"البطريرك لم يتخذ قرار التدويل"
صورة أوضح عن أزمة الكنيسة: مستشار ساكو يتحدث عن طموحات “ريان” لخلع الكاردينال
بغداد – رامي الصالحي
قال مستشار مسيحي بارز، إن المرسوم الرئاسي الذي جرد البطريرك لويس ساكو، من سلطاته كزعامة عليا للمسيحيين في العراق، فعل سياسي يهدف إلى تغيير كرسي الكنيسة الكلدانية، مشيراً إلى أن بإمكان البطريرك لويس ساكو الطعن في سحب المرسوم لدى المحاكم المحلية والدولية، لكنه يرفض “تدويل النزاع حرصاً على سمعة العراق”.
بابليون: ذنبنا تنفيذ فتوى السيستاني.. وساكو يتحدث في السياسة أكثر منا
ومطلع تموز الجاري، تفجرت أزمة بين الزعامة الروحية للديانة وحركة “بابليون” التي تمتلك ذراعاً مسلحاً، انخرط مع الحشد الشعبي في المعارك ضد تنظيم ”داعش”، منذ عام 2014، وصار يتمتع بنفوذ سياسي ملحوظ، نتيجة القرب من الإطار التنسيقي، بعد أن سحب رئيس الجمهورية مرسوماً سابقاً يعود للعام 2013، كان قد منح البطريرك لويس ساكو حق التصرف بأملاك الكنيسة الكلدانية.
الأب ساكو: وكلائي في إيران وسوريا ولبنان وأنا الشرقي الوحيد المنافس بمنصب البابا
واضطر ساكو إلى مغادرة مقره الكنسي في بغداد، والاستقرار في أحد أديرة أربيل، احتجاجاً على إلغاء المرسوم الجمهوري الذي صدر في زمن الرئيس جلال طالباني واعترف بالبطريرك رئيساً للمسيحيين الكلدان في العراق والعالم، ومتولياً على أوقافها.
ساكو يعلن انسحابه من مقره الكنسي في بغداد احتجاجاً على "حملة الرئيس وبابليون"
مصدر كنسي رفيع: البطريرك ساكو في تركيا.. ولن يذهب إلى لبنان
وأظهرت مقابلات مع شخصيات سياسية مسيحية، أجرتها شبكة 964، أن النزاع المستمر منذ أشهر بين الطرفين، يدور حول قضايا سياسية تتعلق بالتمثيل الحزبي للمسيحيين، ومحاولات لتغيير الجهة التي تدير ممتلكات الكنيسة.
ورفض أعضاء ونواب في حركة “بابليون” التعليق على الأزمة مع البطريرك ساكو، وقالوا لشبكة 964، إن المواقف الرسمية التي أعلنها رئيس الحركة ريان الكلداني “توضح كل شيء”.
لكن مسؤولاً في الحركة، رفض الكشف عن هويته، اتهم الكنيسة بأنها “كانت تخطط للانخراط في السياسة، عبر دعم أحزاب مسيحية في الانتخابات المقبلة”.
وقال المسؤول، لشبكة 964، إن “الحركة تحترم كرسي الأب وتعتقد أن دخوله السياسة يقوض نزاهته أمام أتباع الكنيسة”، دون أن يستجيب لطلب الشبكة بتقديم أيّ أدلة على هذه المزاعم.
لكن مصدراً من “أبرشية أربيل الكلدانية”، قال لشبكة 964، إن الوسط الكنسي المقرب من البطريرك ساكو يشعر بالقلق من “محاولات حركة سياسية لتعيين مرجع مسيحي جديد يعمل لصالح أجندة سياسية تدّعي تمثيل المسيحيين”.
"الإنجيل والكنيسة يحرمان السياسة والميليشيات".. مستشار ساكو: المرسوم سيسبب هجرة!
