قانون جديد لإنهاء "تركة صدام"
“أبعدوا الضباط عن التحقيق”.. حكومة السوداني تبدأ المهمة الشاقة ضد التعذيب
ميسون الشاهين – 964
“لا يمكن التفكير بوقف التعذيب دون إبعاد ضباط الداخلية عن التحقيق”.. نتيجة توصل لها أحد أبرز القضاة العراقيين، من بين 3 مقترحات قدمها عبر شبكة 964 لإخراج العراق من قائمة الدول سيئة السمعة في مجال حقوق الإنسان.
ويبدو أن الحكومة العراقية تتجه أكثر نحو وضع حد لملف التعذيب في مراكز الاحتجاز، فالتذرع بـ”تركة نظام صدام حسين” لم يعد كافياً لتفسير تسجيل نحو 5 آلاف شكوى بهذا الصدد، ورغم أن مسؤولين حكوميين، يقرّون باستمرار حالات التعذيب، إلا أنهم يصرّون على أن ذلك ليس أمراً “ممنهجاً”.
وتستعد الحكومة لإطلاق قانون يكافح التعذيب والانتهاكات اللاإنسانية، كما عيّن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مستشاراً خاصاً لشؤون حقوق الإنسان.
ورغم أن الحكومة تعلن عن ورشات لتدريب الضباط على التحقيق وانتزاع المعلومات دون تعذيب، إلا أن القاضي البارز منير حداد، يقول إن الحل هو منع الضباط نهائياً من التدخل في التحقيق، وإسناد المهمة إلى خريجي كليات القانون والمحققين العدليين.
نائب: السجناء المضربون عن الطعام عوقبوا بالتعذيب ولديّ شهادات قاسية
ماذا حدث؟
قال رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، خلال المؤتمر الثاني للخطة الوطنية لحقوق الإنسان، إن الحكومة تعمل حالياً على مشروع قانون يمنع التعذيب والمعاملة اللاإنسانية.
وصرح المتحدث باسم الحكومة، باسم العوادي، لشبكة 964، أن نص القانون لا زال في المداولات القانونية، وهناك مساع لخطوات جدية بهذا الملف، بعد انتهاء انتخابات مجالس المحافظات.
وقال المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء، هشام الركابي، لشبكة 964، إن الحكومة لم تهمل ملف تشرين وعمليات الاستهداف التي طالت المحتجين، وهي حريصة على معالجة الانتهاكات التي جرت خلال السنوات السابقة، وحققت نتائج متقدمة في هذا الملف وشاركتها مع الرأي العام في مناسبات عدة.
وأضاف الركابي، أن الحكومة أفردت مستشاراً متخصصاً لمتابعة كل ما يتعلق بمخالفات حقوق الإنسان سيما في مراكز الاحتجاز الأمنية وأوضاع السجناء، إذ أوكل رئيس الوزراء لمستشاره زيدان خلف هذه المهمة.
الحكومة لم تهمل ملف قتلة المتظاهرين وتوصلت إلى نتائج متقدمة.. مستشار السوداني
مباشر.. كلمة السوداني في المؤتمر الثاني للخطة الوطنية لحقوق الإنسان
وعد من السوداني: سأكشف قتلة المتظاهرين بلا تهاون مع أي جهة سياسية أو أمنية
دورات لضباط التعذيب
ووفقاً لتقارير إعلامية متداولة فقد كشفت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي عن تسلم الحكومة 5 آلاف شكوى عن حالات تعذيب وانتهاكات داخل السجون العراقية.
بدوره، أثار عضو البرلمان العراقي رعد الدهلكي خلال الأشهر الماضية قضية التعذيب في سجن الحوت بالناصرية ووصف ما يحدث “بالإبادة الممنهجة”، إلى حد تفكير السجناء بالانتحار جراء المعاملة السيئة.
لكن مستشار رئيس الوزراء لحقوق الإنسان، زيدان خلف أوضح لشبكة 964، أن التعذيب موجود ولا يمكن إنكاره لكنه ليس ممنهجاً ويقتصر على حالات فردية وتجري ملاحقتها في حال ورود أي شكوى.
وأضاف أنه في الفترة الماضية ورد عبر الإعلام وفاة شخص في أحد مراكز الشرطة، وإثر ذلك أحيل 7 ضباط متهمين إلى التحقيق من قبل القاضي.
وزارة العدل تدعو رعد الدهلكي لزيارة سجن الحوت بعد حديثه عن حالات تعذيب
وخلال الفترة الماضية جرى إصدار كتب رسمية تتعلق بمنع التعذيب والإكراه على الاعتراف، إلى جانب توفير الضمانات القانونية للمتهم وأن يكون لمحامي الدفاع ومحامي المتهم حضور أثناء التحقيق، وفقاً للمستشار خلف الذي تحدث أيضاً عن وجود زيارات للمعتقلات وتخصيص رقم ساخن للتبليغ عن أي انتهاك، فضلاً عن التأكيد على أن يكون الاحتجاز بأمر قضائي، مع إحالة أي شخص متهم بالتعذيب إلى التحقيق.
