دليلك القانوني للسجن المؤبد

تشريح “جرائم المعلوماتية”: مسودة واحدة ربحت المواجهة مع “لوبي” الحريات

بغداد – 964

في 21 تشرين الثاني 2022، تسلل مشروع قانون جرائم المعلومات إلى قبة البرلمان، بعد 4 محاولات تمرير فاشلة منذ عام 2011، شهدت جميعها تعديل مواد وحذف أخرى، لإقناع الرأي العام والمنظمات الدولية بأن القانون لن يكون “سوطاً بيد القوى السياسية”، كما يصف معلّقون مهتمون بمراقبة ملف حرية التعبير.

وتحركت المياه الراكدة برسالة من وزيرة الاتصالات هيام الياسري، المنتمية لكتلة “عطاء” برئاسة فالح الفياض، تطلب فيها من البرلمان تسريع تشريع القانون، المقدّم منذ عام 2011، فيما كان تحديد هذا العام في سياق الرسالة، شيفرةً للمشرّعين لاعتماد أول مسودة أثارت الجدل، وترك المسودات المنقّحة التي تلتها.

من حرّك الحدث؟

حتى قبل أن يكمل محمد شياع السوداني شهره الأول رئيساً للحكومة الجديدة، حرّرت الوزيرة هيام، في 13 تشرين الثاني 2022، رسالة لاستعجال المشرّعين العراقيين من أجل إنهاء مسألة عالقة منذ نحو عقد، وهذا أبرز ما فيها:.

بعد 8 أيام فقط، وضع مجلس النوّاب مشروع القانون على جدول القراءة الأولى، وتولّت الأمر 7 لجان، من بينها الأمن والدفاع والاتصالات، إلى جانب حقوق الإنسان.

وتبين أن البرلمان، وبناء على طلب وزارة الاتصالات، اعتمد المسودة الأولى، أي النسخة الخالية من تعديلات فرضتها جماعات الضغط العراقية والمنظمات الدولية، والتي كانت في المجمل ترصد الأحكام المقيدة للحريات، أو التي تسمح بتأويلها سياسياً لصالح مجموعات نافذة في السلطة.

راجع فريق الكتابة في “شبكة 964” مسار التعديلات التي أجريت على المسودة الأولى منذ صياغتها وتقديمها للمرة الأولى في حكومة نوري المالكي الأولى، استناداً إلى وثائق رسمية وبيانات مشرّعين ومسؤولين حكوميين، وحصل على تسلسل زمني لدورة حياة التعديلات:

يوليو 27, 2011

القراءة الأولى لمشروع القانون في مجلس النواب.

يوليو 27, 2011
يوليو 11, 2012

لجنة الثقافة تقرّر عقد جلسة استماع موسعة لـ 40 منظمة وصحفي وناشط للتداول بشأن مواد جدلية في القانون.

يوليو 11, 2012
يوليو 25, 2012

رئاسة البرلمان توافق على عقد جلسة الاستماع مع أخذ رأي هيئة الإعلام والاتصالات.

يوليو 25, 2012
يناير 22, 2013

لجنة الثقافة طلبت إيقاف تشريع القانون بعد جلسة حوار نظمتها اليونسكو، واعتبرت المشروع “انتكاسة للحريات في العراق”.

يناير 22, 2013
يناير 25, 2013

رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي يوافق على إيقاف تشريع القانون وسحب مسودته.

يناير 25, 2013
يوليو 21, 2017

البرلمان يناقش مشروع القانون ويدعو إلى تشريعه في “أسرع وقت ممكن”.

يوليو 21, 2017
ديسمبر 12, 2019

البرلمان يقرأ مسودة القانون قراءة أولى.

ديسمبر 12, 2019
نوفمبر 21, 2020

لجنة الأمن والدفاع تعلن إعادة صياغة قانون جرائم المعلومات، بعد “التشاور مع خبراء ومختصّين تمهيداً لإقراره”.

نوفمبر 21, 2020
نوفمبر 23, 2020

مجلس النواب يقرأ مسودة القانون قراءة أولى، وقرر الثانية في 29 تشرين الثاني 20.

نوفمبر 23, 2020
نوفمبر 25, 2020

25 تشرين الثاني 2020: منظمة “هيومن رايتس ووتش” تنتقد مشروع القانون لأنه “يتعارض مع القانون الدولي ويحد بشكل خطير من الحق في حرية التعبير”.

نوفمبر 25, 2020
يونيو 5, 2022

لجنة الأمن والدفاع تؤكد سعيها لإعادة عرض مشروع قانون جرائم المعلومات.

يونيو 5, 2022
نوفمبر 13, 2022

وزيرة الاتصالات هيام الياسري تبعث برسالة إلى البرلمان تطلب “تسريع تشريع” القانون.

نوفمبر 13, 2022
نوفمبر 21, 2022

البرلمان يقرأ المشروع قراءة أولى.

نوفمبر 21, 2022

ووفقاً للتسلسل الزمني للقراءات الأولى، فإن دورة حياة القانون تظهر سياقاً واحداً، إذ تتصاعد التعديلات المراعية لنداء المنظمات الدولية قبل احتجاج تشرين 2019، قبل أن تنتبه القوى السياسية إلى أن المسودة الأولى سلاحٌ في متناول اليد، لتجريم أو تقييد التظاهرات في البلاد.

وبحسب البحث الذي أجراه “فريق الكتابة”، فإن لمشروع قانون جرائم المعلومات نسختان، الأولى تعود لعام 2011، وهي نفسها قٌدّمت أخيراً للقراءة الأولى في البرلمان، أما الثانية فتعود لعام 2019، ولم تنشرها المؤسسة التشريعية على موقعها الرسمي على الإطلاق، وفي أدناه أبرز الفوارق بينهما:

نسخة 2011: 11سبباً للمؤبد

نسخة 2019: لا توجد

نسخة 2011: 50 مليون دينار

نسخة 2019: 15مليون دينار

نسخة 2011: 500 ألف دينار

نسخة 2019: مليون دينار

11 عقوبة بالسجن المؤبد وردت في نسخة عام 2011، استناداً إلى مبررات مختلفة تتعلق بسلوك الأفراد في المنصات الرقمية والفضاء العام، أبرزها “من يستخدم عمداً أجهزة الحاسوب بقصد تكدير الأمن والإساءة لسمعة البلاد”، و”من ينشر ويذيع وقائع كاذبة لإضعاف الثقة بالنظام المالي الإلكتروني”.

على مدى 13 عاماً، تمكنت مسودة واحدة من الصمود في المؤسسة التشريعية، رغم تعديلها وسحبها مرات تحت ضغط الشارع ولوبي الحريات في العراق، وبقيت جاهزة للتصويت كلما بدأت دورة تشريعية أعمالها في ثلاث برلمانات متعاقبة.

علي الشلاه، النائب السابق، الذي عاصر النسخة الأولى الصامدة يفسر سر بقادها رغم دورة حياة مضطربة، بأن القوى السياسية الرئيسة، وغالبيتها تنضوي اليوم داخل الإطار التنسيقي، مهووسة بإنهاء معركتها الناشطين والمدونين، إذ يعرف (الشلاه) عدداً كبيرا من النواب لن يتراجعوا عن قانون يمنع أصحاب الرأي من نقدهم علانية دون رادع.

سأل فريق الكتابة 4 مختصّين بملف حرية التعبير ومراقبة قوانينها، عن أبرز التغييرات التي طرأت على المسودة منذ قراءتها الأولى، وكيف عادت إلى مسودة عام 2011:

Exit mobile version