طريق التنمية العراقي يغلق ممر سلاح إيران وستحاول تخريبه – تحليل أميركي

964

أنجز معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط، تقريراً مطولاً يتحدث عن استراتيجيات أنقرة الجديدة تجاه العراق، ومحاولاتها لتوسيع نفوذها تجارياً على حساب النفوذ الإيراني، مشيراً إلى أن طريق التنمية العراقي سيرسم محوراً من شمال العراق إلى جنوبه باتجاه الخليج العربي، ويقطع الجسر البري الذي تستخدمه طهران كممر لتزويد حلفائها بالأسلحة، ونوه التقرير إلى أن إيران لن تقف مكتوفة الأيدي، وستحاول عرقلة المشروع سياسياً عبر إبطاء البناء وتأخير التنفيذ، أو من خلال توجيه وكلائها لممارسة الضغط السياسي أو تكثيف الهجمات على الجهات التي تدعم “مشروع الطريق”.

تقرير معهد واشنطن، ترجمته شبكة 964:

استراتيجية أنقرة تجاه العراق – والتي تتلخص في الترويج للأموال التركية على الأسلحة الإيرانية – أكثر وضوحاً ومن المرجح أن تحظى بدعم الولايات المتحدة.

وفي هذا السياق، طرحت أنقرة مشروع “طريق التنمية”، الذي يربط العراق وتركيا بأوربا، ورغم أن المشروع كان منافساً “للممر الاقتصادي الهند – الشرق الأوسط – أوروبا” الذي اقترحته الولايات المتحدة، لكن حرب غزة والهجمات البحرية المستمرة التي يشنها الحوثيون أثارت مخاوف أمنية بشأن الشحن التجاري عبر البحر الأحمر، مما عزز فجأة آفاق مشروع “طريق التنمية” على حساب “الممر الاقتصادي الهند – الشرق الأوسط – أوروبا”.

ومع دعم الأموال الخليجية للمشروع، يتوقع صناع السياسات الأتراك أن المسارات الأولية ل “طريق التنمية” قد تبدأ بالعمل في وقت مبكر من عام 2027. على واشنطن أن تفكر في دعم هذه المبادرة أيضاً، خاصة إذا كانت بحاجة إلى موازنة النفوذ الإيراني في بغداد بعد الانسحاب الأمريكي الجزئي أو الكامل من العراق.

مع تزايد نفوذ إيران في بغداد، تراجع نفوذ تركيا شمالاً، لكن في الآونة الأخيرة، قررت أنقرة تحسين العلاقات مع بغداد كجزء من استراتيجيتها الأوسع نطاقاً لتعزيز إعادة المركزية في العراق، واتخذت خطوات في ذلك، وجرى توقيع عدة اتفاقيات ثنائية، ووافقت بغداد على إعطاء الضوء الأخضر لمشروع “طريق التنمية” وتصنيف عدو أنقرة – “حزب العمال الكردستاني” – ك “منظمة محظورة”، وفي المقابل، وعدت تركيا بتخصيص الموارد المائية المشتركة بشكل “عادل ومتساوٍ”، وخاصة نهري دجلة والفرات.

وتعتقد أنقرة أن عقود البناء المربحة للبنية الأساسية الخاصة بكل من الميناء والطريق السريع والسكك الحديدية لمشروع “طريق التنمية” سوف تجذب النخب في كل من بغداد و”حكومة إقليم كردستان” إلى فلكها، بينما تسعى أيضاً للحصول على دعم الولايات المتحدة لتعزيز النفوذ التركي كقوة لموازنة النفوذ الإيراني.

وإذا تحققت جميع هذه الأهداف، فمن المرجح أن تطلب أنقرة من بغداد قبول وجود عسكري تركي في شمال العراق لمنع تسلل “حزب العمال الكردستاني” عبر الحدود. وفي الوقت نفسه، سوف تطلب من “الاتحاد الوطني الكردستاني” حرمان “حزب العمال الكردستاني” من ملاذ آمن على أراضيه، التي تجاور المناطق العسكرية التركية المقترحة، وفي المقابل، سوف تعمل تركيا على دمج العراق في اقتصادها العالمي وربطه بالأسواق الأوروبية عبر طريق التجارة الجديد.

التداعيات على السياسة الأمريكية

تتوافق المصالح الأمريكية والتركية بشكل أكثر ارتياحاً وسهولة في العراق مقارنة بسوريا، ويُعد مشروع “طريق التنمية” جزءاً أساسياً من هذا التوافق، فبالإضافة إلى العائدات المربحة من عقود البناء، والوعد بالاندماج الاقتصادي مع الأسواق الأوروبية والعالمية، سيوفر طريق التنمية محوراً من شمال العراق إلى جنوبه، أيمن الحدود العراقية التركية إلى الخليج العربي – بمعنى آخر، سيقطع “الجسر البري” من الشرق إلى الغرب والذي ساعد إيران في تزويد نظام الأسد و”حزب الله” و”حماس” بالأسلحة لسنوات.

وفي ضوء ذلك، يجب على واشنطن أن تفكر في دعم هذا المشروع وخطط أنقرة الأوسع نطاقاً في العراق، حيث أن كليهما يخدم الهدف الرئيسي المتمثل في موازنة النفوذ الإيراني.

بالطبع، سوف تتأثر كل هذه الجهود بما يحدث في سوريا المجاورة، وهي الساحة الرئيسية الأخرى للتنافس الإيراني – التركي، وإذا توصلت واشنطن وأنقرة إلى اتفاق بشأن مستقبل شمال شرق سوريا، فمن المؤكد أن طهران ستتخذ خطوات لتقويض الاستراتيجية التركية الشاملة في الهلال الخصيب. فبالإضافة إلى الضغط على نظام الأسد لرفض أي اتفاق واسع النطاق مع أنقرة، يمكن لطهران الاستفادة من علاقاتها الطويلة الأمد مع “الاتحاد الوطني الكردستاني” لعرقلة الخطط التركية ضد “حزب العمال الكردستاني” في العراق.

كما يمكن لإيران أن تستخدم حلفاءها في بغداد لتخريب مشروع “طريق التنمية” سياسياً، بإبطاء عملية البناء أو تأخير تنفيذ المشروع، أو من خلال الميليشيات التي تدعمها طهران عبر زيادة ضغوطها السياسية وهجماتها على الجهات الفاعلة التي تدعمها تركيا، بما في ذلك “الحزب الديمقراطي الكردستاني” والفصائل السياسية المختلفة التي تدعم “طريق التنمية”.

ومن خلال مساعدة تركيا في مواجهة مثل هذه التحركات، بإمكان الحكومة الأمريكية تحقيق عدة أهداف أوسع نطاقاً – بدءاً من تعزيز المنافسة بين القوى العظمى في الهلال الخصيب (حيث تُعد أنقرة حليفاً طبيعياً للولايات المتحدة ضد طهران وشريكاً متزايد الأهمية مع روسيا) إلى فتح نافذة للتعاون الثنائي والتي ولّدتها التطورات الأمريكية – التركية الأخيرة (على سبيل المثال، إرسال طائرات “إف-16” لأنقرة بعد موافقتها على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي).