الإطار يتفهم "زعل الحليف"
ماذا بعد غضبة العبادي؟ العصائب تكره الولاية الثانية والصدر غير مهتم لكنه يراقب
بغداد – 964
مَن استفز رئيس الوزراء الأسبق، حيدر العبادي، ليشهر سيفه بوجه الإطار؟ لم تهدأ أعصاب الرجل منذ أن بدأ “ينشر غسيل” الاتفاق السياسي لتشكيل الحكومة، حتى اختتم حملته النارية في السليمانية وهو يجلد حلفاءه علناً ويتحدث عن سلوك الأحزاب؛ “اعذروني.. هذا سلوك عصابات”.
هجوم العبادي بدأ الأسبوع الماضي، حين أثار جدلاً حول بند في الاتفاق السياسي قال إنه يحوّل عناصر تنظيم “داعش” إلى شهداء. لاحقاً، حاول عضو في “النصر” تصويب تصريحات زعيمه، وفجر جدلاً أكبر، فالبند الذي رفض العبادي التوقيع عليه كان يعتبر المغيبين “دواعش”، لأن غالبية هؤلاء “ينتمون للتنظيم الإرهابي وتورطوا بقتل العراقيين”، وفقاً للنائب عقيل الرديني.
اعذروني هذا سلوك عصابات.. العبادي يقتحم جلسة كبار الساسة في مؤتمر اليكتي
ما الذي أزعج العبادي؟
لم يسبق لزعيم في الإطار أن هاجم حلفاءه منذ تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، بالطريقة التي فعلها العبادي. كان الشعور السائد، وما يزال، أن الجميع في هذا التحالف يحاول بأقصى طاقته الاستفادة من غياب التيار الصدري.
ثمة اتفاق بين قادة الإطار على منع تسريب الخلافات الداخلية من غرف الاجتماعات. مقربون من المالكي قالوا لشبكة 964، إن تخريب حفلة الإطار “أمر محظور إلى إشعار آخر”، حتى التسريبات التي كانت تروج ل “ما صنع الحداد” بين المالكي والخزعلي، وانعدام الثقة بين السوداني وقادة في الإطار، كانت على الأكثر “بالون اختبار” لإجبار الصدر على إخراج ورقة الجوكر من بين يديه.
إذاً، ما الذي دفع العبادي للخروج عن النص؟ ثمة فرضيات مختلفة، لكن ما يفكر به الإطار الآن – وما يخشاه أيضاً – أن زعيم “النصر”، الذي كان أول أفندي من حزب الدعوة يفوز بمنصب رئيس الحكومة بعد انشقاق سلس عن المالكي، ربما يخطط الآن لانشقاق جديد من أجل ولاية ثانية، بعد أن خرج من تحالفات الإطار الكبرى في مجالس المحافظات.
ابتسامة الخزعلي الحائرة!
حلفاء العبادي في قاعة اليكتي (والخزعلي كان حاضراً) منحوه تصفيقاً وابتسامة حائرة؛ هل أنت معنا أم علينا؟ ربما خرج الخزعلي من قاعة “الرئيس بافل جلال طالباني”، الثلاثاء الماضي، وفي رأسه حسابات متناقضة عن خطط العبادي. لقد سمع كلاماً قاسياً لا يمكن تفسيره داخل العصائب – الخبيرة بخطط الاستحواذ والتكيّف – إلا بمقدمة لشيء أكبر، يعرفه الإطار، ويحاول العبادي استثماره.
حركة العصائب هضمت غضبة العبادي، ولم تعثر على تفسير سوى أن الرجل فعّل خطة الولاية الثانية. يقول مؤيد العلي، المقرب من “الشيخ الأمين” إن أحلام رئيس الوزراء الأسبق بالعودة إلى القصر الحكومي تبددت الآن.
