بغداد – 964
الخطبة المركزية الموحدة لصلاة الجمعة بقلم سماحة القائد السيد مقتدى الصدر (أَعَزَّهُ اللهُ).
أقيمت صلاة الجمعة الموحدة المباركة اليوم 16 ذي الحجة الحرام 1446 الموافق 13 حزيران 2025 في مراكز محافظات البلاد بإمامة عددٍ من رجال الدين الأفاضل وحضور حشودٍ غفيرةٍ من المؤمنين الأكارم ابتهاجاً بعيد الغدير الأغر وذكرى إقامة صلاة الجمعة بإمامة ولي أمر المسلمين الشهيد السعيد السيد محمد الصدر (قُدِّسَ سِرُّهُ) في مسجد الكوفة ومع النصر الكبير الذي تحقق بتوجيه حجة الإسلامِ والمسلمين سماحة القائد السيد مقتدى الصدر (أَعَزَّهُ اللهُ) باعتبار عيد الغدير عطلة رسمية.
وقبل البدء بخطبة صلاة الجمعة المباركة.. قُرأت سورة الفاتحة على أرواح الش*هداء السعداء ولا سيما الش*هيدين الصدرين والنجلين (قُدِّسَت أَسرَارُهُمُ الطَاهِرَة) مع الصلاة على محمد وآل محمد، وبعدها ردد الخطيب والمصلون هتافات (كلّا كلّا إمريكا… كلّا كلّا إسرائ*يل… كلّا كلّا يا شيطان… نعم نعم للإسلام… نعم نعم للمذهب).
وجاء في الخطبة المركزية الصادرة من الإشراف العام على صلاة الجمعة والجماعة في النجف الأشرف والتي خُطت بقلم حجة الإسلام والمسلمين سماحة القائد السيد مقتدى الصدر (أَعَزَّهُ اللهُ): “بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى خَيْرِ الْخَلْقِ مُحَمَّدٍ سَيِّدِ النَّبِيِينَ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ. قالَ تَعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)”.
وأضافت بقوله (أَعَزَّهُ اللهُ): “في هذهِ الآيةِ الشريفةِ التي نزَلتْ في حَجَّةِ الوَداعِ.. أمرَ اللهُ سبحانهُ وتَعالى رسولَهُ مُحَمَّداً (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) بالتبليغِ عن أمرٍ مهمٍّ لا يمكنُ تجاوزُهُ على الإطلاقِ، فهذهِ الآيةُ تنصُّ على قولِهِ تَعالى: (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) أي إنَّ هذا الأمرَ الذي يجبُ أنْ يُبلِّغَهُ للناسِ يعدِلُ كلَّ ما بلَّغَهُ سابقاً طيلةَ أيامِ نُبوّتِهِ ورِسالَتِهِ”.
وتابعت الخطبة بما ذكره (أَعَزَّهُ اللهُ): ومِمّا تُشيرُ إليهِ الآيةُ أيضاً هو خُطورةُ هذا التبليغِ، حيثُ يقولُ اللهُ تعالى لنبيِّهِ في هذهِ الآيةِ: (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ).. ممّا يدلُّ على أنَّ هناكَ احتمالاً لعدمِ قبولِ هذا التبليغِ من البعضِ، وأنَّ في التبليغِ خطراً على حياتِهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ). وبما أنَّ هذهِ الآيةَ نزلتْ بعدَ أكثرَ من عشرينَ عاماً من التبليغِ، فلا ينبغي أن نتصوَّرَ أنَّ رسولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) قد قَصَّرَ في تبليغِ الأحكامِ.. فهو معصومٌ ولا يعصي للهِ أمراً “.
واستدركت بما جاد به (أَعَزَّهُ اللهُ): “إنّما هو تبليغٌ عنْ أمرٍ سيكونُ بمثابةِ (إكمالٌ للدينِ) وخاتمةٍ لأحكامِهِ وتفاصيلِهِ، فقدْ قالَ تَعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً)… فما أجملَ أنْ يحتفلَ المسلمونَ والمؤمنونَ بيومِ إكمالِ دينِهِم.. ففي ذلكَ طاعةٌ للهِ ورسولِهِ وعصمةٌ لرسولِهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، وعدمُ اعتراضٍ على قرارِهِ وتبليغِهِ الذي أمرَهُ اللهُ تَعالى بِهِ”.
