المؤرخة هيلين كريس في بغداد

لا يمكن نسيان بابل من الاحتلال الفارسي حتى الإسكندر.. مرافعة ألمانية في بيت المدى

شارع المتنبي (بغداد) 964

أقام بيت المدى للثقافة والفنون بشارع المتنبي، بالتعاون مع معهد غوته، جلسة بعنوان “استكشاف بابل، من المصادر القديمة إلى التراث العالمي”، قدمتها المتخصصة بآثار الشرق الأوسط، د. هيلين كريس، بمشاركة المترجم د. محمد شبيب من جامعة بغداد.

كريس عالمة آثار متخصصة في آثار الشرق الأوسط، وتعمل مسؤولة للمعارض في متحف الشرق الأدنى في برلين، وهي عضو في بعثات التنقيب الألمانية في العراق وسوريا وتركيا والأردن، حاصلة على الدكتوراه في علم الآثار عن دراستها لمعبد آشور في مدينة آشور، وهو الملاذ الرئيسي للإمبراطورية الآشورية.

صدر لها مؤخراً كتاب عن مدينة بابل، تُرجم إلى اللغة الإنكليزية، وسيصدر قريباً بترجمة عربية.

هيلين كريس – متخصصة بآثار الشرق الأوسط:

تعدّ بابل موقعاً مميزاً بين المواقع الأثرية المهمة في العراق، وهي مكان لم يُنسَ أبداً، وقد جرى تناقل تاريخها بطرق مختلفة، وكانت مركز الإمبراطورية البابلية التي حكمها حمورابي في القرن الثامن عشر قبل الميلاد.

في عهد حمورابي تطورت بابل لتصبح مركزاً للتعليم والشعر والفنون، ثم بدأت بالانهيار في عهد ابنه.

وفي القرون اللاحقة كانت بابل تحت سيطرة الحكم الأجنبي، قبل أن يتمكن نبوخذ نصر من إعادة استقلال بابل.

نفذ نبوحذ نصر الثاني العديد من مشاريع البناء الكبيرة، حيث بنى القصور والمبعابد والتصحينات إلى جانب بوابة عشتار.

مع ذلك، فإن هيمنة بابل لم تدم طويلا، فقد غزا الملك الفارسي كورش الثاني المدينة وأنهى استقلال بابل إلى الأبد.

وكانت بابل قد خضعت لحكم الفرس لمدة مائتي عام قبل وصول الاسكندر المقدوني إليها.

سار الاسكندر بجيشه إلى بابل فاستقبله الناس بالترحاب حيثما حل، وعندما اقترب من اسوار بابل طلب من جنوده الاصطفاف والانتظام في مسيرتهم، وأراد ان يظهر للبابليين انه جاء لتحريرهم من البطش الفارسي، ففتحت البوابات وخرج كبار المسؤولين لاستقباله يرشون الأرض ازهاراً ويحملون أواني فضية للبخور والعطور.

دخل الإسكندر بابل في ربيع 323 قبل الميلاد في بلدة تدعى سوسة تقع على اعالي نهر الفرات في سوريا حاليا، وقام بنصب معسكره بالقرب من النهر.

احتفظت بابل خلال تلك الفترة بمعظم مؤسساتها وامتيازاتها وأعيد اعمار ما تخرب من معابدها.

وكان الإسكندر مدركاً للأهمية التجارية للمدينة، فسمح لحاكمها بسك العملة وبدأ بإنشاء ميناء لتشجيع التجارة.

لبابل مكانة خاصة في التاريخ تُعزى أولًا لعمارتها الفريدة انطلاقاً من جُدرانها وأبوابها الضخمة التي أحاطت صيوان المدينة، أهمها بوابة عشتار، والجنائن المُعلقة.

لا تزال هنالك العديد من مواقع المدينة والتي كانت يوماً إحدى أهم مُدن الشرق الأدنى القديم غير مُكتشفة، لأن آفاق البحث الجديد قد تقلصت منذ فترة طويلة نتيجة الحروب والأزمات التي عصفت بالعراق.

بدأت حملات التنقيب عن بلاد الرافدين القديمة مطلع النصف الأول من القرن التاسع عشر، وأصبحت أكثر كثافة في العقود التالية.

تباطأت أعمال التنقيب بشكل كبير بسبب قرار الحكومة العراقية تنفيذ برنامج لإعادة إعمار وترميم بعض معالم المدينة، ونتيجةً لوضع العراق السياسي منذ العام 1990.