تركيا تستعين بالإقليم لسلام دائم
العراق ينتظر دخان أربيل الأبيض بعد رسالة أوجلان من سجن الجزيرة المهجورة
964
العراق يراقب باهتمام حذر وربما أمل.. فرصة كبيرة وجادة لانتهاء الحرب، المكالمات بين بغداد وأربيل لا تتوقف وكذلك التنسيق، خاصة بعد أن أعلن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين دعوة سوريا إلى قمة بغداد، في موقف يعكس توجهاً عراقياً للتعمق في القضية السورية بدل دعوات المقاطعة والانكفاء، وفي سياق ذلك يظهر دور إقليم كردستان في محاولة توفير وساطة وضمانات لحل شامل وطويل أو دائم للقضية الكردية في تركيا، الأمر الذي سيفتح الطريق نحو كسر جميع الحواجز أمام حل في سوريا أيضاً والمنطقة، يقود إلى إلقاء المقاتلين الكرد السلاح لأول مرة منذ الثمانينات.
ليست هناك تفاصيل مؤكدة حول نتائج المحادثات النادرة والاستثنائية التي جرت في أربيل خلال اليومين الماضيين، بين وفد قادم من سجن جزيرة إمرالي التركية، وقيادات إقليم كردستان، لكن المصادر الرفيعة تتوقع حدثاً تاريخياً يعلنه عبد الله أوجلان زعيم الحزب العمالي الكردستاني ينهي العنف، ضمن تطورات متسارعة يشهدها الشرق الأوسط خصوصاً بعد انهيار نظام حزب البعث في سوريا، وتستعرض 964 في هذا التقرير تاريخاً من محاولات السلام بين كرد تركيا وأنقرة، برز فيه دائماً دور واضح لوساطات إقليم كردستان العراق، إضافة إلى سيناريوهات الاستجابة للخطاب التاريخي المرتقب الذي سيلقيه عبد الله أوجلان، وردود الأفعال سواء في حزبه أو عند القوى التركية، وعلى المستوى الإقليمي، وصلة ذلك بوضع المناطق الكردية في شمال شرق سوريا، مع الإدارة الجديدة لأحمد الشرع الملقب بالجولاني.
البارزاني يخاطب العمال وكل الكرد: انتهى زمن الحروب.. اتركوا السلاح
حراك تركي في أربيل قبل خطاب تاريخي
بعد وصول وفد برلماني تركي رفيع (يمثل الأكراد)، إلى أربيل قادماً من منفى جزيرة إمرالي التركية، تقول كل المؤشرات إن الخطاب التاريخي المتوقع من عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني، المسجون لدى أردوغان سيذاع في الأيام القليلة القادمة، وهي رسالة ستؤثر في الوقت نفسه على وضع تركيا وسوريا والعراق.
منذ مطلع الأسبوع، بدأت تحركات وفد حزب المساواة والديمقراطية التركي (حزب ديم) ووصل الوفد إلى إقليم كردستان، ويُطلق عليه “وفد إمرالي”، حاملاً رسالة عبد الله أوجلان لمسؤولي إقليم كردستان وهو يطلب أن يلعبوا دوراً إيجابياً في مستقبل تركيا.
يُطلق مصطلح وفد إمرالي على الوفد الذي زار جزيرة إمرالي في 28 كانون الأول 2024، وهي الجزيرة الواقعة في جنوب بحر مرمرة حيث يوجد سجن مشدد الحراسة يحتجز فيه عبد الله أوجلان منذ 26 عاماً.
زار الوفد إمرالي للمرة الثانية في 22 كانون الثاني 2025 والتقى بأوجلان مرة أخرى. وبعد عودتهم، قالوا إن “أوجلان يركز على عملية السلام وسيذيع خطاباً للرأي العام بعد اكتمال التحضيرات”.
من الجزيرة المعزولة إلى أربيل
يوم الأحد 16 شباط، زار وفد حزب ديم، برئاسة بروين بولدان وسري أوندر، مصيف صلاح الدين والتقى زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني. كلا البرلمانيين كانا التقيا أوجلان. وقد أصدر مكتب بارزاني بياناً بعد اللقاء جاء فيه “قدم الوفد الضيف وجهات نظرهم للرئيس بارزاني حول الوضع السياسي وعملية السلام في تركيا وتفاصيل لقاءاتهم مع السيد عبد الله أوجلان. كما نقل وفد إمرالي رسالة من عبد الله أوجلان إلى الرئيس بارزاني”.
محتوى الرسالة وماذا سيقول أوجلان؟
لم يتم الكشف عن محتوى الرسالة بعد، لكن وفقاً للمعلومات التي حصلت عليها 964 من مصدرين مختلفين قريبين من الوفد وحزب العمال الكردستاني، فإن الرسالة تتعلق ببدء جولة جديدة من مفاوضات السلام بين حزب العمال الكردستاني وتركيا.
وقال مصدر مطلع على المحادثات بين وفد إمرالي وبارزاني ل 964 “ناقشنا عملية السلام وترسيخ الديمقراطية، خاصة أن القضية الكردية أصبحت الآن قضية إقليمية ودولية، وإذا نجحت هذه الخطوات فإن العنف سينتهي”.
وحول ما تتضمنه الرسالة، قال مصدر مقرب من حزب العمال الكردستاني ل 964 “من المرجح جداً أن يطلب أوجلان وقف القتال ونزع سلاح حزب العمال الكردستاني، وفي المقابل ستفتح تركيا باب الحل الديمقراطي للقضية الكردية وحل المشاكل من خلال البرلمان التركي والدستور”.
