تعليقات العقيد سلام أسعد
ضابط عراقي يتوقع عودة الحرب بين طهران وتل أبيب ويقارن قدرات الجيش والغواصات
أربيل – 964
رغم توقف المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل بعد حرب الأيام الاثني عشر، يرى العقيد سلام أسعد الخبير العسكري في شبكة 964، أن الطرفين يستعدان لمواجهة جديدة قد تنشب في أي لحظة، فإسرائيل التي استنزفت منظومتها الدفاعية، أعادت تنظيم صفوفها وتترقب معلومات دقيقة حول مصير اليورانيوم عالي التخصيب في منشأة فوردو للدخول في حرب جديدة، في المقابل بدأت طهران حملة أمنية واسعة ومعمقة لاجتثاث الجواسيس وإعادة تفعيل أنظمتها الدفاعية، كما قدم مقارنة واسعة لقدرات الطرفين البرية والبحرية وسلاح الغواصات الإيراني.
ضابط عراقي يحلل مسرح العمليات ويخشى 10 سنوات! إيران عمياء وإسرائيل مشلولة
السوداني يريد إسقاط F16 بتدريب 9 شهور في كوريا.. عقوباتنا مثل تركيا
العقيد المتقاعد سلام أسعد، لشبكة 964 في لقاء مع الزميل توانا نقي:
هدوء قبل العاصفة..
الواقع يشير إلى أن حرب الأيام الاثني عشر أنهكت الطرفين، وجعلتهما بحاجة ماسة لإعادة التنظيم الداخلي، فمن جهة نجد أن إسرائيل نفد مخزونها من الصواريخ الدفاعية، سواء كانت من طراز فاد أو باتريوت، وكانت بحاجة ماسة لوقف القتال من أجل تعويض مخازنها وترتيب صفوفها.
أما إيران فكانت بحاجة إلى إعادة هيكلة داخلية، لا سيما فيما يتعلق بملف الجواسيس المنتشرين على أراضيها، حيث شرعت في حملة مكثفة لتعقبهم وتحييدهم، إلى جانب تعزيز ما تبقى من أنظمتها الرادارية، خصوصاً في المناطق الغربية، فرغم أنها أنظمة قديمة، إلا أنها ما زالت فعّالة نسبياً، وقد يتم نقلها إلى مناطق أكثر عرضة للهجوم، خاصة حول طهران، بهدف مراقبة التحركات الجوية الإسرائيلية بدقة.
متى تحين ساعة الصفر؟
بحسب المعطيات فإن إسرائيل أنهت فعلياً مرحلة إعادة التنظيم، لكنها لا تزال تنتظر معلومات دقيقة بشأن وضع المنشآت النووية الإيرانية التي قصفتها أمريكا، وتحديداً منشأة فوردو التي يُعتقد أنها كانت تحتوي على يورانيوم عالي التخصيب.
وما زالت إسرائيل بانتظار معرفة مصير هذا اليورانيوم، وما إذا تم نقله أم لا يزال موجوداً، وإن نقل فإلى أين يتم نقله، وهذه هي نقطة الحسم في قرار العودة إلى المواجهة.
السيناريو المقبل في حال استؤنفت الحرب ستكون مختلفة كلياً، فلن يكون التركيز الإسرائيلي على المواقع الاستراتيجية أو المعسكرات أو حتى البنى التحتية النووية، بل ستتجه الحرب نحو استهداف القيادات العليا في إيران، سواء السياسية أو العسكرية، وعلى رأسهم المرشد الأعلى علي خامنئي والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وقد حاولت إسرائيل تنفيذ ذلك خلال الحرب الأخيرة لكنها لم تنجح، لذا فإن المرحلة القادمة من المواجهة إن وقعت ستكون أكثر جرأة وخطورة، وقد تغير وجه الصراع بالكامل.
تل أبيب مستعدة وطهران تريد الانتقام
الحرب قد تنشب في أي لحظة، ويبدو أن إسرائيل ليست الوحيدة المستعدة لهذه الحرب، فإيران أيضاً وعبر أجوبتها النارية على التصريحات الإسرائيلية كأنها تقول “نحن مستعدون للدخول في حرب جديدة” وهي فعلاً تبحث عن الانتقام، إذا تعرضت للاعتداء لكنها لن تبدأ حرباً.