وذكر في السياق ذاته، أن الحكومة طلبت إدخال كل ضباط التحقيق بدورات لتعلم طرق التحقيق وعدم انتهاك حقوق الإنسان ونفذت الداخلية ذلك وعقدت مئات الورشات. مشيراً إلى أن مسألة الاكتظاظ التي وصلت إلى 300%، “هي الطامة الكبرى” وانعكست بشكل سلبي على كل التفاصيل، وأدت إلى انعدام الأوضاع الإنسانية، وجاء قانون العقوبات البديلة كحل لهذه المشكلة.
حصري: سوار باليد للتعقب وأعمال شاقة بدل السجن.. 964 تكشف تفاصيل العقوبات البديلة
مستشار السوداني يتحدث عن مقترحات لإصلاح السجون.. ماذا عن "العقوبات البديلة"؟
3 إجراءات بوجه تلامذة صدام حسين
وقدم القاضي والمستشار القانوني، منير حداد لشبكة 964، تصوراً عن 3 إجراءات يجب على الحكومة تنفيذها إذا كانت جادة بملف منع التعذيب، وهي:
– وضع الكاميرات في غرف التحقيق، وهو أمر متبع في كثير من دول العالم، سيما أن المحقق الناجح بإمكانه الحصول على الدليل دون تعذيب أو تهديد.
– أن يكون التحقيق بيد المحققين العدليين حصراً، وخريجي كليات القانون المعترف بها، مقابل إبعاد كل الجهات أو الأشخاص غير المحترفين أو ضباط الداخلية.
– تنفيذ عقوبات شديدة وحقيقية للضباط أو الأشخاص الذين يتبعون أساليب التعذيب والترهيب.
وأشار حداد إلى أن حالات التعذيب ليست منهجاً، كما أن القضاء رفع العديد من القضايا وحاكم ضباطاً وشخصيات عدة بجرائم التعذيب بمحاكم الأمن الداخلي، لكنه وصف من يتبعون تلك الأساليب بأنهم “تلامذة النظام السابق” وبأنهم يتعاملون بعقليته الدموية.
ونوه حداد إلى وجود قانون خاص بحقوق الإنسان في البرلمان، وتمت القراءة الأولى له، لكنه اعتبر ذلك خطوة متعلقة “بتلميع الصورة” قبل الانتخابات.
قاضي صدام حسين: لست معارضاً للحكومة لكن التعذيب موجود والحريات ناقصة جداً
ما فائدة تعذيب النزلاء بعد حكم القاضي؟ وزير العدل: أتابع وفاة العقيد مصطفى كل يوم
خلفية قانونية
قال الخبير القانوني عباس العقابي لشبكة 964، إن الاعترافات تحت التعذيب، لا يؤخذ بها وفي حال غيّر المتهم أقواله لأنها كانت بالإكراه، يجري عرضه على الطبيب الشرعي، وعند تأكيد التعذيب فلا تؤخذ اعترافاته ولا يحاكم بناء عليها، لكن المؤسف هو أن مَن قام بالتعذيب أو من وردت بحقه شكوى، لا يعاقب، وأحياناً يقوم القضاء بغض النظر عن هكذا أمور.
ويحدث أثناء المحاكمات أن يبدل المتهم أقواله بسبب أخذها بالإكراه دون أن يثبت عليه آثار التعذيب، وفي هذه الحال يعود التقدير للقاضي ومقارنة الاعترافات وفق سياق القضية، وفقاً للعقابي.
وشدد العقابي على ضرورة تنفيذ عقوبات بالسجن تصل إلى سنة أو سنتين لمن لديه سلطة ويقوم بالتعذيب، سيما أن المتهم يُعذّب أثناء التحقيق وهذا يتعارض مع قاعدة “المتهم بريء حتى تثبت إدانته”، مشيراً في الوقت عينه إلى أنه لا يمكن وضع كاميرات في غرف التحقيق لأن هناك قضايا غاية في السرية وترفع الأوراق فيها من المحقق إلى القاضي مباشرة ولا يطلع عليها أحد كالقضايا العائلية أو أمن الدولة وتهريب المعلومات لأنها قد تمس مسؤولين بالدولة.
ويعتبر العراق مساءلاً أمام المجتمع الدولي عن الانتهاكات والخروقات الإنسانية، سيما أنه وقع على اتفاقيات الأمم المتحدة وهي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والبروتوكول الأول والثاني، إلى جانب اتفاقية مناهضة التعذيب، ويفترض على الدول الموقعة الالتزام، وبخلاف ذلك قد يتعرض لعقوبات تأديبية كمنعه من حضور المؤتمرات أو التصويت في جمعية الأمم المتحدة أو يوجه له توبيخ.