فيديو: 12 شهراً للكتابة عن النساء و14 يوماً للمثليين – تجربة رشيد الخيون

964

حاورت شبكة 964 الكاتب والمؤرخ العراقي رشيد الخيون الذي تحدث عن بداياته من أهوار الناصرية إلى بغداد ونشوء علاقته الوثيقة بالتراث العربي والإسلامي وتأثره بالجاحظ وأبي حيان التوحيدي والفارابي وغيرهم من رموز الثقافة، وكتاباته الأولى عن أخوان الصفا والخلفاء العباسيين، ثم الانتقال إلى مجال التأليف، حيث ناقش الخيون العلاقة الجدلية بين القراءة والتأليف وضرورة العودة إلى نوادر التراث العربي، ولا سيما الجدلية منها والتي تناولها بكتابه “قوس قزح” عن مثليي المجتمعات الإسلامية في أيام الخلافة، فيما كشف عن كتابه الجديد الذي سيصدر خلال العام الحالي بعنوان “تصالح الأحفاد” عن العلاقات والأواصر بين العلويين والأموين والعباسيين.

رشيد الخيون، في حوار مع الإعلامية ميسون الشاهين، لشبكة 964:

طفولتي كانت عادية، وضمن الظروف العادية، في أهوار الناصرية، وكانت لنا عذاباتنا مثل الأمراض وصعوبة التعليم والآراء التي تفرض علينا، ولم نجد وسيلة ترفيه سوى حضور مناسبات الكبار، وهذا ما انعكس علينا لاحقاً بشكل سلبي، ولكن تمكنت من إكمال دراستي المتوسطة، ثم الالتحاق بإحدى الإعداديات في بغداد، وأكملت دراستي فيها، ولم تكن مسيرتي وطفولتي مميزة عن أقراني ولكن توفرت لي الظروف لدخول عالم البحث والكتابة.

أكملت لاحقاً معهد المعلمين، ثم دراسة الفلسفة، ومنها انفتحت على التراث والتاريخ، واستفدت من وجودي في بغداد لتوفر المكتبات العامة، وبعض كتب الوالد مثل كتب الجاحظ وغيره، وكنت حينها أخاف الكتابة لأنها مسؤولية، ولذا نشرت بعض المقالات بأسماء مستعارة إلى أن فرض علي أحد رؤساء التحرير أن أنشر باسمي الصريح وبدأت الرحلة أواسط الثمانينيات حيث كتبت عن أخوان الصفا والمتوكل وصار لي عمود أسبوعي، ولكن حين أعود لكتاباتي السابقة أخجل منها لوجود الكثير من الأخطاء والمشاكل.

الكتابة والثقافة عملية تراكمية، وما نكتبه اليوم سنراه ناقصاً غداً، حتى قال بعض المؤرخين لا يوجد كتاب كامل سوى كتابه، والمقصود كتاب الله، وحين أراجع قصاصاتي القديمة أجد بعض الأخطاء، ولكن الناس كانوا يتقبلونها، رغم عدم جرأتي على تحويلها إلى كتاب، وأما الانتقادات فأستفيد منها كثيراً، لأنها تجلعني أكتب بحرص أكثر، فالإنسان كلما تعلم أكثر رأى نفسه جاهلاً أكثر، والجاهل وحده من يقول اكتفيت ووصلت إلى الكمال.

تاثرت في بداياتي بكتب الجاحظ، البيان والتبيين والحيوان والرسائل، وتأثرت بأسلوبه كثيراً، لا بمعنى أن أكتب مثله فهو أمير البيان، ولكن بطريقته الغزيرة والسهلة، فهو قادر على تحويل فكرة واحدة إلى كتاب كامل، وكذلك تأثرت بأبي حيان التوحيدي، وأما في الفلسفة فتأثرت بالفارابي والغزالي، لأن الأخير كتب ضد الفلاسفة، وفي مجال التاريخ قرأت الكامل في التاريخ لابن الأثير ومروج الذهب للمسعودي، وفي الأدب قرأت حينها رواية البؤساء لفيكتور هيغو والتي فتحت أمامي أفقاً واسعاً، وحاولت قراءة اللا منتمي لنيرغسون، لكنه كان صعباً علي في ذلك الوقت.