إسرائيل تحاول جاهدة استئناف هذه الحرب، وأنا اعتقد أنها بمجرد الحصول على المعلومات الخاصة باليورانيوم عالي التخصيب، لذا هي الآن تضغط بشكل متواصل على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يحاول أن لا يتعجل، ويقوم بدفع الامور دبلوماسياًُ، لكن الواضح جداً أن إسرائيل لا تريد هذا السلام في المنطقة حالياً، هي تبحث عن أي عذر لبدء الحرب من جديد، وهي من ستشعل شرارة الحرب القادمة.
رسالة أربطة العنق
وفيما يخص الترابط المتين بين واشنطن وتل أبيب، لاحظت في الاجتماع الأخير الذي عقد بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمراً لافتاً، ففي العادة يرتدي الرئيس الأمريكي رباطاً أحمر في دلالة على قوة الولايات المتحدة الأمريكية، بينما يرتدي نتنياهو رباطاً أزرق مقتبساً من علم إسرائيل، لكن في ذلك الاجتماع لاحظت أن الرئيس الأمريكي هو من ارتدى رباطاً أزرق فيما ارتدى نتنياهو رباطاً أحمر، وأستطيع قراءة هذه الحركة سياسياً ودبلوماسياً على أنهما أرادا إيصال رسالة مفادها أن “إسرائيل تساوي أمريكا، وأمريكا تساوي إسرائيل”، ولإسرائيل أن تفعل ما تشاء فأمريكا ستكون معها لا محالة.
العنقودي والفسفور الأبيض!
إذا نشبت الحرب هذه المرة فستكون أكثر خطورة وأقوى من سابقتها، لأن الطرفين لم يستخدما كل ما في ترسانتهما خلال حرب الأيام الاثني عشر، وستكون بعض الأسلحة المحرمة حاضرة في الحرب المقبلة، فأنا اعتقد أن إيران قد تستخدم صواريخ عنقودية، وهي نوع من الصواريخ ينفجر في السماء وتنبثق منه ما بين 200 إلى 250 قذيفة صغيرة، تنتشر بشكل عشوائي في منطقة تتراوح مساحتها بين 500 إلى 1000 متر، وتُحدث دماراً شاملاً في تلك المنطقة.
في المقابل ربما ستستخدم إسرائيل الفسفور الأبيض، إضافة إلى الأسلحة العنقودية، وربما أسلحة أخرى لم تعلن عنها بعد.
حلفاء إيران على الورق!
حتى وإن قلنا إن روسيا والصين مستعدتان لمساندة إيران في حربها ضد إسرائيل، فإن أي مساندة قد تكون ممكنة قبيل حرب قد تندلع في أية لحظة، ولاسيما أن إسرائيل يمكنها ضرب أي أمدادات عسكرية تصل إيران بحجة البرنامج النووي.
أما تزويد إيران بمنظومات دفاعية أو طائرات حديثة، فهي تحتاج إلى فترة من 6 إلى 9 أشهر لنصبها أو تدريب الطواقم عليها، ما يجعلها غير مجدية إذا نشبت الحرب فعلاً.
لماذا تخلت بكين وموسكو عن طهران؟
بالنسبة للصين فهي لن تجازف أبداً بالدخول في هذه الحرب أو التورط فيها، كونها لا تريد أن تدخل خصماً للولايات المتحدة، أو أن يتم فرض عقوبات اقتصادية عليها، أو أن تثير على نفسها مسألة تايوان، التي أصبحت عقدة في السياسة الخارجية الصينية تجاه الولايات المتحدة الأمريكية وبالعكس.
ورغم أن هناك شائعات عن وجود صفقات لشراء إيران أسلحة من الصين، إلا أننا لم نحصل على أي معلومات دقيقة حتى هذه اللحظة، بل أن السفير الصيني في إسرائيل نفى ذلك علناً، وقال إن بلاده لم تعقد أي صفقة لشراء سلاح مع إيران.
لكن يمكن لإيران شراء أنظمة دفاع جوية صينية عبر وسطاء، لاسيما نظام HQ وهو في الأصل نظام روسي مصمم على أساس منظومتي الدفاع الجوي S300 وS400، وتمت فقط إضافة بعض التقنيات التكنولوجية الحديثة إليها، هذه المنظومة لا تحتاج إلى تدريب طويل، والإيرانيون يمكنهم تعلم استخدامها بسرعة، فهم في الأساس يمتلكون منظومة PM2، وهي قريبة جداً من هذا النظام.
أما روسيا فقد خانت إيران منذ البداية في حربها مع إسرائيل، رغم كل الدعم الذي قدمته إيران لروسيا في حربها ضد أوكرانيا، لكن روسيا لم تفعل أي شيء لمساندة إيران ضد إسرائيل.
