طاقم الأخبار استقال 12 ساعة
صورة أوضح عن ‘انقلاب’ الشبكة: المالكي لا يحب نبيل جاسم.. يحميه كرهاً بالعصائب
بغداد – 964
أفلت رئيس شبكة الإعلام العراقي، نبيل جاسم، من ”ليلة انقلاب“ دبرها مجلس الأمناء، بعد أسبوع من المناورات الشاقة بين عصائب أهل الحق وائتلاف دولة القانون على مناصب في الحكومة، من بينها رئاسة الشبكة.
ماذا حدث؟
حصل نبيل جاسم على أمر ولائي أبقاه في منصبه ”إلى حين البت في الدعاوى القضائية المرفوعة ضده“، على خلفية التعاقد مع شركة لنقل مباريات بطولة خليجي 25 عبر قنوات غير مشفرة.
وقبل ذلك بيومين، في 5 كانون الثاني 2023، أصدر مجلس الأمناء قراراً بإنهاء تكليف جاسم رئيساً لشبكة الإعلام العراقي، مقروناً بدعوى قضائية تتعلق ب27 مخالفة.
وقالت وثيقة صادرة عن مدير مكتب رئيس الوزراء موجهة لرئيس الشبكة، أنه ”بالنظر لخلو القرار من أحد الأسباب المنصوص عليها في القانون، فإن أمر إنهاء الخدمة لا سند له من القانون ولا يعمل به، ووجه رئيس مجلس الوزراء استمراركم بمهام عملكم وفق القانون“.
وردت “هيئة الأمناء“ في بيان موجز بالقول، أن ”المجلس يؤكد أن إقالة الرئيس السابق نبيل جاسم تمت وفق السياقات القانونية التي نص عليها قانون الشبكة وبأسباب بلغت (27) سبباً مع المرفقات والوثائق، وصلاحية قرار إنهاء تكليف رئيس الشبكة صلاحية حصرية لمجلس الأمناء“.
وفي وقت لاحق، أوصى مجلس الوزراء بتجميد عمل أعضاء مجلس أمناء الشبكة، وإعادة النظر في قانون الهيئة لعام 2015 من قبل البرلمان، قبل أن يعلن إكمال مسودة جديدة للمشروع.
وتمر شبكة الإعلام العراقي منذ حكومة مصطفى الكاظمي وحتى اليوم باضطراب إداري، على إثر خلافات عميقة بين مجلس الأمناء برئاسة جعفر الونان، ورئيس الشبكة نبيل جاسم، وتصاعدت هذه الخلافات قبل أيام قليلة إلى إقالة نبيل جاسم وتكليف عبد الحكيم جاسم بديلاً عنه.
وتزامن قرار مجلس الأمناء مع شائعات استمرت لشهور بشأن مساعي قوى الإطار التنسيقي التي شكلت الحكومة الجديدة، لإقالة جاسم، المحسوب على حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي من منصبه.
من هو نبيل جاسم؟
من مواليد بغداد 1971، حاصل على شهادة البكالوريوس في الإعلام من جامعة بغداد عام 1994، والماجستير في الإعلام في العام 1998، والدكتوراه في الإعلام من الجامعة ذاتها عام 2006.
وهو أستاذ الإعلام في جامعة بغداد منذ 2003، فيما عمل مقدماً للبرامج السياسية في قنوات فضائية محلية، قبل أن يلمع نجمه ويصبح “ترنداً” شعبياً إبّان حراك تشرين، عندما استضاف خلال إحدى حلقات برنامجه، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة حينها، اللواء عبدالكريم خلف، ووصفه بـ”بوق السلطة“، قبل أن يتسلم جاسم منصب رئيس شبكة الإعلام في تموز 2020، ولا يزال مستمراً فيه حتى الآن.
كواليس الانقلاب
داخل شبكة الإعلام العراقي كانت الأجواء مشحونة على مدى الأيام الماضية، بلغت ذروتها ليل الخميس الماضي عقب تداول معلومات عن رغبة حركة عصائب أهل الحق بإقالة جاسم من منصبه لأسباب تتعلق بخلاف أمينها العام قيس الخزعلي مع زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، حول آلية توزيع المناصب.
ودخلت شبكة الإعلام ضمن دائرة التنافس على المؤسسات والأجهزة الحكومية بين الحزبين النافذين في الإطار التنسيقي، لا سيما بعد أن رفض المالكي منح جهاز المخابرات إلى العصائب، بالتزامن مع ما قيل إنه ”فيتو أمريكي على ذلك“.
وقال مصدر مطلع على الصراع داخل الشبكة، إن ”هناك انقساماً كبيراً بين الموظفين بشأن الخلافات حول منصب الرئاسة”، مشيراً إلى أن” النسبة الأكبر من الموظفين أصبحت مع رحيل نبيل جاسم، لاعتقادهم أن أغلب المناصب وُزعت على أشخاص مقربين منه”.
