لم يعد مشكلة عابرة

فارق سعر الدولار قسّم العراقيين إلى طبقتين – نقاش بين الخبيرين داغر ودعدوش

964

نقاش اقتصادي افتتحه الخبير العراقي البارز محمود داغر، بنشره ورقة موجزة عن تغيير سعر الصرف وأبعاده وتأثيراته الضارة باقتصاد البلاد، أتبعه الخبير علي دعدوش بتعليقات إضافية في السياق ذاته، وتوصل إلى أن فارق سعر صرف الدولار تجاوز كونه مشكلة اقتصادية بل تحول إلى أداة لإعادة توزيع الثروة بين العراقيين، والتأثير على أوضاع الطبقات الاجتماعية، بين أرباح مضمونة لشرائح الصرافين، كبار التجار، ومصارف محددة، وخسائر مستمرة لذوي الدخل الثابت مثل الموظفين والمتقاعدين، وفيما يلي نص ورقة داغر ورد دعدوش.

مقال الخبير المالي علي دعدوش، وتليه ورقة الخبير محمود داغر:

الربح من المضاربة وتضخيم فواتير الاستيرادات السلعية هي القشة التي قصمت ظهر الاقتصاد العراقي وأدّت إلى اختلالات هيكلية جامحة.

إن العراق رغم ريعيته، يعاني من ضعف هيكلي في المؤسسات المصرفية وغياب أدوات إدارة السوق الثانوية، وهو ما يجعل الحفاظ على ثبات السعر مجرد قرار إداري لا يستند إلى أدوات سوقية فعالة.

إن السبب الجوهري لبقاء فجوة سعر الصرف رغم المنصات الجديدة يكمن في ضعف الامتثال المصرفي لمتطلبات الخزانة الأمريكية (OFAC – AML/CFT) وقلة تنوع مصادر الطلب على الدولار (حصره بالاستيراد) بالإضافة إلى وجود اختلالات في ميزان المدفوعات والتدفقات الرأسمالية.

تحوّل فجوة الصرف إلى أداة مضاربة وربحية مضمونة أدى إلى تشوّه هيكل الأسعار النسبية ورفع التكاليف على القطاع الحقيقي وخصوصاً غير الدولاري، فضلاً عن إضعاف الثقة بالجهاز المصرفي، وتحفيز الطلب على النقد خارج الجهاز المصرفي، (الاقتصاد النقدي).

ثمة إشارة عميقة لتغيير المراكز المالية والعدالة الاقتصادية حيث أن الفجوة تغيّر المراكز المالية داخل السوق، ومن ثم يُعاد توزيع الدخل والثروة بشكل غير عادل محقق اتجاهين، الأول، أرباح لمجموعات محددة (الصرافين، التجار الكبار، مصارف محددة). والثاني، خسائر مستمرة لذوي الدخل الثابت (الموظفين، المتقاعدين).

أخيراً.. وعند لملمة الملاحظات فإن فجوة الصرف ليست مجرد فرق نقدي، بل هي مؤشّر على هشاشة المنظومة النقدية وغياب العدالة في النشاط الاقتصادي. وهي أداة لإعادة توزيع الثروة بشكل غير إنتاجي.

أرى إضافة توصية إلى مقال دكتور محمود داغر وهي:

الانتقال التدريجي إلى نظام صرف أكثر مرونة، ضمن نطاق تقلب محسوب (crawling band)، مع أدوات صارمة لمكافحة المضاربة والتهريب المالي، هو الحل الأكثر ملاءمة للبيئة العراقية الراهنة.