فموسكو تخلت عن إيران مقابل أوكرانيا، وربما لو أنه منحها طائرات “سوخوي 35” لكانت إيران استطاعت أن تسيطر على سمائها بشكل أو بآخر، ولما كان سلاح الجو الإسرائيلي مسيطراً على الأجواء الإيرانية منذ ساعات الحرب الأولى.
وهنا يجب أن تعرف شيئاً مهماً جداً، وهو أن الولايات المتحدة لا ترسل طائرة B52 إلى أي مكان لا تضمن فيه أن الأجواء مؤمنة ومسيطر عليها بنسبة 100%، فلو كان هناك تهديد حقيقي من طائرات “سوخوي 35″، لما وقعت ضربات المنشآت النووية، ولما كانت الولايات المتحدة لتجرؤ حتى على إرسال الطائرات التي تحمي الـ B52، مثل F22 رابتر أو F35 لايتننك، إلى تلك المنطقة.
الغلبة على الأرض وفي البحر:
– المشاة
لو نشبت أي حرب برية بين إسرائيل وإيران، وأنا اتحدث هنا عن إسرائيل بمعزل عن أمريكا، فسيكون التفوق فيها لإيران.
مع كل الأسلحة المتطورة يبقى الأمر متعلقاً بالجغرافيا وعقيدة الجندي، فإذا تحدثنا عن الجندي الإسرائيلي أو الأمريكي، فهم يقاتلون باستخدام التكنولوجيا، وإذا نظرنا إلى تاريخ القوات المسلحة الأمريكية فسنجد أنها طوال تاريخها خاضت مواجهتين بريتين مباشرتين وخسرتهما في فيتنام وكوريا، أما باقي المعارك فلم تدخلها منفردة بل كانت دائماً ضمن تحالفات، ونموذج ذلك هو حرب الخليج الثانية مع العراق، فقد خاضتها مع 33 دولة، وكذلك في حرب عام 2003.
– المدفعية
إيران تتقدم على إسرائيل في صنف المدفعية من حيث العدد والكفاءة، وأنا أتكلم هنا من واقع تجربتنا معها في حرب الثمانينيات، ففي السنوات الأولى من هذه الحرب، استطاعت إيران أن تلحق ضرراً كبيراً جداً بالقطعات العسكرية العراقية بسبب المدفعية، ويعود ذلك إلى نوعية الصواريخ وكفاءة الضباط الإيرانيين.
فعلى سبيل المثال، الضابط العراقي يدرس 3 سنوات في الكلية العسكرية العامة، ثم يتخرج ويلتحق بتدريبات مدرسة صنف المدفعية لمدة 6 أشهر فقط، يتدرب خلالها بشكل مباشر ومكثف، أما الضابط الإيراني المتخصص في صنف المدفعية، فيدرس هذا التخصص لثلاث سنوات متواصلة وبشكل مكثف، وهذا الفارق كفيل بتوضيح براعة المدفعية الإيرانية.
أما من حيث السلاح المستخدم فإيران تعتمد على مدافع من عيار 175 ملم، وهو سلاح فعال وإن كان قديماً، وقد دخل إلى إيران في زمن الشاه، بينما دخل إلى العراق في منتصف الثمانينات أثناء الحرب مع إيران.
– الدبابات
إيران تمتلك عدداً كبيراً من الدبابات، وهي تتفوق من حيث العدد على القوات الإسرائيلية، لكن دباباتها كالمعتاد قديمة، فحتى اليوم ما زالت إيران تستخدم دبابات M60 الأمريكية، والتي دخلت إلى الجيش الإيراني في زمن الشاه، وهي ما تزال قيد الاستخدام حتى الآن، وإن كانت السعودية استخدمتها مؤخراً ضد الحوثيين لكنها تظل سلاحاً قديماً.
أما الدبابات الأحدث نسبياً في صنف المدرعات الإيرانية فهي من نوع T62 وT72. وحالياً، تعد T72 أفضل دبابة لدى إيران، وللحقيقة هي دبابة جيدة جداً، ومستخدمة حالياً من قبل الجيش الأوكراني ضد القوات الروسية، لكن أمام دبابة الميركافا الإسرائيلية وأبرامز الأمريكية فهي تعتبر ضعيفة جداً.
