أسرار صناعة "الجود" والخيمة
رحلة الشتاء تبدأ في صحراء العراق.. بدو السماوة: سنعود إليكم مع غياب “سهيل” (صور)
بادية السماوة 964
“رحلة الشتاء” ستبدأ، فقد دخل موسم الأمطار ذروته الأولى وبدأ بدو العراق بالاستعداد للرحيل نحو المراعي التي سرعان ما ستكتسي باللون الأخضر، ورغم اتساع البادية لكنها تبدو ضيقة بعيون رعاة الإبل والماشية، فالبحث عن مكان يناسب شروط ومعايير التخييم في الشتاء يبقى صعباً، ويجب ان يضمن السلامة من السيول والحيوانات المفترسة، إلى جانب توفر العشب والماء، حتى ينتهي الشتاء وتبدأ رحلة الصيف مع غياب “النجم سهيل” الذي تعده العرب مقياساً سماوياً للرحلات الشهيرة.
فيديو: بدو السوالم عادوا بالإبل إلى مراعي البصرة.. رحلة الشتاء انتهت
فيديو: أشهر بحاري الفاو يقود السفن على هدي النجوم ويعتز بمحركات أوكرانيا
أين تسكن في الصحراء.. الرائد فقط يعلم؟
تبدأ رحلة البدو بالمسير بصحبة المواشي من الأغنام والأبل، وتسبقهم الشاحنات المحملة بالخيام وبقية المقتنيات إلى المكان المناسب، وكانت الأمتعة سابقاً تنقل على ظهور الحمير.
يتم اختيار الأماكن المناسبة بواسطة خبير يسبق القافلة، وعادة ما يبحث عن موقع مرتفع عن الأرض لتجنب سيول الأمطار، قرب “الفيضة” وهو الوادي الذي ينبت فيه العشب وتتجمع به المياه.
تنصب الخيام على شكل مستطيل، ويكون بابها باتجاه الشرق أو الشمال، وتثبت الحبال بأوتاد تسمى “الخية”، وترفع سقوفها بأعمدة كثيرة أبرزها العمود الوسطي الذي ترتكز عليه الخيمة، وتزداد الأعمدة كلما كبر حجم البيت.
مراد الزيادي – أحد البدو الرحل، لشبكة 964:
قبل الارتحال من مكان إلى آخر نقوم بإرسال شخص خبير بطرقات البادية وشعابها نسميه “الرَوّاد”، الذي يكتشف الصحراء للبحث عن مكان الماء والعشب الذي ينمو بعد هطول الأمطار.
بعد أن يعثر على “فيضة” محددة يتوفر فيها العشب يعود ويبلغ أهله وعشيرته، ثم نقوم بهدم البيت والاستعداد للرحيل.
صناعة قربة الماء
أهم ما نجهزه هو “الجود” المصنوع من جلد الماعز إذ نملأه بالماء الكافي لمسيرنا طيلة الرحلة إلى المرعى الجديد.
ولصناعة “الجود” نضع “الدباغ” المعمول من قشور الرمان المطحونة بشكل جيد “بالجاون والميجنة” في جلد الماعز مدة 3 أيام ليعطيه اللون الأصفر.
بعدها نأتي “بالجفت الأسود ” المصنوع من جلد الماعز أيضاً، ونضعه في ماء مغلي، ثم يخاط فوق الجود، لحمايته وزيادة متانته كي يتحمل ثقل الماء واحتكاكات التنقل، ويترك منفذ واحد ثم يملأ بالماء ويغلق.
أبو فيصل – أحد البدو لشبكة 964، عن صناعة بيت الشَعر (الخيمة):
بيوت “الشعر” تصنع من شعر الماعز أو من الخيم التي تصنع من القطن، ونفضل الشعر لأنها قوية وتمنع تسرب مياه المطر، وتكون دافئة في الشتاء ومناسبة في فصل الصيف.
على الجانبين نضع ما يعرف بـ “الحوادر” التي تحمي العائلة من البرد.
خصوصية العائلة.. تباعد الخيام
عادة تنصب بيوت البدو على مسافات متباعدة، للحفاظ على الخصوصية لكل عائلة، ونترك الماشية لتتحرك بحرية وترعى في البر، يرافقها الراعي.
حتى غياب “نجم سهيل”
بعد انتهاء فصل الربيع وغياب “نجم سهيل” وتحوّل العشب من الأخضر إلى الأصفر اليابس، نبدأ بالترحال والعودة إلى مناطق أخرى قريبة من المدينة يتوفر فيها الماء.
نعتمد على بقايا الحصاد في الأراضي الزراعية، ويسمى “الجل”، أو نشتري الشعير كعلف لفصل الصيف، وننتظر عودة الأمطار ونمو العشب لنبدأ الرحلة من جديد.
يتقيد الغنّامة بالرعي قرب المدينة في فصل الصيف، فيبنون “الشبك” كحضيرة للماشية خوفاً عليها من الضياع أو السرقة أو تعرضها لهجوم الحيوانات البرية، وخاصة “الهارف” الخطير، وهو من فصيلة الذئاب لكن شكله أقرب الى الثعلب.