مضيق البصرة يصيب السفن بالجنون

رصاص الانكليز وغوارق العثمانيين وراء “الغرائب المغناطيسية” في شط العرب

أم الرصاص (البصرة) – شبكة 964

في حكايات البحارة، ان السفن تتمنى ان لا تضطر للمرور بجزيرة ام الرصاص التي تكاد تسد شط العرب، ولاتترك لمرور القطع الملاحية سوى ممر ضيق جدا، يطلق عليه البعض اسم “مضيق الشيطان”.

وتتلاصق جزيرة ام الرصاص الواقعة جنوب ابو الخصيب، مع جزيرة أخرى تدعى “الشمشومية”، والمسار الضيق بينهما هو السبيل الوحيد لإكمال الرحلة بين الخليج وموانئ البصرة الواقعة شمال شط العرب.

ويوصف الممر المائي بين الجزيرتين، في خرائط الأدميرالية البحرية، بأنه يحتاج انتباها عاليا، وتفضل توصيات القباطنة، الاستعانة بملاحين محليين للدلالة الدقيقة على الأعماق والمسارات المناسبة، لكن بعض الحكايات تذهب الى أبعد من ذلك، وتتحدث عن خلل يصيب البوصلة أثناء عبور مضيق أم الرصاص، وبعضهم يقول إن “البوصلة تصاب بالجنون في تلك المنطقة”.

وفي حديث مع شبكة 964، قال وزير النقل الاسبق الكابتن كاظم فنجان وهو معروف بتعليقات طريفة ومثيرة للجدل أحيانا، “ان التحذير من مضيق الشيطان مثبت باللغة الانكليزية على الخرائط الملاحية الادميرالية، حيث تفقد البوصلة السيطرة على نفسها وتصاب بالجنون.. بسبب قوة خفية لم تفسر علميا لحد الان”.

يضيف فنجان “يقال أن غوارق عشرات السفن، من القرون الماضية، لا تزال غاطسة عميقا في الطين، تحت مقتربات هذا المضيق”.

فنجان أكد أنه طلب مرة من مركز علوم البحار في جامعة البصرة، دراسة الظواهر الموجودة في مضيق ام الرصاص، الا ان امكانياتهم لم تسمح بذلك.

لكن رئيس مركز علوم البحار الدكتور عبد الزهرة الحلو، قال لشبكة 964، ان “مضيق الشيطان يقع في منطقة من شط العرب مشتركة بين ايران والعراق، فيحتاج بذلك تنسيقا بين وزارتي الخارجية في البلدين، وهو أمر ليس سهلا”.

واضاف الحلو “علميا، اعتقد ان هناك قوة مغناطيسية موجودة في هذا المضيق، تؤثر على البوصلة وعملها”.

وتحدثت شبكة 964 مع عدد من القباطنة العراقيين حول تجربة قيادة السفن داخل مضيق ام الرصاص، وقالوا ان مشكلة البوصلة قد تكون قديمة.

الكابتن البحري نجم الصالحي، قال انه لم يتعرض لمثل هذه الظواهر خلال مروره المعتاد بمضيق الشيطان، “لأن السفن الحديثة تستخدم البوصلة الكهربائية، لا المغناطيسية، وهي لا تتأثر بظواهر كهذه”.

الا أن البحارة العراقيين أكدوا في حديث مع شبكة 964، وجود سفن حديدية غارقة في هذا المضيق، لم تحسن التعرف على الاعماق او جرى تدميرها في الحروب الكثيرة التي شهدها شط العرب، وإحدى الغوارق سفينة تركية يعود تاريخ غرقها إلى عام 1800، وقد يؤثر المجال الحديدي والمغناطيسي على السفن التي تستخدم البوصلة القديمة المغناطيسية، المستخدمة حتى سبعينيات القرن الماضي.

فريق تدقيق الحقائق في شبكة 964، رجح ان تكون الجزيرة خلال الاحتلال البريطاني عام 1914، مخزنا للعتاد، ومنه جاء اسمها كما تذكر بعض المصادر. ويمكن ان ينتج ذلك مع بقاء المخازن وقتا طويلا، مجالا مغناطيسيا يؤثر على عمل البوصلة.

لكن البحارة يقولون في نهاية الامر، انه لا حاجة للبوصلة في ذلك الممر الضيق، المهم هو وجود دليل بحري خبير بخرائط الاعماق في شط العرب، كي يستطيع إيصال السفن بسلام، ولهذا تحرص السفن الاجنبية دوما على الاستعانة بمرشد بحري عراقي، وينطبق ذلك حتى على السفن الايرانية الداخلة الى موانئ مدينة المحمرة على نهر الكارون.