بغداد – 964
كشفت مصادر مصرفية عن تغيير دراماتيكي في نظام الحوالات المالية، كان سبباً أساسياً في رفع سعر صرف الدولار خلال الأسابيع الأخيرة، إلى نحو 1500 دينار.
وقالت المصادر، لشبكة 964، إن نسخة محدّثة لنظام نقل الأموال ”السويفت“ طلب الأميركيون اعتمادها ”أونلاين“ في البنك المركزي العراقي لمراقبة حركة الدولار لحظة بلحظة من أجل محاصرة عمليات غسيل الأموال.
تحديث:
الخميس 15 كانون الأول الساعة 14:31: بعد نشر هذه المادة، اعترف البنك المركزي العراقي بأن ارتفاع سعر الصرف يعود إلى ”بناء منصة رقمية جديدة لتلقي طلبات شراء الدولار تتيح التنسيق مع الجهات الرقابية الدولية“.
وخفض البنك المركزي قيمة الدينار عام 2020، استجابة ”للضغوط الاقتصادية المتزايدة، وبينها تراجع أسعار النفط“، وحدد السعر حينها عند 1450 دينار بدلا من 1182.
ومن دون إعلان صريح من البنك المركزي هذه المرة، انخفضت قيمة الدينار بنسبة 2 في المئة ليستقر الدولار عند 1500، مع تغييرات طفيفة على مدار اليوم.
وتداولت مجموعة ”واتساب“ محدودة تضم خبراء مال ومصرفيين ومسؤولين سابقين، فرضية تتعلق برجال أعمال وشركات صرافة سحبت كميات كبيرة من الدولار ”الكاش“، بزعم أنها ”لتعويض نقص العملة الصعبة في سوريا وإيران“، على خلفية العقوبات الأميركية المفروضة على البلدين.
وتنشط هذه الفرضية كلما ارتفع سعر الصرف واضطرب سوق المال في البلاد، لكن من الصعب التحقق منها بسبب ”غياب الشفافية المصرفية، واشتباك سوق المال بالمؤسسات الحزبية“ بحسب موظف سابق في البنك المركزي.
ويعتمد البنك المركزي على نافذة بيع العملة الأجنبية لحفظ التوازن بين قيمة الدولار ومتطلبات السوق والمتغيرات السياسية، لكن من الواضح أن متضررين من تقييد حركة المصارف سحبوا الدولار من خارج المنفذ الرسمي، وفقاً لمدير أحد البنوك النشطة في بغداد.
وحاول البنك المركزي استعادة التوازن بإعلانه الأسبوع الماضي زيادة حصة المبيعات من الدولار إلى 1.8 مليون دولار أسبوعياً لكل شركة صرافة، لـ”تحقيق الاستقرار في المستوى العام للأسعار وأسعار الصرف ولتلبية الطلب المرتفع على العملة الأجنبية في الاسواق المحلية“ وفقاً لبيان صحفي.
وتحدث مواطنون لشبكة 964، عن زيادة طفيفة طرأت على أسعار خدمة المطاعم والملابس والأجهزة الإلكترونية، فيما شاعت أحاديث عن ”مخطط غامض لإيصال الدينار إلى هاوية 1600 لكل دولار“.
وقال مصرفي عراقي، شدد على عدم ذكره اسمه، إن ”اضطراب السوق يعود أساساً إلى تعديل في برنامج ”السويفت“، وفقا لاشتراطات وضعها البنك الفيدرالي الأميركي، أسفر عن استبعاد مصارف محلية من عمليات الشراء، بسبب الفشل في تقديم معلومات كافية أو موثوقة.
ونظام ”السويفت“ برنامج اتصالات مالية يهدف إلى ربط المعلومات وتبادل الرسائل بين جميع أسواق المال، وبعد تعديله في البنك المركزي إلى نافذة رقمية مفتوحة، بات بإمكان البنك الأميركي الإطلاع على المعلومات المصرفية المرتبطة بالتحويلات المالية في لحظة حدوثها.
