صورة أوضح.. إلى حد ما
الدولار يهوي إلى “الخمسين”.. واشنطن أرسلت طوق نجاة والسوق الموازي ذاق طعم الكساد
بغداد – 964
لماذا انخفض سعر صرف الدولار الأميركي في البورصة؟ يقول المسؤولون الماليون في البلاد إن اجتماع البنك المركزي العراقي والفيدرالي الأميركي في أبو ظبي الأسبوع الماضي، فك اختناق السوق وخفّض قيمة العملة الأجنبية، لكن تجاراً وصرّافين يتحدثون عن فرضية “حافة الكساد”، بعدما تكدس الدولار في مكاتبهم بسعر تجاوز 165 ألفا لكل 100 دولار، ولجأوا إلى “خدعة مؤقتة” للتخلص من كميات كبيرة من العملة الأجنبية فشلوا في بيعها هذا الشهر.
نهاية الأسبوع الماضي، كاد يصل سعر الصرف إلى حافة 170 ألف دينار عراقي، وفجأة بدأ يتراجع بنحو 10 آلاف دينار.
وتزامن التراجع مع تسهيلات جديدة محدودة لدعم أرصدة الدولار لخمسة مصارف عراقية جديدة تضاف إلى خمسة كانت مشمولة سابقاً؛ تقول المصادر إن عددها سيزداد في المدى القريب.
بغداد لا تشتري الدولار رغم انخفاض قياسي إلى 155: ننتظر سعر 145 غداً أو بعده
بوادر انفراجة في أزمة الدولار.. واشنطن تقدم "تسهيلات محدودة" للحوالات الخارجية
دولار بغداد المسائي ينخفض 3 آلاف دينار: شيء ما يحدث في بورصة العراق
ماذا حدث في أبو ظبي؟
في ذروة صعود الدولار، كان ممثلو البنك المركزي العراقي يجرون مباحثات في أبو ظبي مع الفيدرالي الأميركي، بحضور مصارف من الأردن والإمارات، وتقرر تعزيز أرصدة خمسة مصارف، هي التنمية الدولي، العراقي الإسلامي، الجنوب الإسلامي، آشور، ومصرف RT.
هذه المصارف سيتم تعزيزها بالدولار الأميركي، الدرهم الاماراتي، اليوان الصيني، الروبية الهندية، ومن المفترض أن تؤدي هذه الآلية إلى زيادة مساحة النشاط التجاري دون تركيز الضغط على البنوك الخمسة الأولى التي كانت مشمولة وحدها بتعزيز العملة سابقاً، وهي TBI، الأهلي، بغداد، المنصور، ومصرف أبو ظبي الإسلامي.
وبحسب الخبير المالي محمود داغر، الذي تحدث مع شبكة 964 هذا الأسبوع، فإن اتفاق أبو ظبي سيعزز هذه المصارف بالدولار بعيداً عن نافذة بيع الدولار الحكومية، مقابل أن تلتزم المصارف الخمسة الجديدة بالإجراءات الرسمية وتسريع عمليات التحويل المالي.
ولم يكن اجتماع أبو ظبي سوى نتيجة لمفاوضات أجراها في واشنطن مسؤولون بمكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني كانت تهدف إلى تنويع منافذ الدولار بزيادة عدد المصارف المشمولة بتعزيز الرصيد.
يقول مسؤول حكومي بارز، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن الإجراءات الجديدة ستدفع سعر الصرف إلى الانخفاض تدريجياً وصولاً إلى 140 ألفاً، على أن يتزامن مع جدول زمني لانضمام مزيد من المصارف إلى قائمة المشمولين بتعزيز الأرصدة.
وأشار المصدر أيضاً عن جولة مباحثات ستجري قريباً في واشنطن بهدف الحصول على مزيد من التسهيلات.
لكن المصدر يتحدث لشبكة 964 عن عائق أمام مرور هذه الإجراءات وفقاً لخطة الحكومة بسبب وجود كميات كبيرة من الدولار مكدسة لدى تجار البورصة.
العثور على حافة الكساد
مع صعود سعر الصرف، تصاعد نشاط التجار والمضاربين لجمع الدولار من السوق، لكنهم اكتشفوا أن بيعه صعب للغاية منذ أن عبر حاجز الـ160 ألف دينار، يقول أحد تجار بورصة الكفاح، إن “التجار الصغار والأفراد عاقبوا البورصة (…) كان الأمر يشبه إضراباً عن شراء الدولار، الذي تكدس في القاصات ولا نعرف كيف نتصرف به”.
ما الذي يجري الآن؟ يقول المصدر، إن المضاربين الكبار يرغبون بالتخلص من كميات الدولار المكدسة لتلافي انخفاض أكبر في سعر الصرف، وهذا ما سيجعل الفارق يتضاءل بين السوق الموازي ومبيعات الحكومة.
وبحسب المصدر، فإن تجار البورصة يعتقدون أن حصيلة المضاربات الأخيرة، والخسائر التي تكبدها كبار التجار، جعلتهم يكتشفون أن حاجز الـ160 ألفا هو وحدة القياس الجديدة، بوصفها الحد الفاصل بين بيع الكميات الكبيرة والعزوف عن الشراء.
لكن هل يعني هذا أن الإجراءات الحكومية هي من خفضت سعر الصرف وأجبرت البورصة على تحرير الدولار المكدس، يقول تجار تحدثت معهم شبكة 964، إن المضاربين هم من قللوا قيمة الدولار، وإن تأثير ما تقوم به الحكومة سيظهر لاحقاً، وهو رأي يعترض عليه مسؤول مالي كبير أكد أن المبيعات الصغيرة مؤثرة فعلاً لكن تأثيرها على تحديد سعر الصرف جزئي ولا يمثل الصورة الكلية.
ما هي الصفقة المتكافئة؟
خلال كتابة هذه “الصورة الأوضح” إلى حد ما، تداولت وسائل إعلام محلية تصريحات منسوبة إلى مصدر حكومي، عن “حزمة إجراءات لمعالجة الفارق في سعر الصرف”.
وتشمل الحزمة “تنظيم العملية الاستيرادية وضمان دخول أكبر عدد من التجار والمستوردين لنافذة بيع العملة الاجنبية من خلال تسهيل إجراءات فتح الحساب وعمليات الإيداع”.
وبحسب المصدر، فإن الحكومة تعمل الآن على مشروع “الصفقة المتكافئة” لتبادل التجارة والاستيرادات مع الصين والهند بعملاتها المحلية، من شركاء العراق الأساسيين في تلك الدول.
ويعتقد الخبير المالي محمود داغر، إن “الصفقة المتكافئة” تعني التكافؤ في التبادل التجاري، ويضرب مثلاً بالصين والهند اللذين يستوردان النفط من العراق، حيث يمكن تسوية المدفوعات، على شكل بضائع يحتاجها العراق من هذين البلدين، خصوصا وان الصين اكبر شريك تجاري للعراق.