خلال مؤتمر التحديات في بغداد
“نحتاج منهجاً معدلاً لمواجهة التغيّرات المفاجئة”.. كلمة العلاق للمصارف العربية
بغداد – 964
أكد محافظ البنك المركزي علي العلاق، اليوم الاثنين، وجود صدمات عديدة تواجه القطاع المصرفي، منها الطلب مقابل العرض، والمخاطر الخاصة مقابل المخاطر النظامية، والصدمات العابرة مقابل الدائمة، مبيناً ضرورة وجود منهج معدل في مواجهة التغيرات المفاجئة وغير المتوقعة.
البنك المركزي يحظر التعامل بالدولار مع 14 مصرفاً عاقبتها واشنطن (وثيقة)
تسلسل زمني لـ 15 عاماً من العقوبات الأميركية ضد أفراد وكيانات عراقية
وقال العلاق خلال مؤتمر “التحديات التي تواجه المصارف العربية في الامتثال للقوانين والتشريعات الدولية وتلبية متطلبات البنوك المراسلة”، المنعقد في بغداد بحضور عدد كبير من المسؤولين المصرفيين والاقتصاديين العرب، وتابعته شبكة 964:
يسعدني أن أرحب بكم في بلدكم الثاني العراق، وأتقدم بالشكر والعرفان لمجلس إدارة اتحاد المصارف العربية والأمين العام لرابطة المصارف العراقية الخاصة ولكل من ساهم في تمكين انعقاد هذا المؤتمر الذي لا يخفى على الجميع أهميته في إطار التعاون والشراكات العديدة التي يقيمها البنك المركزي العراقي مع مختلف المنظمات والمؤسسات العربية والدولية. وانفتاحه عليها بهدف تبادل الخبرات وتحسين الأداء في القطاع المصرفي والمالي.
إن ذلك يعكس مدى توافق الرؤى التطويرية والأهداف الاستراتيجية في ما يتعلق بالموضوعات التي يتم تناولها، والتي تركز على مجالات جوهرية وأساسية، مثل دعم التنمية الاقتصادية ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ورقمنة الخدمات والمنتجات المالية والمصرفية، والمدفوعات الإلكترونية وتحقيق أهداف الشمول المالي.
هذه المواضيع تؤثر بشكل مباشر في الاقتصاد وحياة المواطنين، حيث لا يمكن البحث في واقع القطاع المصرفي وواقع المصارف بعيداً عن الاقتصاد الكلي.
البنوك المركزية واجهت تحديات متزايدة بعد عقود من الوظائف والمهمات التقليدية والتي يمكن أن تكون أقرب إلى السكون، حتى حملت كل فترة تحديات مختلفة استدعت منهجاً خاصاً في مواجهتها وبعد فترات طويلة من الانخفاض في أسعار الفائدة والتضخم، بدأ الاقتصاد العالمي يواجه مرحلة تتسم بارتفاع التضخم وارتفاع مستويات الدين العام والدين الخاص، ما دعا البنوك المركزية إلى أن تتلمس الحاجة الملحة، لإدراج الاستقرار المالي وبواعث القلق بشأن الانكماش ضمن نماذجها الاقتصادية واستحداث أدوات غير تقليدية للتعامل معها.
الأزمة المالية في عام 2008 أعقبتها سلسلة من التحديات، حيث ارتفع الدين العام والاندفاع نحو رفع الفائدة لمواجهة تهديدات التضخم لما يجعل خدمة الدين العام أكثر تكلفة، وهنا يصعب التوازن في تحقيق أهداف متقاطعة تصعب المقاربة فيما بينها، ومنذ أزمة كورونا بدأ واضحاً أن السياسة المالية العامة يمكن أن تصلح أحد العوامل الدافعة لزيادة التضخم.
طبيعة الصدمات ووتيرة حدوثها تغيرت محلياً ودولياً، حيث كانت الصدمات تاريخياً تحدث بسبب زيادة الطلب أو انخفاضه باستثناء صدمات العرض والذي يعرف بالركود التضخمي في سبعينيات القرن الماضي وهناك صدمات عديدة اليوم منها الطلب مقابل العرض، والمخاطر الخاصة مقابل المخاطر النظامية، والصدمات العابرة مقابل الدائمة، مما يتطلب منهجاً معدلاً في مواجهة التغيرات المفاجئة وغير المتوقعة.
البنوك المركزية تواجه تحديات جديدة في التفاعل بين الاستقرار المالي والنقدي، في ظل هيمنة السياسة المالية العامة واضطرار البنوك المركزية إلى تسهيل ديون الحكومات المفرطة، على حسب الضبط المالي الذي يستلزم تقليص الإنفاق أو زيادة الإيرادات المحلية أو كليهما.
القطاع المصرفي العراقي شهد عبر 10 سنوات منصرمة تطورات نوعية كبيرة استجابة لمتبنيات وسياسات البنك المركزي العراقي، حيث أدخلت وطبقت لأول مرة مفاهيم وممارسات قواعد الامتثال والحوكمة وإدارة المخاطر والرقابة الاحترازية والرقابة المبنية على المخاطر وإدارة الجودة الشاملة واستمرارية الاعمال والخدمات الرقمية والشمول المالي.
رغم كل هذه التطورات تبقى هناك تحديات كبيرة ومتصاعدة تتمثل بتحديات الامتثال للقوانين والتشريعات والمتطلبات والمعايير الدولية، وهذه التحديات لها صلة وتأثير مباشر على انفتاح المؤسسات المالية المحلية على مثيلاتها الدولية.
بقدر ما يحققه كل ذلك من تحقيق التواصل والارتباط مع العالم الخارجي، فإنه بلا شك يحمل تحديات وآثار كثيرة، وآمل أن يوفق هذا المؤتمر في إشباعه والوصول إلى حلول ناجعة لهذا التحدي وتكريس التعاون والتنسيق بين البنوك المركزية العربية والمصارف العربية والمؤسسات المالية غير المصرفية، لتحقيق الاستقرار والنمو.