ويضيف المصدر لشبكة 964، إن “السبب الآخر وراء وقوف الموظفين مع خيار رحيل جاسم، يعود لخشيتهم من أن تعرقل الحكومة الحالية ملف تحويل العقود إلى ملاك دائم ومنحهم أرض سكنية كونه من المحسوبين على حكومة الكاظمي، وأن أغلب قادة الإطار يرفضون بقاءه في المنصب“.
وقال موظفون إداريون في الشبكة، إن حالة من الهرج والمرج سادت أجواء قناة العراقية، بعد أن تجمع ”محتفلون بإقالة جاسم في الباحة الرئيسة للقناة، وسرعان ما اختفوا بعد قرار رئيس الوزراء“.
وأقدم عدد كبير من الموظفين المقربين من نبيل جاسم على تقديم استقالاتهم من مناصبهم بعد دقائق فقط من صدور القرار، من بينهم مدير وسكرتير أخبار العراقية اللذين استقالا بالطريقة ذاتها العام الماضي، إلا أنهم تراجعوا في اليوم التالي بعد قرار رئيس الوزراء بالإبقاء على رئاسة الشبكة.
وقال المصدر، إن “الحكومة أمرت بسحب العديد من أفراد حماية رئيس ومجلس الأمناء بعد الأحداث الأخيرة”.
صورة أوضح
خارج شبكة الإعلام، يتصاعد الخلاف السياسي بين العصائب ودولة القانون على المناصب الأمنية بالدرجة الأساس، إذ يعارض دولة القانون منح العصائب أي منصب أمني، وهو ما يتوافق مع رغبة أميركية بإبعاد الأطراف المسلحة عن تلك الأجهزة، لا سيما جهاز المخابرات.
وقال مصدر سياسي رفيع لشبكة 964، إن ”الخلاف على المناصب الأمنية، لاسيما المخابرات والأمن الوطني، دفع الخزعلي إلى أن يصوب نحو شبكة الإعلام بتكليف شخصية مقربة منه رئيساً لها“.
وتكمن العقدة أيضاً في المالكي الذي يسعى بدوره إلى السيطرة مجدداً على شبكة الإعلام، ورغم أن دولة القانون ”لا تريد بقاء جاسم في المنصب، لكنها ستدعم بقاءه مؤقتاً لمنع العصائب من الظفر بالشبكة“.
وأوضحت المصادر، أن “العصائب وبهدف الانتقام من إصرار المالكي، حركت مجلس أمناء الشبكة لإقالة نبيل جاسم من منصبه تمهيداً للحصول على المنصب بشكل نهائي، الأمر الذي استدعى إلى تدخل السوداني، لإيقاف القرار”.
وكشفت المصادر، أن قرار ”إجراء التغييرات في شبكة الإعلام تأجل إلى ما بعد الانتهاء من بطولة خليجي 25، نظراً لتوقيع نبيل جاسم على عقود نقل البث المرئي والسمعي للمباريات مما قد يؤدي إلى إرباك التنظيم”، وهو ذات الأمر الذي أشار إليه الأمر الولائي الذي نجح نبيل جاسم في استصداره.
وقال المصدر، إن “هناك اتفاقاً نهائياً جرى داخل الإطار التنسيقي بشأن إجراء تغييرات شاملة في رئاسة شبكة الإعلام العراقي ومجلس أمنائها خلال الفترة القليلة المقبلة”.
ولم تكن إقالة نبيل جاسم من منصب رئاسة الشبكة هي الأولى، إذ أقاله مجلس الأمناء في 24 تشرين الأول 2021، وكلف كريم حمادي بإدارة الشبكة مؤقتاً، إلا أن أمراً ولائياً أبطل قرار إقالته.
وسارعت كتلة “الصادقون” النيابية لإصدار بيان عاجل، دافعت فيه عن ”قانونية إقالة نبيل جاسم”.
وبحسب البيان، فإن كتلة العصائب النيابية تعتقد ”بضرورة قيام مجلس النواب بتقييم حقيقي لمجلس الأمناء الحالي ورئيس شبكته وإعادة النظر في تشكيلته الحالية وضرورة اختيار مجلس أمناء جديد يستطيع الاضطلاع بواجباته بشكل مهني“.
ونفت الكتلة ”أي دعم أو علاقة للعصائب برئيس الشبكة الحالي أو بمن عينه مجلس الأمناء“، في إشارة إلى حكيم جاسم.
من جانبه، نفى هشام الركابي، مدير مكتب زعيم ائتلاف دولة القانون “وجود خلافات بين دولة القانون والعصائب”.
وقال الركابي، لشبكة 964، إن “قوى الإطار وبالتنسيق مع الحكومة الجديدة، بصدد إعادة النظر بعمل جميع الهيئات والدرجات الخاصة”.
وأكد الركابي أن “الإطار التنسيقي سيعمل على إجراء العديد من عمليات التدوير في هذه المناصب، وفقاً لتقييمات دقيقة”، مشيراً إلى أن “ما ينشر في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بشأن الصراع داخل الإطار حول شبكة الإعلام محاولة لخلط الأوراق“.