الكشتبان يصبح رفيقك الدائم
تعلمنا الخياطة بقسوة وليس بدلال اليوم.. أبو عمر يتذكر حياة السبعينات في بعقوبة
بعقوبة (ديالى) 964
يجلس محمد جليل الحميري، أبو عمر، خلف ماكنة خياطة قديمة داخل محل صغير وسط سوق بعقوبة القديم منذ أكثر من 30 عاماً، ويبدو أنه لن ينقل هذه المهنة لأحد أفراد عائلته، بسبب قلة الإقبال عليها مع دخول الملابس المستوردة وسيطرتها على الأسواق.
أبو عمر، ينقل جانباً من ذكريات الحياة في بعقوبة أيام السبعينات والثمانينات، ونشأته وتعلمه المهنة.
الفصال الخليجي الجاهز يغلق محلات الخياطة في تكريت.. الدشداشة بـ30 ألف (فيديو)
محمد جليل الحميري لشبكة 964:
في سبعينيات القرن الماضي تعلمت على يد الأستاذ إبراهيم سعيد الخياط رحمه الله في خانقين، إذ تعلمنا ببطء لأن الخياط المحترف يعلمك الأشياء البسيطة في البداية، مثل “لگط البناطيل” ويحاسبك على أي خطأ، كأن يخرج الخيط من القماش، ويجبرك على إعادة العمل حتى تتقنه.
العمل الآن ليس كما في السابق، فآباء الأولاد المتدربين، يشترطون أجراً لأبنائهم قبل مباشرتهم التدريب.
بدأت بالعمل في الثمانينات هنا في بعقوبة، ولكن قبلها كنت في خانقين حيث ولدت.
في ذلك الحين عندما كنت مع أستاذي، كان يخيط القائمقام بدلاته عندنا، والقائمقام في ذلك الوقت كان منصباً مهماً، فالناس كانوا نادراً ما يدخلون مركز الشرطة، لأن المخاتير يتولون معالجة المشاكل.
كان عمي الحاج بدري مختاراً في خانقين وهو يحكم ويعالج الأخطاء ويحاسب حتى أولاد المنطقة الصغار إذا وجدهم في المقاهي.
في السابق كان الكثير من الناس لايملكون المال إذ يجلب الضباط البدلات العسكرية إلى محلي لقلبها بعد تضرر لونها الخارجي من الغسيل وكثرة ارتدائها.
شاركت في الحرب العراقية الإيرانية طوال 8 سنوات وكنت كاتبا في الجيش.
من أصعب المواقف التي مررت بها، حين قمت بحرق دشداشة جديدة أثناء كويها، وأوضحت لصاحبها القصة وتقبل الأمر ورفض تغريمي.
“الكشتبان” أعتبره صديقي، وهو أشبه بالمحبس لدفع الإبرة في القماش، وهو معي منذ 25 سنة وبدونه أضيع، وكذلك الأولچي أو متر القياس لا أستطيع الاستغناء عنه.
العمل تراجع كثيراً، وطلبات “الفصال” أصبحت قليلة جداً، لكني سأبقى في المهنة لأني أحبها، وأنا مثل السمكة لا أعيش خارج الماء.
عملنا الحالي ينحسر على “كف” الدشاديش وخياطة عباءة الشيوخ، ويعرفني معظم شيوخ ديالى.
رسالتي للخياطين الجدد هي أن يحبوا مهنتهم ويكونوا صادقين ولا يكذبوا في المعاملات مع الزبائن.