تقرير "Middle East Eye"
تحذير أمريكي من وساطة بغداد بين أردوغان والأسد: العراق سيدفع الثمن بعودة داعش
964
ذكر تقرير لـ”Middle East Eye” الموقع الناطق بالإنكليزية من لندن، أن الولايات المتحدة لا تدعم وساطة بغداد لإعادة العلاقات بين أنقرة ودمشق، بل تعتبرها جزءً من “تهديد إيراني” لوجود قواتها في شمال شرق سوريا، إذ يقول سفير أمريكي سابق لدى دمشق، إن من المستحيل فصل وساطة العراق عن محاولة طهران طرد الولايات المتحدة من المنطقة، كما صرح السفير الأمريكي السابق لدى العراق دوغلاس سيليمان بالقول: إن على بغداد أن تدرك خطورة انسحاب واشنطن من مساحات فيها مئات من مقاتلي داعش، ومخاطر تنقلاتهم في تلك المنطقة.
بوتين غير مرتاح لوساطة بغداد بين الأسد وأردوغان.. لا يريد توسع دور طهران
"أم المعارك" التركية أخطر مما نتصور.. أردوغان يريد اعتلاء جبل صدام وأكثر
تقرير “Middle East Eye”، ترجمته شبكة 964:
يمكن لجهود العراق في الوساطة بين سوريا وتركيا أن تجعل إيران أقرب إلى هدفها طويل المدى المتمثل بطرد القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا، ولكن مع اشتعال النيران في الشرق الأوسط بسبب الحرب في غزة، يتجاهل كبار المسؤولين الأمريكيين هذا الاحتمال.
وتحدث المسؤولون الأمريكيون عن هذا الموضوع خلال اجتماعاتهم مع وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في واشنطن، حسبما قال مسؤولان أمريكيان سابقان ومسؤول عربي حالي لموقع “Middle East Eye”.
وقال المسؤول العربي إن “العراق أخبر الولايات المتحدة قبل أن تبدأ هذه العملية، أنه يعمل على التوصل إلى اتفاق مصالحة”، مؤكداً أن “الولايات المتحدة كانت غير مبالية”.
وتعارض واشنطن تطبيع شركائها رسمياً مع دمشق، لكنها تخلت تقريباً عن تطبيق هذه السياسة مؤخراً.
ويقول محللون إن نجاح محاولة بغداد للتوصل إلى اتفاق مصالحة بين تركيا وسوريا، يمكن أن يكون مؤثراً بشكل كبير على الولايات المتحدة، والمهمة العسكرية الأمريكية في شمال شرق سوريا.
المحادثات السورية التركية تهز قوات سوريا الديمقراطية.
وصلت القوات الأمريكية إلى شمال شرق سوريا في عام 2015 كجزء من عملية العزم الصلب لهزيمة “تنظيم الدولة الإسلامية”. وكانت قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد شريكهم الرئيسي. وهُزِمت قوات “الخلافة” التي أعلنها تنظيم داعش إقليمياً في عام 2019، لكن لا يزال هناك ما يقرب من 900 جندي أمريكي في المنطقة، وتتمثل مهمتهم رسمياً في شن غارات ضد الخلايا النائمة لتنظيم داعش، لكنهم أصبحوا ورقة في رقعة الشطرنج الجيوسياسية في المنطقة.
وانتهت الحرب الأهلية التي استمرت عقداً من الزمن في سوريا مع سيطرة الأسد على حوالي ثلثي البلد، وتشكل المنطقة التي تتمتع بحكم شبه ذاتي في شمال شرق سوريا، والتي يشير إليها الأكراد أيضاً باسم “روج آفا”، الثلث الآخر تقريباً، وإن إخراج الولايات المتحدة من الشمال الشرقي هو هدف طويل المدى للأسد وروسيا وإيران،
لكن محللين ومسؤولين سابقين يقولون إن المسؤولين الأميركيين الذين ينظرون إلى المهمة العسكرية الأميركية باعتبارها عبئاً، زاد عددهم أكثر.
وقال السفير الأمريكي السابق في العراق ما بين 2016 إلى 2019، دوغلاس سيليمان: “إذا أردت إبقاء “محور المقاومة” الإيراني تحت السيطرة، فلن ترغب في تقدم المحادثات بين الأتراك والأسد”.
وأكد سيليمان: أنه “ليس من مصلحة العراق أن ينهار الأمن في تلك المعسكرات، فإذا تمكنت بغداد بوساطتها من التوصل إلى حل، ربما يهم ذلك الولايات المتحدة”.
وكان أردوغان حريصاً على التوصل إلى اتفاق مع الأسد، خاصة وأن حكومته تواجه ردود فعل داخلية عنيفة بشأن ما يقرب من ثلاثة ملايين لاجئ سوري يقيمون في البلاد وسط أزمة اقتصادية، لكن الأسد كان مصراً على معارضته للوجود العسكري التركي في سوريا.
وأفاد موقع “ميدل إيست آي” مؤخراً بأن بغداد تمكنت من تحقيق انفراجه في المحادثات من خلال إقناع حكومة الأسد بالتخلي عن شرطها المسبق الذي يقضي بانسحاب القوات التركية قبل بدء المفاوضات.
ويحذر المحللون من استمرار وجود فجوات خطيرة بين تركيا وسوريا، لكن التقدم لن يؤدي إلا إلى تأكيد مخاوف قوات سوريا الديمقراطية من استسلام الولايات المتحدة والتخلي عن حلفائها الأكراد.
وساطات عراقية بكل اتجاه
وحاولت بغداد، موطن القوات الأمريكية والميليشيات المدعومة من إيران، القيام بدور الوسيط أكثر من مرة في السنوات الأخيرة بما يشبه حالة سلطنة عمان.
وقد حظي ذلك بالاستحسان في واشنطن لأنها وضعت نفسها كجسر بين الأردن ومصر لتعزيز العلاقات الاقتصادية والأمنية. وفي وقت لاحق، بدأت محادثات بين المملكة العربية السعودية وإيران، والتي نسب إليها مسؤولو إدارة بايدن الفضل في المساعدة بنزع فتيل التوترات الإقليمية، حيث أبرمت الصين الاتفاق النهائي.
وقال سيليمان إن حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني شعرت أن لديها فرصة للوساطة، لأنها تتودد إلى تركيا، وقد حظرت بغداد حزب العمال الكردستاني وتجاهلت هجمات أنقرة على أهداف كردية في شمال العراق.
كما يتمتع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بعلاقات جيدة مع نظيره العراقي فؤاد حسين، المنتمي إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، وتريد بغداد أيضاً منع هجوم تركي محتمل على شمال شرق سوريا.
لكن روبرت فورد، السفير الأمريكي السابق لدى سوريا والذي ينتقد بشدة وجود القوات الأمريكية هناك، قال إنه من المستحيل فصل وساطة العراق عن هدف طهران العام المتمثل في طرد الولايات المتحدة من سوريا.
وقال فورد: “ليس كل ما يحدث في بغداد تسيطر عليه إيران”، لكن ما أظهرته إيران حينما كانت تركز الولايات المتحدة على غزة، هو أن أصدقاءها يمكنهم العمل مثل النمل، لتحقيق مكاسب تدريجية تعود بالنفع عليهم وعلى طهران”.