مستشار ساكو: القصة الكاملة
يقول بسمان جورج، مستشار بطريرك الكلدان الكاثوليك الكاردينال لويس ساكو، في حديث لشبكة 964، إن “الصراع بدأ منذ تأسيس ريان الكلداني فصيلاً مسلحاً باسم (بابليون)، يدعي تمثيل المسيحيين، وهو ما ترفضه الكنيسة جملة وتفصيلاً“.
وحسب جورج فإنه مع انتهاء معارك التحرير من تنظيم “داعش”، بدأت “بابليون” بتوسيع نفوذها في المجتمع المسيحي، واستفردت بالمقاعد البرلمانية الممثلة للمسيحيين.
واستخدم جورج عبارة “عائلة مسيحية واحدة باتت تسيطر على تمثيل المكون المسيحي” لوصف “جماعة الكلداني”، وقال إن حركته السياسية حصلت على مقاعد في النجف وكربلاء بأصوات من غير المسيحيين، كما أن الرجل (الكلداني) حصل على 17 صوتاً فقط في بعض المناطق، لكنه تمكن من الحصول على مقاعد نيابية”.
ويعتقد مستشار البطريرك أن “تعاظم نفوذ الكلداني يشجعه الآن على التحرك ضد الكنيسة للسيطرة على الوقف المسيحي والمناصب المخصصة للمسيحيين في الحكومة”.
ويقول جورج، “الكلداني لن يترك حتى قناة السريانية التلفزيونية التابعة لشبكة الإعلام العراقي”.
ويضيف جورج أن “بطريرك الكلدان، لم يتدخل في العمل السياسي على مدار السنوات الماضية لأنه مرجع ديني رفيع، على غرار المراجع الشيعية والسنية، وما يقوله الكلداني في هذا الشأن محظ تزييف وافتراء”.
ساكو “لا يبيع الكنائس”
وسخر جورج، خلال المقابلة مع شبكة 964، من ادعاءات الكلداني بأن بطريرك الكلدان “باع الكنائس القديمة، لأنها تدار من قبل الرئاسة الكنائسية التابعة لساكو عبر الأساقفة”.
الأب ساكو: لم أنتقد السوداني ولا العامري وأحتاج المرسوم لأدير أملاك الكنيسة
تشكيل لجنة لمتابعة أملاك المسيحيين والإيزيديين والصابئة في بغداد ونينوى
ويشرح جورج دور الوقف المسيحي، الذي يختلف تماماً عن الطريقة التي يعمل بها الوقفان السني والشيعي، إذ لا يمتلك الوقف المسيحي صلاحيات لإدارة الكنائس وأمورها المالية، بل هذه شؤون تخص الكنيسة وحدها، “فهذا عرف مثبت منذ الدولة العباسية”.
وأوضح مستشار ساكو، في تصريح متلفز سابق، أن سحب المرسوم الذي يسمى أيضاً “حجة التولية” موجود منذ الخلافة العباسية باسم “البراءة”، واستمر حتى في دستور العثمانيين باسم “الطغراء”، ثم إلى دستور العراق، خلال العهدين الملكي والجمهوري.
ويقول جورج، إن “مرسوم رئيس الجمهورية المنحاز، يعني بالضرورة منح أملاك الكنائس في العراق، بطرق مختلفة إلى ريان الكلداني”.
نظرة إلى الأمام
يقول القاضي السابق وائل عبد اللطيف، لشبكة 964، إن “المرسوم الجمهوري ضد ساكو “ليس سليماً، لأنه استهدف شخصية على ارتباط مباشر بالفاتيكان”.
وأوضح عبد اللطيف، أن بطريرك الكلدان سيكون “أمام خيارات عديدة للطعن بقانونية المرسوم لدى المحاكم المحلية والمحاكم العليا، وبإمكانه أيضاً مقاضاة رئاسة الجمهورية في المحاكم الدولية”.
لكن المستشار جورج، قال إن ساكو “لا ينوي تدويل القضية، حرصاً على سمعة العراق، كما أن الكنيسة الكلدانية لم تطلع الفاتيكان على تفاصيل النزاع الدائر في العراق، حتى الآن”.