وأوضحت خطبة صلاة الجمعة المركزية الموحدة بما بينه (أَعَزَّهُ اللهُ): “والتبليغُ هو: يا أيُّها الرسولُ بَلِّغْ بأنَّ علياً وليُّ اللهِ حقاً، فهو كما نُقِلَ عن عمرَ بنِ الخطّابِ: (يا عليُّ أصبحتَ مولايَ ومولى كلِّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ). وذلكَ بعدَ أنْ رفعَ رسولُ اللهِ يدَ عليٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وقالَ: (مَنْ كنتُ مولاهُ، فهذا عليٌّ مولاهُ، اللهمّ والِ مَنْ والاهُ، وعادِ مَنْ عاداهُ، وانصُرْ مَنْ نصرَهُ، واخذُلْ مَنْ خذلَهُ)”.
وأكملت بما تفضل به (أَعَزَّهُ اللهُ): “وهذا الحديثُ المتَّفقُ على صِحَّتِهِ من السنّةِ والشيعةِ -رعاهمُ اللهُ برعايتِهِ- لا يعني مجرّدَ الحبِّ والمودَّةِ.. فإنَّ مودَّتَهُ ثابتةٌ بنصٍّ قرآنيٍّ سابقٍ، حيثُ قالَ تَعالى: (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى).. فلا داعيَ لجمعِ آلافٍ مِنَ الصحبِ لأجلِ تكرارِ نفسِ النصِّ والمعنى. بل يُرادُ من ذلكَ وجوبُ طاعةِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وهو إعلانٌ عنْ عصمتِهِ لكونِهِ وليَّاً للهِ، فقدْ قالَ تَعالى: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).. أيْ لا خوفَ عليهِم مِنِ ارتكابِ المعاصي والآثامِ”.
واسترسلت بما أكده (أَعَزَّهُ اللهُ): “كما وإنَّهُ إعلانٌ: أنَّ عليّاً وصيُّ رسولِ اللهِ وخليفتُهُ مِنْ بعدِهِ، فقد قالَ رسولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) في حديثٍ متَّفقٍ على فحواهُ: أنتَ خليفتي على أمَّتي مِنْ بعدي. وإنْ تنزَّلْنا وقلنا كما يقولُ بعضُ رواتِهِم: إنَّ حديثَ الغديرِ هو بمثابةِ وجوبِ محبتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فحسب، فنقولُ: لماذا لَمْ يأمرْ بمحبةِ غيرِهِ بنصٍّ كنصِّ حديثِ الغديرِ، وبوجودِ المئاتِ من الأصحابِ، وفي ختامِ حياتِهِ الشريفةِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)؟! فأمْرُ الرسولِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) بوجوبِ محبةِ عليٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يقتَضي طاعتَهُ، فإنَّ المُحِبَّ لِمَنْ يحبُّ مُطيعُ..”.
وختمت بما أفاض به (أَعَزَّهُ اللهُ): “وتستوجبُ محبةَ حليلَتِهِ فاطمةَ الزهراءِ وابنَيهِ الحسنَ والحسينَ، لا حَزَّ رأسِهِ وسَجْنَ أحفادِهِ وقتلَهُم، وقتلَ أتباعِهِم الذينَ يحبّونَهُم لحبِّ اللهِ ورسولِهِ، وطاعةً للهِ ولرسولِهِ، فكما قالَ تَعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)، لعلَّكُم تُرحمونَ.. وإلَّا فإنَّ اللهَ لا يهدي القومَ الكافرينَ. اللهمَّ ثبِّتنا على طاعةِ اللهِ ورسولِهِ وخليفتِهِ إلى يومِ الدينِ”.
القسم الإعلامي
للإشراف العام على صلاة الجمعة والجماعة
في النجف الأشرف