بككة ستلتزم مهما بلغت التنازلات!
وقال المصدر المطلع على قرارات قيادة حزب العمال الكردستاني في جبل قنديل بحكم منصبه، “قررت قيادة حزب العمال الكردستاني الالتزام برسالة أوجلان مهما كان فحواها، حتى لو تضمنت نزع السلاح، شريطة إطلاق سراح أوجلان وحل المشاكل بشكل ديمقراطي”.
طالباني وبارزاني وتاريخ التفاوض منذ 1993
وهذه ليست المرة الأولى التي يقترب فيها حزب العمال الكردستاني وتركيا من إبرام اتفاق السلام، لكن الذين عاصروا المحاولات السابقة ينتظرون أن تثمر الجهود هذه المرة، نتائج ملموسة.
في عام 1993، توسط جلال طالباني، الرئيس الأسبق للعراق والأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني، بين تركيا وأوجلان. أعلن حزب العمال الكردستاني وقفاً أحادي الجانب لإطلاق النار، واستجاب تورغوت أوزال، رئيس تركيا آنذاك، للعملية وكادوا يقتربون من الحل، لكن في نيسان من ذلك العام توفي أوزال ب “نوبة قلبية غامضة” وانهارت العملية.
في عام 1996، اقتربت تركيا وحزب العمال الكردستاني مرة أخرى من الحل، وأعلن الحزب مرة أخرى وقف إطلاق النار، لكن فجأة في شباط 1997 قام الجيش التركي بانقلاب وأجبر نجم الدين أربكان رئيس الوزراء على الاستقالة.
في أيلول 1998، عاد حزب العمال الكردستاني إلى إعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد، لكن في شباط 1999 تم اعتقال عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني وما زال في السجن حتى الآن.
في عام 2012، تشكل وفد من البرلمانيين الأكراد للتفاوض بين حزب العمال الكردستاني وتركيا وزاروا أوجلان في سجن إمرالي ثم نقلوا رسالته إلى قنديل، ونتيجة لذلك توقف القتال، لكن بعد الانتخابات التركية عادت الخلافات للظهور. في عام 2015، وهكذا عاد القتال والتوتر.
رغم عدم وجود أي تفاصيل، إلا أن الجهود هذه المرة تبدو أكثر جدية، لأن وضع المنطقة قد تغير وكل من حزب العمال الكردستاني وتركيا يريدان التوصل إلى حل.
ما الجديد هذه المرة؟
هذه المرة، بدأت المبادرة من داخل تركيا نفسها. فرئيس حزب الحركة القومية التركي دولت بهجلي، حاور الرؤساء المشتركين لحزب ديم في 1 تشرين الأول 2024، وفي 22 تشرين الأول 2024 طلب من عبد الله أوجلان توجيه خطاب إلى البرلمان التركي يعلن نهاية “الإرهاب” وأن يجري حل حزب العمال الكردستاني، كما طلب في ذلك الوقت أن يزور وفد من حزب ديم، أوجلان في سجن إمرالي، وهذا ما فتح باب هذه المرحلة الجديدة.
الوضع العسكري لبككة
وفي هذا السياق، يبدو أن حزب العمال الكردستاني من الناحية العسكرية ليس في وضع مواتٍ ويريد الاستفادة من إقليم كردستان للتوصل إلى حل، ولهذا السبب توجه وفد إمرالي إلى مسعود بارزاني ونيجيرفان بارزاني رئيس الإقليم.
أربيل ونهاية القتال
اليوم زار الوفد نيجيرفان بارزاني ووفقاً لبيان رئاسة الإقليم “عبر الوفد عن تقديره وامتنانه لجهود الرئيس نيجيرفان بارزاني في عملية السلام السابقة والحالية وطلب من سيادته الاستمرار في دعمه ومساندته لإنجاح العملية.”.
وتفيد أجواء اللقاء بأن السلام إذا نجح هذه المرة، فلن تستفيد تركيا وحدها، بل سيخفف توتراً كبيراً عن العراق وسوريا أيضاً.
و يتوقع أن ينتهي القتال بين حزب العمال الكردستاني وتركيا في إقليم كردستان، وتتوقف الغارات العسكرية المستمرة وهجمات الطائرات المسيرة، وكذلك الامر في سوريا وانتهاء القتال بين قوات سوريا الديمقراطية وتركيا والقوات القريبة من تركيا وسيُفتح لهم باب للمشاركة في إدارة سوريا الجديدة.
اقرأ أيضاً:
"أبو الحارث" بحوزة الاستخبارات
اعتقال العقل المدبر لاستهداف مرقد السيدة زينب.. عراقي وقيادي في تنظيم "داعش"
طلب احترام كرد وعلويي ودروز سوريا
مسرور بارزاني في حوار هادئ وصريح عن بغداد وترامب وإيران وإسرائيل
"نرفض أي تدخل خارجي في شؤونها"
إيران: نتواصل مع إدارة سوريا الجديدة بشكل غير مباشر ونتبادل رسائل إيجابية
الجيش اللبناني يحذر من العواقب
فيديو: أعمال شغب وحرق سيارات الأمم المتحدة على طريق مطار بيروت
"قوات البرهان الخاصة"
النجباء تعلن عن تشكيل عسكري جديد لمواجهة "الاحتلال داخل وخارج العراق"
"لا رجعة في موعد انسحاب التحالف"
العراق يفاتح سوريا بشأن 2000 مطلوب ونقاش سياسي حول الفصائل - مستشار السوداني
ترفضهم بلدانهم أفراداً وجماعات