وسابقاً، كان أصحاب طلبات الشراء يقدمون بياناتهم المالية لموظفين عراقيين يتولون بأنفسهم إدخالها في نظام السويفت، فيما يتعاطى الأميركيون مع البيانات التي يقدمها لاحقاً البنك المركزي.
لكن النسخة المحدثة لنظام ”السويفت“، منحت للأميركيين والعراقيين إمكانية الإطلاع في اللحظة نفسها على بيانات المصارف قبل الموافقة على بيعها الدولار.
وأوضح المصرفي العراقي، لشبكة 964، أن التغييرات التي نقلت النظام إلى نافذة رقمية معدلة، شملت شروطاً على المصارف تتعلق بالأمان المصرفي والتحقق من غسيل الأموال، مشيراً إلى أن استبعاد مصارف عراقية من نافذة البيع قلل كميات الدولار في السوق ما خفض من قيمة الدينار.
وأرجعت مصادر مختلفة ارتفاع سعر الصرف إلى استبعاد 4 مصارف عراقية يملكها رجل الأعمال علي غلام؛ وهي ”الشرق الأوسط“، القابض“، الأنصاري“، و“آسيا“، وتستحوذ جميعها على نحو 45 في المئة من قيمة التداول، بمقدار 75 مليون دولار يومياً، وفقاً لثلاثة مصادر على صلة بمبيعات الدولار.
وكتب الأكاديمي نجم الغزي، منشوراً على ”فيسبوك“، نسب فيه ارتفاع سعر الدولار إلى عقوبات من وزارة الخزانة الأميركية على 4 مصارف عراقية، لعدم توافقها مع المعايير الأميركية في مكافحة غسيل الأموال“.
وفي أدناه، جدول زمني لعينة عشوائية من مبيعات البنك المركزي اليومية، تظهر حجم انخفاضها خلال نحو 50 يوماً:
250 مليون دولار
242 مليون دولار
207 مليون دولار
189 مليون دولار
201 مليون دولار
151 مليون دولار
104 مليون دولار
96 مليون دولار
وأكد المصدر المصرفي، لشبكة 964، أن ”استبعاد مصارف غلام الأربعة كان قراراً إدارياً، سبق التعديلات الرقمية الجديدة على نظام السويفت، والذي أصبح الآن بمثابة حارس بوابة يمنع دخول مصارف قد تكون متورطة بغسيل الأموال“.
لكن الغزي، الذي كان مرشحاً لمنصب محافظ ذي قار عام 2021، قال إنه ”في يوم قرار الاستبعاد، وقبل نهاية الدوام الرسمي في 3 تشرين الثاني الماضي، سمح البنك المركزي للمصارف الأربعة بسحب الأموال بالدولار، ما أثار غضب البنك الفيدرالي الأميركي الذي أرسل تحذيراً شديد اللهجة للعراقيين“.
وتوقع المصدر عودة أسعار الصرف إلى حافة 1450 خلال أسبوعين مع استقرار العمل بالنافذة الجديدة، مشيراً إلى أن الجهات المتضررة من ”حارس البوابة الأميركي ستبتكر حيلاً جديدة للالتفاف عليه“.
وقرر البنك المركزي، زيادة سقف مبيعات الدولار لـ”المواطن المسافر أو الموظف الموفد” إلى 5000 دولار شهرياً، بسعر صرف ثابت، يبلغ 1470 دينار للدولار الواحد.
وقال المصدر المصرفي، لشبكة 964، إن ”تجاراً وأصحاب مصارف يلجأون لشراء الدولار بعنوان مسافر للحصول على كميات من الدولار، لكنها محدودة، قياسا بما توفره حيل أخرى كتقديم طلبات شراء العملة الصعبة استناداً إلى إجازات استثمار أو عقود ومقاولات مع المؤسسات الحكومية“.
تحديث:
الخميس 15 كانون الأول الساعة 20:40: رئيس الوزراء محمد السوداني يؤكد أن “ارتفاع سعر الصرف أمر مؤقت”، ويشدد على ضرورة “عمل المصارف وفق السياقات التجارية المعمول بها عالمياً، والاستيراد بموجب الاعتمادات المستندية”.