كونت العديد من المكتبات وفقدتها بسبب الترحال، وأحتفظ بالقليل منها معي، فأنا لا أحتفظ بالروايات بعد قراءتها، بل أستفيد منها لتوسعة الخيال والثراء اللغوي، وهي مهمة لأي كاتب، وأحمل معي الآن كتاب تاج العروس بأربعين مجلداً بصيغة “PDF” وكذلك كتاب لسان العرب لابن منظور، ويرافقاني دائماً لمراجعة المفردات التي أكتبها وتصحيحيها، ويمنحاني الكثير من أدوات الكتابة.

قراءاتي الأخيرة كانت عن الدروز بسبب الحوادث الكثيرة التي حصلت مؤخراً، أما العلويين فألفت عنهم كتاباً في السابق، وأعدت قراءة بعض الكتب عنهم لالتزامي بتقديم ندوة تلفزيونية عنهم، فمن يكتب مقالاً واحداً يجب أن يقرأ 100 صفحة، وهذا الرأي صحيح، فالقارئ أكثر ثقافة من الباحث، لأن الأخير محصور في مجال بحثي محدد، أما القارئ فيتناول أي شي.

أركز الآن على قراءة الكتب النادرة في التراث، والآن أقرأ كتاب الأناقة في زمن الخلافة، للقلشندي، وكتاب الآداب السلطانية الذي يلخص الدولة الإسلامية منذ عصر صدر الإسلام، ولدي مكتبة ورقية وأخرى رقمية ممتازة.

أنا مقتنع بما قدمته، والتقييم يبقى للقراء، فحين كتبت كتاب صرعى العقائد، انشغلت بقراءة فتاوى القتل لمدة عام كامل، وكذلك انشغلت لعام آخر بقراءة أسامة بن منقذ وآخرين كتبوا عن النساء حين حققت كتاب أخبار النساء، فانشغالاتي هي من توجهني نحو القراءة.

ذاكرتي عن الطفولة أقوى وأشعر أنها أطول من باقي فترات حياتي رغم كونها 7 سنوات خلال مرحلة الدراسة الابتدائية، لأن كل تجاربها كانت جديدة وتحدث للمرة الأولى، ولذا تبدو المراحل اللاحقة أقصر، وأقل تعلقاً في الذاكرة.

آخر كتبي كان بعنوان قوس قزح، بعد ملاحظتي صعود المثليين في أوروبا والغرب، ولكثرة اطلاعاتي كانت تقع في يدي بعض الموروثات عنهم في تاريخنا، وتمكنت من جمعها في كتاب، ولاحظت أن وجودهم كان طبيعياً في مجتمعاتنا، وأن بعضهم كان يؤذن أو يقرأ القرآن، بسبب أصواتهم الجميلة، وكانوا يدخلون البيوت ولهم الكثير من المواقف مع الشعراء والأدباء والخلفاء، وكان بعض من تولى الخلافة يعتمد عليهم في أشياء كثيرة، وأسميت الكتاب قوس قزح لأنهم اختاروا ألوانه شعاراً لهم، وكتبته خلال أسبوعين فقط لأن مادته كانت متوفرة لدي، على عكس بعض كتبي التي استغرق بعضها أكثر من سنة.

أشتغل الآن على كتاب اسمه تصالح الأحفاد، ويتناول التعايش بين العلويين والأمويين والعباسيين، لناحية التصاهر والعلاقات وتشابه الأسماء وغيرها من الأواصر، وهو شبه مكتمل الآن، ولم يتبق سوى أن أحرره على الكومبيوتر لأني أكتب النسخة الأولى بالقلم، وسيصدر خلال شهور.