يا ظالم لنحرق القفص بنار الحرية

مجتمع إيراني في أربيل مختلف عن فقراء كربلاء.. “شيفرات” شجريان صارت تظاهرة دموع

964

كما في أيام نضال العراقيين ضد نظام صدام حسين، حين كانت المحافل الاجتماعية والفنية وحتى الدينية في المنافي تتحول إلى تظاهرات ينفّس خلالها المُبعدون مشاعر الكبت والاضطهاد، انتهت ليلة أربيل وحفلة المطرب الإيراني الكبير همايون شجريان بكثير من الدموع والتوق للعودة إلى البلاد.. بلاد أخرى مختلفة لا يختنق فيها كل هؤلاء، وهمايون هو ابن محمد رضا شجريان الملقب بالأستاذ، الذي ولد عام 1940، أي بعد عام من ولادة مرشد الثورة الإسلامية في إيران علي خامنئي، وفي نفس المدينة “مشهد”، وتوفي عام 2020 وتحولت جنازته إلى تظاهرة ضد “الديكتاتور” ولم يُلف العلم الإيراني على نعشه وفقاً لطلب ابنه بحسب التقارير، ورغم أن السلطة حاصرت صوت “شجريان” الأب من التلفزيون الرسمي بعد مساندته للانتفاضة الخضراء عام 2009، إلا أن صوت الابن انطلق بأعلى نبرة ومن مختلف مدن العالم، على نحو لم يعد يُمكن حظره.

امتلأت قاعة سعد عبد الله في أربيل عن آخرها، في الطابق الأرضي والعلوي، رغم أن أسعار المقاعد وصلت إلى 250 دولاراً، كان أبرز الحضور جزءاً من مجتمع إيراني آخر، يختلف عن الفقراء الطيبين الذين يشاهدهم العراقيون خلال الزيارات الدينية ضمن طوابير تنتظر وجبات الطعام من متطوعي المواكب العراقية، يقول أحد المطلعين على ترتيبات الحفلة، إن إيرانيين حضروا من تركيا ومدن الإقليم ودول الخليج ومحافظات العراق وكثير من منافي المعارضة الإيرانية.. “إنهم يشكلون جزءاً من مجتمع إيراني يكبر ويكبر خارج إيران، يضم رجال أعمال خنقتهم المضايقات فنقلوا أموالهم إلى الخارج، وشباناً لم تعد هذه النسخة من البلاد تستجيب لمواهبهم المتطورة، وصناعيين ورجال سوق، وسيدات وعائلات هاجرت بعيداً عن الشرطة الدينية” يجيب مستثمر إيراني رداً على سؤال “مَن هم كل هؤلاء؟”.. ويضيف “لم أحصل على مقعد في المقدمة.. تم حجزها مبكراً.. كثير من هؤلاء الذين تراهم سيغادر أربيل صباح الغد إلى منفاه.. لكنه مجتمع كبير.. لا يبدو مجموعة صغيرة من العملاء والبهلوية والرجوية كما يعتقد البعض في طهران”.

حضر شجريان الابن، ومعه الموسيقار أنوشيروان روحاني، صاحب الإرث الموسيقي الطويل مع شجريان الأب والفنانة الراحلة هايدة وقائمة مهمة من الأسماء التي لحّن وعزف لها، وتقاسم الأستاذان إدارة الحفل، بالتناوب أحياناً أو الشراكة.

التدقيق الأمني كان بمستوى فوق العادة بالنسبة لحفلات مماثلة، كما لو أن الجهة المنظمة تفكر بسيناريوهات عديدة. جرى التفتيش والتدقيق على 4 مراحل، تقريباً.. تم سحب كل شيء غير ضروري من الرجال باستثناء الموبايل، أما النساء فتم تجريدهن أيضاً من معظم الأدوات، وحتى العطور، قامت المفتشات برش بعض العطر على حاملته والانتظار قليلاً للتحقق من سلامته ومن أنه عطر اعتيادي بالفعل.

لم نسمع من شجريان الأغاني التي انتظرها بعض الحضور من العرب الذين سمعوا بهذا الاسم مع أعماله الجديدة والشهيرة مثل “آرايش غليظ” وربما تعني “التحرير القاسي أو الحلاقة القاسية”، لكن المسرح التهب على وقع أغنيات “حمالة أوجه” تشبه “الشيفرات”، وجه صوفي روحاني يطمئن السلطات، وآخر ثوري يصبّر نفوس المنفيين بأن “طير السحر سيكسر القفص ويحرقه بنار الحرية” كما في الأغنية الشهيرة “مرغ سحر” التي ختم بها شجريان حفلة الدموع تلك، على طريقة أغاني العراقيين الملغزة في سنين القمع الطويلة قبل انهيار النظام.

الجمهور أصر على “أزرق أزرق”.. ابنة تاتليس تلهب ليل دهوك بـ”أرامام” (فيديو)

Exit mobile version