبرعات ولا النذور، فالعائلة هي من تتولى شؤون خدمة الزائرين.
جيلاً بعد آخر في العائلة، نطبق ما جاء في الوصية حرفياً، بل نتعداه إلى إقامة مآدب عشاء للزائرين في ليالي الخميس والجمعة من كل أسبوع.
في الخمسينيات حدثت توسعة لشارع السدرة فقُسمت الحسينية إلى قسمين منفصلين.
عاصرت الحسينية مختلف الأنظمة ابتداءً من العثمانيين ومرورا بالملكية وعهد الجمهوريات وانتهاءً بمرحلة ما بعد العام 2003، وفي كل الأنظمة لم نتعرض إلى أي مضايقات باستثناء عهد صدام حسين حين قُصفت الحسينية عام 1991، مما أثر كثيراً على شكلها التراثي، وفي عام 2015 تعرضت الحسينية إلى حريق.
ما ترونه الآن ليس الحسينية، فقد هُدمت بالكامل بسبب أعمال التوسعة الأخيرة التي تقوم بها العتبة الحسينية في شارع السدرة، الأمر الذي اضطرنا للتنازل، رغم أن الحسينية تعتبرا إرثاً تاريخياً ثقافياً مسجلاً في وزارة الآثار، وتم تعويضنا بالمكان الحالي في نفس الشارع، وهو ما أتاح لنا الحفاظ على اسم الحسينية ومواصلة نشاطنا خدمة للزائرين.
كانت مساحة الحسينية الإجمالية مع الدور المجاورة بالإضافة للقصر 1400 م، وتحتوي على 35 غرفة وقاعات كبيرة للمناسبات الدينية، ومكونة من ثلاثة طوابق وتتميز بالتصميم الهندسي الجميل من الأقواس والقباب، وفي القاعة الرئيسية كانت توجد المقرنصات المزججة والفسيفساء بجميع الألوان كما تحوي تحفاً وثريات وشمعدانات ومنبراً مصنوعاً من الفضة.
اعتزازاً منا بالحسينية صممنا مجسماً ووضعناه في موقع الحسينية الجديد، والمجسم هو نسخة مصغرة طبق الأصل عن الحسينية والمسكن الملاصق لها معاً وفقاً للتصميم الأول قبل التغييرات التي طرأت عليه مع تقادم السنوات، كما نحتفظ بالعديد من القطع والشمعدانات والصحون القديمة التي كانت تستخدم منذ عشرات السنين ومنها ما يصل عمره إلى أكثر من 140 عاماً.