القذيفة التي تطلقها الدبابات الأمريكية والإسرائيلية يصل مداها إلى كيلومترين ونصف، في حين أن أقصى مدى للدبابة الإيرانية T72 لا يتجاوز كيلومتراً وسبعمائة متر، أما من ناحية الدروع فجسد الدبابات الأمريكية والإسرائيلية أقوى بكثير من نظيراتها الإيرانية، فوزنها يصل إلى 60 طناً، بينما وزن الدبابات الإيرانية لا يتجاوز 42 طناً، وهذا الفارق هو وزن الدروع الإضافية المخصصة لحماية الطاقم.
– البحر
أما على صعيد القوات البحرية فإيران قوية، خاصة أنها تمتلك الكثير من الزوارق البحرية الانتحارية، وقد صنعت عدداً كبيراً منها، كما أنها تعتبر رابع دولة على مستوى العالم من حيث عدد الغواصات، إذ تمتلك 25 غواصة وإن كانت قديمة، لكنها مسيطرة تماماً على مضيق هرمز وباب المندب، بل وتستطيع إغلاقهما باستخدام الغواصات والزوارق الانتحارية.
أما في مياه الخليج فهي لا تستطيع استخدام هذه الغواصات نظراً لوجود الكثير من النتوءات الصخرية في القاع، ولهذا السبب لم تستخدمها في الحرب الإيرانية العراقية.
لكن ماذا يمكن أن تفعل هذه القوى البحرية أمام إسرائيل؟، فنحن عندما نقول إسرائيل فإننا نقول أمريكا، وعليه فالصواريخ التي تمتلكها إيران في عمق البحر من نوع “هاربون” هي صواريخ أمريكية المنشأ، وهي فعّالة ويمكنها استهداف البوارج الحربية والمدمرات والفرقاطات، لكن تبقى القوات الأمريكية أكثر تفوقاً عليها في هذا الجانب، لكن إذا تحدثنا عن القوات الإسرائيلية فقط فالكفة تميل إلى إيران في هذا الجانب.
بزشكيان ونصر الله.. ضعف نظام التشفير
المشكلة الحقيقية في إيران أنها لم تعتمد نظاماً للاتصالات يكون مشفراً بشكل لا تستطيع أي قوة اختراقه، أنا سابقاً تحدثت عن تلك الطائرة التي يمكنها الإنصات إلى الطائرات والراديوهات والموجات الصوتية والترددات، وحتى الموبايلات، وإيران إلى حد هذه اللحظة لم تستطع أن تؤسس نظاماً خاصاً بالقيادات العليا يكون على درجة عالية من التشفير، لا تستطيع إسرائيل أو أمريكا اختراقه، أو على أقل تقدير دون فهم إشاراته أو الشفرات المستخدمة فيه.
وإصابة بزشكيان وضرب مجلس الأمن القومي الإيراني بهذا الشكل يؤكد أن هناك اختراقاً عالياً للنظام الإيراني، فضربة بزشكيان في المقر الذي كان يجتمع فيه تُشبه إلى حد كبير الضربة التي استهدفت حسن نصر الله في لبنان، فقد تم استهداف مقره تحت الأرض بستة صواريخ أصابت جميع المداخل والمخارج، وكانت الغاية قتل بزشكيان والقيادات التي كانت معه، اختناقاً، لكن وجود باب سري لا يعلم به أحد أنجاهم من موت محقق، وخروج بزشكيان من هذه الضربة كان بمعجزة.
الأمر الآن يعتمد على وجود نظام استخباري عالٍ جداً يتم اختياره من النخبة، جهاز ينبثق من داخل الاستخبارات الإيرانية، يتابع ضباط وأفراد الاستخبارات في إيران.
ولا يمكن حصر أسباب وجود الجواسيس فقط بدافع العمل ضد النظام، فالجاسوسية عادة تنبثق بسبب الأوضاع الاقتصادية، وإسرائيل تدفع مبالغ طائلة لمثل هذه الأمور، وفي المقابل إيران تعيش حالة اقتصادية منهارة، يُضاف إلى ذلك التهديدات المباشرة لعناصر في الاستخبارات أو في القيادة بقتل عائلاتهم، وهذا حدث سابقاً في وقائع تاريخية كثيرة.
حالياً إيران تبحث عن هؤلاء الجواسيس بكل حزم ووفق خطط استخبارية معمقة، وكخطوة أولى، قامت باستبعاد نحو ٧٥٠ ألفاً إلى مليون أفغاني دخلوا إيران أثناء الحرب الأفغانية مع طالبان، وـعادتهم إلى أفغانستان.
ولكن الأهم انها الآن تبحث عن الجواسيس داخل القيادة، وأنا أتصور أنها ستستطيع الوصول إليهم واقتلاعهم، وبغير ذلك سيبقى الوضع كما هو عليه في إيران.