تقول أوساط الإطار إن “داعش” هي الجماعة الوحيدة في العراق التي ينطبق عليها وصف “العصابات” الذي استخدمه العبادي، “وإذا كان يقصد الحشد الشعبي أو الفصائل، فإن للإطار حق الرد”، على حد تعبير عضو في حركة العصائب، قال أيضاً إن “العبادي الذي يهاجم الإطار الآن هو الذي قاد العراق إلى حكومة عصابة أميركية يقودها مصطفى الكاظمي”.
أين هي "عصابات العبادي"؟ دولة القانون: المالكي قادنا إلى الأمان وتشرين عاجزة
الإطار “يتفهم” الحليف الودود
تبدو حركة العصائب أكثر المنزعجين من تصريحات العبادي، فالإطار عموماً يتعاطى مع جدل الحليف “الهادئ الودود” على أنه “حدث طبيعي فرضته المتغيرات التي طرأت على توازن القوى الإطارية”.
يقول عضو الإطار التنسيقي، كاظم الحاج، لشبكة 964، إن مواجهة زعيم المشروع السياسي للتيار الصدري، العام الماضي، كانت الدافع الأكبر لتشكيل الإطار، وبعد انسحاب الصدر من العملية السياسية، لم تعد تربط أعضاء هذا التكتل سوى المصالح المشتركة، ويبدو أن مصلحة ما لم تكن على هوى العبادي “.
ويعتقد أعضاء في الإطار التنسيقي، أن موقع العبادي في خارطة التحالفات الانتخابية لا يساعده كثيراً على توقع نتائج كبيرة في مجالس المحافظات، وقد يكون هجومه الأخيرة محاولة لتعديل الأوزان المختلة.
ويؤكد عضو تحالف النصر، عقيل الرديني، لشبكة 964، أن العبادي لم يهاجم الإطار التنسيقي، بل “القوى السياسية التي تتحكم بالدولة”، وأن ما قاله في السليمانية كان “تحذيراً صريحاً بأن التجربة الحالية ستنهار في أي لحظة”.
ومع ذلك، يثق الإطار التنسيقي بأنه يدير “تجربة ناجحة” منذ التوقيع على الاتفاق السياسي الذي قاد إلى تشكيل الحكومة الحالية، وإن على العبادي الالتزام به “حتى لو لم يوقع عليه”، على حد تعبير أسعد محمد، النائب عن “دولة القانون”.
هل سمع الصدريون بالعبادي؟
لا يُظهر التيار الصدري حماسة لما يقوله العبادي، لكنه يراقب ما يجري دون أن يتورط كثيراً في التفاعل، أما أجواء الصدريين فتفسر حركة العبادي الأخيرة بأنها نتاج لاختلال في أوزان الإطار التنسيقي، سيحاول العبادي استثمارها لبدء حملته للعودة إلى رئاسة الحكومة.
أعضاء نشطون في إعلام التيار الصدري فسروا ما قاله العبادي خلال أسبوع أنه “أحرج الإطار وخرب دعايته الانتخابية، التي بدأت بأزمة كركوك، وقضية رجل الدين حكمت العاني في الأنبار، ومحاولتهم الدائمة تخويف الرأي العام من التيار الصدري”.
يقول عضو التيار الصدري، عصام حسين، لشبكة 964، إن العبادي اعترض على سياسة الإطار في تقاسم موارد الدولة، “لأنه لا يمتلك الأدوات المطلوبة للقيام بذلك (…) لا يمكنه المشاركة في الاستحواذ بدون ميليشيا، ومع ذلك لم يعتزل السياسة، وما يزال يطمح لإكمال مشروعه”.
ويقف العبادي الآن في منتصف الطريق. لقد أظهر نفسه “بريئاً” من الإطار التنسيقي، رغم أن هذا الأخير لن يسمح له بلعب أدوار غير مرسومة، لا سيما من طرف زعيمه السابق نوري المالكي، كما أنه لا يملك أي ضمانة بأن حليفاً قوياً مثل مقتدى الصدر ينتظره هناك في الحنانة، حين يخرج سليماً من معمعة الإطار، كما يصف عضو فاعل في اجتماعات مهمة عقدت مطلع الأسبوع داخل الإطار التنسيقي.